IMLebanon

جعجع.. هل يُحيّد بري ويتراجع حكومياً؟

 

قبل عام 2005 والخروج السوري من لبنان، كان نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي يحمل «كلمة السرّ» السورية، فيكفي أن يشير إليها عبر الإعلام ليسير بها الجميع. الآن، يُعتبر الفرزلي حامل «كلمة السر» من رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقرأ البعض في حديثه أمس الأول من «بيت الوسط» عن بديلٍ حكومي، ومناشدته رئيس الحكومة حسان دياب تسهيل هذا الأمر، بداية حركة لإسقاط حكومة دياب، والسعي الى عودة الرئيس سعد الحريري الى السرايا الحكومية، خصوصاً أنّ كلام الفرزلي تزامن مع حركة لقاءات كثيفة بين الأفرقاء السياسيين في الداخل وعلى مستوى سفراء الدول الفاعلة في لبنان.

في ميزان الخصوم والحلفاء، إنّ حكومة دياب فشلت حتى الآن في تأدية المهمات المطلوبة منها، وهي تحقيق الإصلاحات اللازمة واستعادة ثقة المجتمعين الداخلي والخارجي.

 

هذا «الفشل» ومهما تعدّدت أسبابه واختلفت بالنسبة الى الجهات المؤلفة للحكومة، أو تلك التي لم تمنحها الثقة، في موازاة تسارع وتيرة الإنهيار الشامل ومظاهر إنتحار ونَحر الناس والمؤسسات والقطاعات، يحتّم استبدال الحكومة بعد عجزها منذ تأليفها في كانون الثاني الماضي، حسب ما أتى على لسان شخصيات عدة في الأيام الأخيرة. إلّا أنّ الحريري أكّد أنّه لا يسعى الى العودة الى رئاسة الحكومة، ولديه شروط معروفة للموافقة على ترؤس حكومة مجدداً. أمّا «حزب الله»، وعلى رغم من عدم سحبه ورقة دياب حتى الآن، ما زال يعتبر أنّ حكومة وحدة وطنية هي أفضل حكومة ممكنة.

 

ويرى مراقبون، أنّ تسارع الأحداث والمخاوف الأمنية قد يُعيدان طرح تأليف حكومة وحدة وطنية الى الواجهة مجدداً، لسببين: تحصين البلد سياسياً وأمنياً، والمشاركة في مسؤولية الإنقاذ، على رغم من أنّ كلاً من الشعب اللبناني والمجتمع الدولي باتا لا يثقان في هذه الطبقة السياسية، وتُطالب الجهات والمؤسسات المانحة بالإصلاح فقط، وإلّا لا أموال ولا مساعدات ولا إنقاذ.

 

لكن إذا تحقّق إجماعٌ داخلي على حكومة وحدة، هل تُشارك فيها «القوات اللبنانية»؟ فيما لا يزال رئيس «القوات» سمير جعجع حاسماً في رفضه أيّ حكومة وحدة وطنية. ويعتبر أنّ هذه الحكومات تتحمّل جزءاً من مسؤولية الوضع الكارثي الذي وصل إليه البلد، فضلاً عن أنّ هذه المرحلة لا تحتمل حكومات من هذا النوع.

 

ويتدرّج موقف «القوات» الرفضي هذا صعوداً، فتطوّر من القبول بحكومة إختصاصيين مستقلين، الى إعتبارها أنّ حكومة كهذه يستحيل عليها في ظلّ سيطرة «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» على القرار السياسي، تحقيق الإصلاحات المرجوة والنقلة المطلوبة في لبنان.

 

وإذ تشير أوساط معراب الى أنّ «حكومة إختصاصيين غير مستقلين فشلت بدورها»، تسأل: «ماذا سيكون مصير حكومة وحدة وطنية تضمّ وجوهاً كاحلة ثار ضدها الناس وانتفضوا عليها؟». وتؤكّد «أننا أصبحنا أمام مرحلة تستدعي الضغط للذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة، وأن تنتج هذه الإنتخابات أكثرية جديدة، وعلى رغم أنّ من حق الأكثرية الحُكم، يجب الإبتعاد عن النزاعات والمصالح السياسية، والذهاب بعد إعادة إنتاج السلطة، ومهما كانت نتائجها، الى حكومة إختصاصيين مستقلين بعيدة من تأثير «التيار الوطني الحر» و»حزب الله»، لأنّ هذين الفريقين يتحمّلان بنحوٍ أساسي مسؤولية ما وصل اليه البلد، بسبب رفضهما القيام بالإصلاحات المطلوبة».

 

وتعتبر «القوات»، أنّ «شروط المرحلة تستدعي تأليف حكومة غير سياسية، تستجيب لإرادة الناس وتنكّب على عمل إصلاحي حقيقي، لوضع لبنان على سكة الخلاص الفعلية».

 

وتشدّد على مسألتين:

«أولاً، إنّ حكومة الوحدة الوطنية مرفوضة.

ثانياً، إنّ حكومة إختصاصيين مستقلين في ظلّ وجود ثنائي «الحزب» و»التيار» يصعب عليها تحقيق الأهداف المرجوة، خصوصاً أنّ الأكثرية النيابية ممسوكة من هذا الثنائي، وبالتالي ستحاول عرقلة مشاريع وإقتراحات القوانين الإصلاحية المطلوب إقرارها سريعاً».

 

وترى «القوات»، أنّ «المطلوب في وضوح «كفّ يد «حزب الله» و»التيار» عن السلطة. فخلاف ذلك لا إمكانية للإنقاذ الحقيقي، وإنّ مشكلة الكهرباء دليل على ذلك. فعلى رغم الأزمة الكبيرة والخطيرة في البلد، ما زال ملف الكهرباء «راوح مكانك» إضافةً الى كلّ الملفات الأخرى المتصلة بهذين الفريقين من الحدود الى الداخل، فلا نيّة لتغيير حقيقي وإصلاح فعلي وجدّي».

 

لكن هل يُمكن لبنان أن ينتظر تحديد موعد انتخابات نيابية مبكرة، وهو على قاب قوسين أو أدنى من السقوط في ظلّ إرتفاع سعر الدولار وتسارع وتيرة الإنهيار؟ تجيب مصادر «القوات»: «علينا المحاولة والضغط، وعلى الحكومة الحالية أن تحضّر لإجراء انتخابات نيابية مبكرة. فمجرد الإعلان عن ذلك سينعكس إنفراجاً على مستوى الشارع، ومن الآن حتى الوصول الى هذه الانتخابات، أمام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و»حزب الله» خياران لا ثالث لهما، إمّا كفّ أيديهما طوعاً عن السلطة، وإلّا سينهار البلد بنحوٍ نهائي وكامل».

 

وفي حين كان جعجع يتهم «الثلاثي غير المرح»، أي فريق العهد و»حزب الله» وحركة «أمل»، بالسيطرة على قرار الحكومة وبتحمّل هذا الثلاثي مسؤولية الوضع الراهن، انتقل جعجع الى استهداف ثنائي «العهد» و»الحزب» وتحييد رئيس مجلس النواب نبيه بري.

 

لكن مصادر «القوات» تؤكّد أنّ «لا تحييد لبري في هذا الإطار، انطلاقاً من أنّ فريق 8 آذار هو الذي يحكم ويُشكّل السلطة الآن، وفشل فشلاً ذريعاً، وبري جزء لا يتجزّأ من هذا الفريق، الذي يتحتّم عليه الرحيل بكامله. وهذا لا يعني أن يحكم فريق 14 آذار بدلاً منه، بل الإتيان بحكومة إختصاصيين مستقلين، بعيدة من أي فريق سياسي، تكون أولويتها إنقاذ البلد بعيداً من التصادم والإصطفافات السياسية».

 

وعلى رغم تأكيد «القوات» عدم تحييدها لبري، توضح مصادرها، أنّ التركيز على «التيار» و»الحزب» ينطلق من أنّ «الطرفين الأكثر حضوراً وبروزاً في هذه المرحلة، واللذين يمسكان بأطراف اللعبة، هما «العهد» من جهة، أي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، و»حزب الله» من جهة أخرى، وهما رأس الحربة في هذه المنظومة ويتصدّران واجهتها. فيما أنّ بري بات موقعه ضمن هذه المنظومة، معارضاً لـ»الثنائي» تارةً ومتقاطعاً معه في قضايا أخرى».