Site icon IMLebanon

“فِلّوا والباقي علينا”… طوعاً وإلا جبراً

 

لا تزال كلمات رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “فِلّوا والباقي علينا” التي أطلقها الأسبوع الماضي، تتردّد في الأروقة السياسية حول معانيها، وما إذا كانت هناك رسائل مبطّنة من وراء إطلاقها.

 

خلع جعجع ثوب المهادنة الذي كان قد ارتداه وأطلق معركة التغيير الحكومي بعد الفشل في معالجة الملفات الحياتية، في حين أن القراءة “بين سطور” كلماته الثلاث تدل على أن هناك معركة قد تفتح قريباً لإسقاط الحكومة، حيث ستكون “القوات” في طليعة التحرّكات الشعبية المنظمة.

 

“فلّوا والباقي علينا”، جملةٌ يُقسّمها “الحكيم” إلى شقّين، الشقّ الأول “فلّوا” يتعلّق بدعوته الفريق الحاكم إلى الرحيل، والتفسير لها أن كل طرف في بلد ديموقراطي يفشل في إخراج البلاد من الأزمة أو في تحقيق مشروعه السياسي أو في إنقاذ الجمهورية، يجب عليه تلقائياً أن يرحل، خصوصاً أننا لسنا في مرحلة عادية لنقول إن هذا الطرف جاء بمشروع سياسي فشل وعليه الرحيل، لكن هذا الفريق الحاكم نتيجة سياساته الداخلية والخارجية ودوره الإقليمي قاد لبنان إلى الإنهيار، ولم يكتفِ بذلك بل شكّل حكومة من لون واحد لم تتمكن من إخراج لبنان من أزمته، وبالتالي لماذا يجب الإنتظار، وماذا ننتظر من هذا الفريق حتى يرحل عن الحكم، وألا تكفي كل الإنهيارات لرحيله عن السلطة؟

 

ويبدو جعجع اليوم أكثر من أي يوم مضى مصمّماً على رحيل هذه المنظومة الحاكمة، لأنه يعتبر أنها أُعطيت فرصة ولم تستغلّها، لا بل أغرقت البلد أكثر، وأظهر أقطابها عدم قدرة على قيادة البلاد نحو شاطئ الأمان. لكن الرسالة الأهم التي يطلقها جعجع و”القوات” هي أنه “عليكم الرحيل تلقائياً وطوعاً أمام الإنهيار، أي الإستقالة طوعياً، وإذا رفضتم فستستقيلون جبراً تحت ضربات الضغط الشعبي الكبير، ومن ثم الذهاب إلى إنتخابات نيابية مبكرة تُنتج طبقة جديدة تُدير البلد بشكل أفضل”. أما بالنسبة إلى الشق الثاني من الجملة “والباقي علينا”، فيقصد به جعجع “أننا نحن نُحسن إدارة الدولة”، لكن لا يقصد أن “البديل عن 8 آذار هو فريق 14 آذار”، خصوصاً أن الشعب يقول “كلّن يعني كلّن”، لذلك فإن جعجع “متمسك بحكومة إختصاصيين مستقلة”.

 

ويتأكّد جعجع يوماً بعد يوم أنه “في ظل الأكثرية الحاكمة حالياً والممسوكة من “حزب الله”، لا يمكن التغيير مع أي حكومة، لأن الضغط مستمر من الغالبية المتحكّمة بالبلاد، لذلك إن أحد الحلول هو اللجوء إلى إنتخابات نيابية مبكرة تكفّ يد هذا الفريق وتُفسح المجال أمام أكثرية جديدة تباشر بتأليف حكومة تتناسب مع المرحلة، أي حكومة اختصاصيين مستقلّة تقود البلد إلى الخلاص.

 

“الباقي علينا” بحسب جعجع أيضاً، تشير إلى “أننا نحن نضع الأسس الجديدة للمرحلة القادمة لإنقاذ لبنان لأننا نعلم كيف يُنقَذ البلد في حين أنكم تجهلون هذا الأمر. والإنقاذ يتمّ عبر ثلاثة عناوين أساسية هي: أولاً، أن يكون لبنان متصالحاً مع محيطه العربي والغربي والدولي لأن هذا البلد لا يمكنه أن يحصل على دعم مالي وهو متخاصم مع المجتمعين العربي والدولي. وثانياً، علينا الذهاب إلى تطبيق الدستور والإلتزام بمقتضياته لأن ما وصلنا إليه هو نتيجة الخروج عن الدستور والخروج أيضاً عن الشرعية العربية والدولية.

 

أما الأمر الثالث للإنقاذ فهو الذهاب إلى إدارة الدولة بشكل شفاف وفق القوانين المرعية ووفق الشفافية المطلوبة لبناء دولة المؤسسات، فهذه الإدارة لم تمارَس أبداً منذ العام 1990 وحتى اليوم سواء بسبب الإحتلال السوري في المرحلة الأولى أم بسبب الأزمة المتّصلة بسلاح “حزب الله” بعد الـ2005، لذلك فقد حان وقت الإدارة الرشيدة للدولة العتيدة.