يدفع عجز المعنيين بتأليف الحكومة عن إنجاز هذه المهمة المنوطة بهم، الى طرح مخارج لِعقد التأليف، حتى لو كانت من خارج المسؤوليات الحقيقية، ومنها أن يُسمّي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مباشرةً أو يوحي بإسمين اختصاصيين لحلّ عقدة «الوزيرين المسيحيين» اللذين يتمسّك كلّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري بتسميتهما، ما يُعرقل إتمام عملية التأليف بحسب العاملين على الخط الحكومي. هذا على رغم أنّ هذه العقدة ليست الوحيدة، وسبقها كثير من العقد، وإلّا لَما كانت ولادة الحكومة متعذّرة منذ نحو 8 أشهر. كذلك يتبادل عون والحريري الاتهامات بنيّة عدم التأليف، ما يعني أنّ حلّ هذه العقدة لن يكون حاسماً للتأليف. فهل «ينجَرّ» جعجع الى الملعب الحكومي الذي يغرّد خارجه منذ استقالة «القوات» من حكومة الحريري السابقة في 19 تشرين الأول 2019؟
تسمية «القوات» للوزيرين المسيحيين إقترحتها أوساط سياسية عدة، وهي مطروحة إعلامياً، كذلك طُرحت مع بكركي، في حين أنّها لم تُبحث مع جعجع مباشرة. وهذه المسألة مُستغربة بالنسبة الى «القوات»، إذ كيف يُطرح عليها أن تُسمّي وزراء في حكومة هي مقتنعة بأنّها لن تكون حكومة قادرة على إخراج لبنان من أزمته بل ستكون فاشلة وغير إنقاذية، فضلاً عن أنّ الوقائع، إن كانت المتصلة بالحكومة المستقيلة أو المرتبطة بتكليف الحريري، أظهرت بحسب «القوات» أنّ موقفها هو الصائب، بدليل أنّ «حكومة الرئيس حسان دياب فشلت وأنّ تكليف الحريري لم يؤدِّ الى التأليف. وبالتالي، كيف يُمكن التعاون مع هذا الفريق الذي لا يريد إخراج لبنان من كبوته وأزمته وإنقاذه؟».
لذلك تطرح «القوات» مسألة الانتخابات النيابية المبكرة وإعادة إنتاج السلطة، لأنّها لن ترى حلاً أو إنقاذاً عبر الحكومة. وبالتالي، تستغرب أن يُطلب منها تسمية وزراء لحلّ «إشكالية وزارية» بهدف تأليف حكومة لن ترى أساساً أنّها تشكّل حلاً إنقاذياً، فيما أنّها تعتبر انّ إعادة إنتاج السلطة هو المدخل للإنقاذ وليس تأليف الحكومة.
إنطلاقاً من ذلك لن يُسمّي جعجع أي وزير أو يوحي بأي إسم، فلا يمكن أن «تمارس «القوات» مسألة خلافاً لاقتناعاتها».
الى ذلك، تسأل «القوات»: «هل هذا الفريق الذي لا يرى الانهيار والجوع والمأساة التي يعيشها الشعب اللبناني، وهو في انتظار تسمية وزير من هنا أو وزير من هناك، هو فريق إنقاذي؟ وهل يُمكن التعاون معه، خصوصاً أنّه في ظلّ هذا الوضع، لا يجوز التوقف عند «وزير بالطالع» أو «وزير بالناقص» ومن يُسمّي فلان ومن يُسمّي علتان، بينما لبنان الآن في نكبة غير مسبوقة في تاريخه؟».
كذلك تطرح مصادر «القوات» جملة أسئلة رداً على نظرية «ضرورة تسميتها للوزيرين لحلّ المشكلة الحكومية». وتسأل: «من قال إنّ تسمية «القوات» لوزيرين تحلّ المشكلة، ومن قال إنّ المشكلة تكمن في هذين الوزيرين وليست في «الثلث المعطّل»، ومن قال إذا حُلّت هذه العقدة لن نذهب الى عقدة تالية وعقدة ما بعد العقدة، ومن قال إنّ العقدة تقنية وإنّ العقدة الأساسية ليست من طبيعة سياسية؟ كذلك من قال إنّ المطلوب الآن ليس الوصول الى تسوية؟». وإذ تشير الى ما قاله رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عن أنّ العقدة هي تفاهم الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل وضرورة أن يتصل الحريري بباسيل، وتذكيره بأنّ الفرنسيين كانوا يريدون أن يلتقي الحريري بباسيل، تعتبر مصادر «القوات» أنّ «العقدة الأساسية موجودة في مكان آخر. وهناك من ينظر الى تسوية سياسية في هذا المضمار».
وتسأل: «هذه العقدة برزت الآن، فلماذا لم تؤلّف الحكومة منذ اللحظة الاولى على التكليف؟ ولماذا أجّل عون الاستشارات أليس لأنّه لا يريد الحريري؟». وتقول: «المشكلة أكبر من تصويرها بأنّها من طبيعة وزيرين، بل هناك اختلاف بين رؤيتين وخلاف عميق بين الرجلين، وهناك من لا يريد الحريري، وفي المقابل يريد الحريري تأليف حكومة تكون أفضل من الحكومة المستقيلة لكي لا يفشل على غرارها، فيما من الواضح أنّ باسيل يريد تسوية سياسية».
على الخط نفسه، يجب النظر الى ما هي وظيفة هذه الحكومة ودورها، بحسب «القوات»، فهذه «آخر حكومة في عهد عون والتي ستدير الفراغ بعد انتهاء ولايته، وهذا الفريق لا يريد الحريري رئيس حكومة لأنّه يرفض لقاء باسيل، بل يريد هذا الفريق رئيس حكومة يكون في حالة تنسيقية معهم بالتكافل والتكامل». وبالتالي، بالنسبة الى «القوات»، إنّ عقدة الوزيرين تأتي ضمن الحجج والذرائع التي لا تنطلي على أحد، فالمشكلة ليست محصورة بعقدة من هنا وأخرى من هناك بل إنّ المشكلة هي عدم وجود أي إرادة للتعاون، والعهد يريد أن تكون هذه الحكومة حكومته ولا يريد أن يكون هناك رئيس حكومة يرفض اللقاء مع باسيل منذ اللحظة الاولى، فيما كان الحريري في حكومتيه الأولى والثانية في عهد عون على تنسيق مع باسيل الذي كان يريد المشاركة في تحضير جدول أعمال مجلس الوزراء. كذلك لا يريد هذا الفريق أن يكون رئيس الحكومة حليفاً لرئيس مجلس النواب نبيه بري ولجنبلاط وأن يكون لديه مرشح رئاسي».