IMLebanon

جعجع فاتحاً القصر الجمهوري

 

على من يضحك الدكتور سمير جعجع حين يرى أن الحل يبدأ بالانتخابات النيابية المبكرة، أي بانتقال الغالبية من فريق الى فريق آخر، كما لو أن تلك الأوليغارشيا، بكل أوثانها، ليست المسؤولة عن خرابنا السياسي، وخرابنا الاقتصادي، وخرابنا المالي، وخرابنا السوسيولوجي.

 

وحتى لو تمكنت «القوات اللبنانية»من أن تفوز بالمقاعد المسيحية الـ64، وحتى لو حاز الفريق اياه، بالعلاقات العنكبوتية بين مكوناته، 128 مقعداً، ماذا يمكن أن يفعل ما دامت البنية الفلسفية للبلاد تقوم على غلبة منطق الطائفة (والقبيلة) على منطق الدولة؟

 

نكتفي بما يثيره جعجع حول حزب الله، وسلاح حزب الله. لطالما رأى أنه المسؤول عن مصائبنا، كما لو أن الذي فعل بنا ما فعله، ليس الشعار الذهبي لبيار الجميل «قوة لبنان في ضعفه»!

 

هذه الحالة بالذات أدت الى «اتفاق القاهرة (1969) الذي سلّم ياسرعرفات مفاتيح الجنوب اللبناني، بل ومفاتيح الجمهورية، ما فتح الطريق أمام دبابات آرييل شارون والوصول حتى الى باحة القصر الجمهوري».

 

كل ذلك الذي حدث نتاج ذلك الاتفاق. هنا نسأل «الحكيم» الذي لا نعلم ما اذا كان قد تابع معاناة أهل الجنوب من غالبية الفصائل، ومن الاحتلال الاسرائيلي : ألم يقل مناحيم بيغن وآرييل شارون أن الهدف من عملية «سلامة الجليل» تدمير الالة العسكرية لمنظمة التحرير ؟

 

هذا ما حدث، وتم ترحيل ياسر عرفات وتشتيت مقاتليه في عدة بلدان عربية. لماذا، اذاً، بقي «الجيش الاسرائيلي» جاثماً لـ 18عاماً على أرضنا، وهل كان يفترض بالجنوبيين البقاء تحت الأقدام الهمجية أم القتال واستجلاب السلاح من أي جهة كانت؟

 

«اسرائيل» التي نرى، وبصورة يومية سياساتها البربرية في غزة، كما في الضفة الغربية، لا تزال على حدودنا، وبالحمولة التوراتية اياها التي تقتضي ترحيل عرب الجليل الى لبنان، وهذا منطق «الدولة اليهودية» اذا ما عدنا الى كتابات المؤرخ «الاسرائيلي» شموئيل صاند…

 

صحيح أن وجود قوة عسكرية ضاربة على الأرض اللبنانية ليس بالمسألة الطبيعية، ولكن ماذا فعلت المنظومة الحاكمة، وبسياسات أكلة عظام البشر، من اجل مواجهة الأرمادا «الاسرائيلية» التي باسـتطاعتها، لولا معادلة توازن الرعب، احتلال لبنان من الخط الأزرق وحتى مصب النــهر الكبير في غضون ساعات؟

 

السيد حسن نصرالله من هذه الأرض. ليس طارئاً على الحالة اللبنانية مثل ذاك الذي قال في غزة «لقد حكمت لبنان اثني عشرعاماً»، لكي يطرح أحدهم أمام ديفيد شينكر فكرة الترحيل اذا ما تسنى لدونالد ترامب العبور الى الولاية الثانية.

 

الى أي مدى الضحك على الناس ؟ أي واحد من نجوم القرون الوسطى طرح مشروعاً متكاملاً من أجل خلاص لبنان ؟ لا أحد. مواقف غرائزية، ونظريات ببغائية. كل الطبقة السياسية داخل القفص، دون أن تقبل أكثرية اللبنانيين بالقانون الانتخابي الحالي، وبالصوت التفضيلي الذي جعل من النائب على قياس الطائفة لا على قياس… لبنان.

 

لاريب أن جعجع الأكثر براعة في استثارة القاعدة المسيحية. في أي انتخابات مقبلة لا بد أن يرتفع عدد نوابه الى 20، وربما الى أكثر من ذلك، ليغدو «الرجل الأقوى» داخل طائفته. في هذه الحالة له الحق، كما كان للجنرال ميشال عون، في أن يدخل فاتحاً الى القصر الجمهوري، خصوصاً اذا ما أخذنا بالاعتبار مدى العثرات (والأزمات) التي واجهها العهد، وأدت، تلقائياً، الى تقليص القواعد الشعبية للتيار الوطني الحر. وهذا منطق الأشياء بالنسبة لكل حزب يصل الى السلطة في ظروف قاتلة.

 

جعجع يعرف كيف يختار غالبية وزرائه، وغالبية نوابه، خلافاً لآخرين يستسيغون الاتيان بألواح خشبية ناطقة. هذا لا يجعلنا ننسى ما قاله لنا وزير قواتي، ويدّعي كونه ظاهرة فكرية، من كلام طائفي رهيب، ظناً منه أنني من طائفة أخرى، وأنا العلماني بشكل مطلق. كلام لو رددته لكان له وقع الزلزال. لن أقوله..

 

في كل الأحوال، الضحك على الناس، وعلى ذقون الناس، في اساسيات السياسة في لبنان…