سمير فرنجيه رئيساً للمجلس الوطني لمستقلي قوى 14 آذار. مشهد إنتخابي كامل وإن محسوم النتيجة.
محسومة؟ حتى الساعات الأخيرة كان فرنجية يتعرض لسيل من الضغوط ليقبل فكرة أن يكون الرئيس. لكأنه كان يحاول التهرب منها. قالوا له لا أحد غيرك يقدر أن يجمع هذا الشتات الكبير من مثقفين وكتّاب وشعراء وأيضاً من ناشطين عاديين في المجتمع المدني، بعد عشر سنوات على يوم 14 آذار الملهم صاروا إلى حد كبير متشككين، يائسين حردانين تحت وطأة التقلبات والإنقسامات والأحداث الضاغطة. وحدك تستطيع أن تبث حياة وضوءاً في هذا العتم. الواجب يناديك.
زاهد سمير فرنجيه. أين تلتقي زاهداً في السياسة اللبنانية؟ لكنه يستمع. حسناً إذا كان لا بد فأنا طوال عمري أرفض صيغة الرئيس والمرؤوس. سنكون نحو 300 – 400 إنسان لكل منهم قدره وقيمته وعيب الترئيس عليهم. فلنبحث عن صيغة أخرى، لتكن علاقة بين أناس متساوين.
معك كل الحق، قال محاوروه، ولكن نظرياً. في الواقع يحتاج “المجلس الوطني” اليوم في المرحلة التأسيسية إلى رئيس. في الأشهر الآتية خلال البحث في النظام الداخلي نبحث ونقرر في التسمية، إذا كانت الأنسب رئيساً أو أميناً عاماً أو منسقاً، متحدثاً رسمياً. لاحقون على هذا الموضوع.
لكنه لم يقبل أن تكون مدة رئاسته سنة. ثلاثة أشهر قال.
في اجتماع الهيئة التأسيسية الموسع والأول في “البيال” أمس جلس بتواضع وخفر خلف طاولة في الخلف. عندما سأل مدير الإجتماع كبير السن رئيس بلدية بعلبك السابق غالب ياغي من يترشح لرئاسة المجلس الوطني ساد صمت لنحو نصف دقيقة. تسمع رنة الأبرة. وقف سمير فرنجيه ورفع يده :”أنا”. وعلا تصفيق.
كانت مفاجأة أن وقف رجل لا تعرفه غالبية الحضور. وقف وقال: “أنا الدكتور في الجامعة اللبنانية فوزي فري من طرابلس، أترشح في سبيل الديموقراطية”. علا تصفيق من جديد.
دارت صندوقة الإقتراع الزجاجية، وكل مقترع أعلن اسمه عبر الميكروفون، وتبين أن المقترعين بلغ عددهم 284. نال فرنجية 237 صوتا وفري 32 صوتا ووجدت 11 ورقة بيضاء وظرفان فارغان وألغيت ورقتان.
وضعوا حول عنق رئيس المجلس الوطني وشاح “انتفاضة الإستقلال” فيما هو يتوجه إلى المنصة الرئيسية. ذكر في كلمته عبارة “ثلاثة أشهر” متحدثاً عن مهمته، فطلب الكلام من بين الحضور منسق الأمانة العامة فارس سعيد: “اتفقنا على سنة، المهمة لسنة”. علق فرنجيه: “تذكرني بشعار كان مرفوعاً عند حاجز المدفون أيام الجيش السوري هناك: معك إلى الأبد وما بعد الأبد”.
فرنجيه دعا اللبنانيين جميعاً من دون تمييز في كلمته المقتضبة إلى “المشاركة في التحضير لانتفاضة سلام تخرجنا من مآسي الماضي وتؤسس لمستقبل أفضل لنا جميعاً. يحتاج ذلك الى مواجهة الانكفاء الطوائفي الذي تشهده البلاد من خلال خلق اطار مدني حديث وقادر على تخطي ترسيمات طائفية ومذهبية فرضتها اصطفافات المواجهة (…)”.
وكان الدكتور سعيد – الذي بدا مثل “أم العروس” في الاجتماع – افتتح بكلمة أكدت ان “مستقلي 14 آذار هم أولئك الذين خرجوا طوعا من دون تكليف من أحد لحظة انتفاضة الاستقلال التي أسست لحركة 14 آذار 2005. وان كلمة مستقل في 14 آذار تعني التزام قضية 14 آذار التزاما كاملا غير مرتبط بحزب أو مدين لمرجع. هذا الالتزام يشبه الذين أرادوا وشاركوا اليوم في أعمال إنشاء وبناء المجلس الوطني، هؤلاء واكبوا 14 آذار كل من موقعه، التزموا الوحدة الداخلية للبنانيين وتمسكوا بها خيارا وحيدا(…) هم الذين يطالبون ببناء دولة مدنية حتى حدود الفصل التام بين الدين والسياسة”.
وتقرر تشكيل مجموعة لجان مفتوحة امام الجميع ومن اختصاصات، والسعي إلى تشكيل لجان للمجلس في المناطق استعدادا للمؤتمر المقبل.