Site icon IMLebanon

أيلول الشهداء… “لا” جعجع في وجه حافظ الأسد حاضرة دائماً

 

منذ إنطلاق “المقاومة اللبنانية” دفاعاً عن الكيان، يُشكّل شهر أيلول محطة أساسية في روزنامة تكريم من استشهد للحفاظ على الوطن.

 

سقطت كل الأقنعة ورحلت الإحتلالات المتتالية، وبقي مَن قاتَل في سبيل صون وطنه وحماية أهله مثالاً للوطنية في زمن باع فيه الحكّام البلد ولم يقدّروا ثمن التضحيات الغالية التي بذلت في سبيله.

 

ولعلّ كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الأخير عن رفضه إحتكار المقاومة وتأكيده أن شبابنا قاتلوا من أجل حماية الوطن وسلّموا بمشروع الدولة خير دليل على أنّ التاريخ والحاضر والمستقبل سينصف من حمل السلاح دفاعاً عن وجوده وليس خدمةً لمشاريع دول كبرى.

 

وتُطلّ ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية التي يُحييها حزب “القوات اللبنانية” غداً في معراب برعاية البطريرك الراعي تحت شعار “باقيين” بعد أن ارتقى عدد من المواطنين إلى رتبة شهداء بعد انفجار 4 آب، ما بدّل الأولويات الداخلية وقلب المعادلات رأساً على عقب.

 

ويؤكّد “القواتيون” أنهم مرتاحون إلى نهج قيادتهم خصوصاً أن رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع ثابت على مواقفه ومبادئه الوطنية الكبرى.

 

ولعلّ التاريخ يُعيد نفسه، فجعجع الذي رفض كل الإغراءات السورية بعد “اتفاق الطائف” وفضّل الدخول إلى السجن بدل أن يكون تابعاً لسلطة الإحتلال السوري وقال “لا” لسيطرة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد على لبنان، ها هو يقف اليوم في مواجهة تطويب سيطرة “حزب الله” على مفاصل الدولة اللبنانية واستمرار سيطرة دويلته المدعومة من إيران على الدولة.

 

ووسط الحديث عن المبادرة الفرنسية، تفاجأ الجميع بأن جعجع الذي اتصل به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طالباً منه تسمية السفير مصطفى أديب لرئاسة الحكومة أجابه الحكيم بـ”لا”، لأن هذه التسمية هبطت بالمظلة وفُرضت من الخارج ولا تتمّ الأمور بهذه الطريقة بحسب معراب، ما يعني أن هامش الرفض “القواتي” هو هو ولا يتبدّل مهما كان اسم الدولة، هذا مع عدم جواز مقارنة الدور السوري سابقاً بالدور الفرنسي حالياً، لأن ماكرون حريص على لبنان أكثر من القوى التي أدخلته لعبة الصراعات وعزلته ودمرته.

 

إذاً، سيقف جعجع عصر الأحد في معراب بغياب العنصر الشعبي بسبب تفشي “كورونا” والوضع العام، وسيلقي كلمة في المناسبة ستتناول تضحيات الذين استشهدوا من أجل أن يبقى لنا بلد نعيش فيه بحرية وكرامة.

 

ومن الناحية السياسية، ستكون روحية الكلمة سيادية بامتياز وتنطلق من مبدأ “كفى”، أي أننا لا نستطيع إكمال المسيرة والعمل بهذا النمط الذي أوصلنا الى انفجار دمّر مدينة وضواحيها وأحلام شعب ودفعه إلى العيش بحالة قرف ويأس وإحباط، وكل ما يحصل وسط وجود سلطة مستهترة بحياة الناس ولا يهمها ما يحلّ بهم.

 

وسيركّز جعجع أيضاً على أن السلطة ضائعة ولا تتطلع إلى الشعب لأن هناك فريقاً يقاتل من أجل مصالح تهمّ دولاً خارجية، وفريقاً آخر يريد حماية مصالحه الداخلية ولا يهتم أحد من هذين الفريقين بمصالح الشعب ومعاناته.

 

وانطلاقاً من هذا الوضع، فإن جعجع يضع السيادة أولوية في المرحلة الحالية والمقبلة “لأننا وصلنا الى مكان لا يجب الاستمرار بهذا الشكل، وبذلك يجب على الدولة أن تستعيد مقوّماتها وتمتلك حصراً القرار السياسي لإبقاء الناس في بلدهم”.

 

ومن جهة أخرى، سيوجّه جعجع تحية كبرى للبطريرك الراعي، حيث سيؤكّد دعمه مبدأ الحياد الذي يطالب به سيد بكركي، كما أنه سيشن هجوماً مضاداً يتصدّى لكل ما يتعرّض له الراعي من تخوين، وسيدافع بشراسة عن بكركي وتاريخها وراعيها، وسيؤكّد أن “القوات” هي خطّ الدفاع الأول عن البطريركية المارونية ولا تقبل بأن تُمسّ، بل يجب وضع اليد بيد البطريرك من أجل إنقاذ البلد لأنه يكمل مسيرة البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير وأسلافه من البطاركة العظماء.

 

وأمام الوضع الكارثي الذي وصلت إليه البلاد وضرورة إنقاذه بالحياد والإصلاح، سيخاطب جعجع في كلمته القوى السياسية المتهمة بتعطيل البلد ومنع الإصلاح وإدخاله في سياسة المحاور وتحول دون قيام الدولة، وهناك كلام واضح ضد سياسات “حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ” والعهد، حيث يؤكّد جعجع أنهم يتحملون الجزء الأكبر من مسؤولية الدرك الذي وصلت إليه البلاد. وسيتحدث جعجع عن أمور تشكل أولويات مثل تنظيم إنتخابات نيابية مبكرة لأنها الأساس في أي إصلاح سياسي وإيصال صوت الرأي العام، فـ”القوات” ترى أن الإنتخابات لا بدّ أن تحصل لأنها تغير المنظومة الحاكمة خصوصاً ان مجلس النواب الحالي يسيطر على أغلبيته “حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ”، من هنا فإن الإنتخابات المبكرة أساسية في تسريع عملية التغيير وإنتاج السلطة وكفّ يد “حزب الله” ومحوره عن السيطرة على السلطة.

 

ووسط الحديث عن المؤتمر التأسيسي والدولة المدنية، فإن جعجع سيتحدّث لأول مرة عن هذا الشقّ وسيتناوله بالمباشر وسيدلي برأي “القوات” فيه، وسيرسم موقفاً واضح المعالم عن كل الكلام الذي يقال في الغرف المغلقة وسيتوجه مباشرةً إلى من يطالب بهذا الأمر.

 

لا شكّ أن إنفجار المرفأ أصاب قلب كل لبناني ودمّر الأحلام، لكنه أصاب منطقة تعتبر ذات غالبية قواتية، لذلك فإن جعجع سيجدّد المطالبة بلجنة تحقيق دولية لمعرفة أسباب الإنفجار ومن المسؤول ومحاسبته، لأن وجع أهل ضحايا المرفأ والجميزة والأشرفية والكرنتينا والمناطق المجاورة لا يمكن المرور عليه مرور الكرام والتصرف كأن هذا الإنفجار المزلزل لم يحصل.

 

يقف جعجع في معراب غداً والبلاد تواجه كارثة إقتصادية ودخلت في نفق مظلم لا أحد يعرف متى ينتهي، لذلك ينتظر منه أهالي الشهداء والمناصرون والرأي العام موقفاً بحجم الحدث يعطي بصيص أمل في هذه الظلمة بعدما فقدوا الثقة بالطبقة الحاكمة.