Site icon IMLebanon

سامي رئيساً: انتهى زمن «المدرسة»!

أقفلت «مدرسة الكتائب». الحزب الذي أقامه بيار الجميّل من بين الأموات على وشك الدخول في «الكوما» مجدداً في عهد صاحب شعار «أنا وخيي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب»!

غداً يوم آخر لكل من فقدوا ثقتهم بالأحزاب والسياسيين المتاجرين بمصالح اللبنانيين. غداً سيجد هؤلاء حزباً واسعاً يحتضن طموحاتهم، وستكتشف الحركة الاقتصادية أخيراً دورتها الجدية، وستتوافر فرص العمل وتتجاوز الطبقة الوسطى أزمتها. غداً، وهو لناظره قريب، ستتواصل «الثورة المستمرة منذ 1958 على التقليد السياسي عبر ترشيح شباب كفوئين» مثل النائب سامر جورج سعادة ونديم بشير الجميّل وسامي أمين الجميّل.

غداً «سنثبت أننا عندما نمسك يد أحد فنحن لا نتركها»: ما كنا لنترك يد الرئيس السوري حافظ الأسد ولا آرييل شارون لو لم يتركونا هم. غداً سيحرر المواطن من الزبائنية والواسطة، وسيستكمل بناء الدولة المدنية، وسيجد اللبناني رؤية اقتصادية متكاملة لرد لبنان على طريق النمو. غداً ستحل أزمة الكهرباء والدين العام. غداً سينتخب سامي أمين بيار الجميّل رئيساً لحزب الكتائب، في دليل واضح على تقدمية هذا الحزب وحرصه على «الشباب الكفوئين».

الاستغراق في تأمل خطاب النائب المتني، أول من أمس، يبين عدة نقاط إضافية. فالشيخ بيار، لا الشيخ أمين مع الأسف، هو مثال الشيخ سامي الأعلى بحسب قوله.

والشيخ بيار بنى، بحسب معلومات الشيخ سامي، أكبر حزب في الشرق: حزب الكتائب أكبر من الإخوان المسلمين وحزب البعث والحزب القومي بحسب «ساميبيديا». أما الرئيس أمين الجميّل، وهو «رجل فكر كبير خطّط للمستقبل»، فقد «حافظ على سيادة لبنان واستقلاله خلال 6 سنوات من توليه رئاسة الجمهورية»، بدليل بسط الجيش اللبناني نفوذه على أجزاء صغيرة من أقضية بعبدا والمتن الشمالي وكسروان، فيما خسرت الدولة سيادتها على كامل المساحات الباقية لمصلحة الميليشيات والاحتلال الإسرائيلي والتنظيمات الفلسطينية والجيش السوري. ولا ينسى الجميل الإشارة، أخيراً، إلى بطولات عمه وعطاءاته (لإسرائيل)، هو «الذي علمنا (أنا ووالدي الشيخ أمين) أن نقول الحقيقة مهما كانت صعبة».

عهد سامي الجميّل في الكتائب كعهد كارلوس إده في الكتلة الوطنية

كيف أمكن الجمهور البقاء جالساً؟ هناك ما هو أكثر بكثير من استغباء الرأي العام أو استهباله: يقول سامي إن «الكتائب ليس حزب الزعيم، بل فريق عمل». وفي دليل آخر على تقدمية الحزب وعظمة مبادئه ومواكبته للعصر، يكشف عن شعاره في الحياة: «أنا وخيي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب». سامي الجميّل، مواليد كانون الأول 1980، لكنه يتذكر باشتياق واضح، ككل أبناء جيله، الرئيس كميل شمعون والعميد ريمون إده و – حرصاً على التوازن المذهبي – الرئيس صائب سلام والشيخ محمد مهدي شمس الدين. وهو يتذكّر، عندما كان في السادسة عشرة من عمره عام 1997، «النزول أيام الوصاية السورية» والجامعة اليسوعية و»الريو»؛ مع العلم أن من كانوا معه في «الريو»، عام 2004، يتذكرون اتصاله بوالده دامعاً ليطلب من الضابط المسؤول إنزاله من «الريو» لأنه ابن رئيس جمهورية سابق. لكنه الآن ليس ابن الرئيس، بل مناضل تولى عام 2000 الأمور اللوجستية في معركة شقيقه النيابية، وقد نصب «غيفارا بكفيا» أول خيمة في ساحة الشهداء عام 2005 لينام هو شخصياً على البحص.

الأبشع من هذا كله، هو سماع القاعة تضج بالتصفيق، وزراء ونواباً حاليين وسابقين وأعضاء ما يسمى المكتب السياسي الكتائبي. والأبشع هو سماع كتائبي عريق كجوزف أبو خليل يتحدث عن «ظاهرة سامي الجميّل». أبو خليل يقول إن سامي بـ»نادوره» هو «مشروع سياسي وطني كامل».

ترشح سامي الجميّل لرئاسة حزب الكتائب وفوزه بكرسي جده يفترض أن يكون أمراً مفرحاً لكل خصوم الكتائب. فالحزب الذي قام من بين الأموات قبل بضع سنوات بفضل جهود رئيسه كريم بقرادوني والوزير بيار الجميّل، دخل بإدارته الحزبية وطلبات الانتساب وحركة الحزب في المناطق والجامعات وبيوته في حالة كوما كاملة إثر اغتيال بيار، إلا أن إعلان وفاته كان صعباً في ظل مراعاة كثيرين لمشاعر رئيسه أمين الجميّل. وقد حرص تيار المستقبل على نفخ الكتائب (والقوات) ظناً منه أن تجيير بعض النواب إليهم يفيدهم في مواجهة التيار الوطني الحر. أما الآن، فإعلان فوز سامي ومجموعة أصدقائه التي تضيق بدل أن تتسع برئاسة الكتائب هو إعلان رسمي لنهاية هذا الحزب. انتهى زمن «مدرسة الكتائب» التي لم تخرج أحداً أفضل من أبناء آل الجميّل لقيادة الحزب، وانتهى زمن «الصيفي» في ظل نقل سامي بيت الكتائب المركزي إلى بيته الشخصي، وانتهى زمن المكتب السياسي بعد تحوله إلى مجموعة مصفقين يقترعون برفع الأيادي. زمن سامي الجميّل في الكتائب مطابق لزمن كارلوس إده في الكتلة الوطنية.