السعودية تحشد أنصارها خلف جعجع
كما كان متوقّعاً سيرُدّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. الردّ سيكون باتّباع منهجية «سرد وقائع تدحض الاتهامات» وتكرار نغمة أن« حزب الله ورّط لبنان في سياسة المحاور». ما لن يقوله «الحكيم»، ضمن هذه السردية، أن ثمّة توجّساً وحذراً في معراب
كما توقّع كثيرون، لن يتأخّر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في الردّ على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أول من أمس في شأن مجزرة الطيونة، إذ سيطل مساء غد عبرَ شاشة «أم تي في» ليعلن موقفه من التطورات. وهو محسوم مع شخص تعوّد أن يعقِد في كل مرة مؤتمراً للرد على السيد نصرالله، حتى لو لم يكُن الأمر يعنيه. فكيف إذا ما كانَ هو وحزبه منفّذي كمين يوم الخميس؟
ما بين الجريمة وإلى ما بعد خطاب السيد نصرالله، قراءات كثيرة وتحليلات واستنتاجات أعطِيت للحدث، على أكثر من مستوى: بعضها سياسي اعتبر أن جعجع اليوم هو «زعيم المسيحيين وسياسته تُحاكي وجدانهم»، فيما ذهب آخرون إلى أن كلام نصرالله تحوّل إلى عملية «شيطنة» للقوات ورئيسها، وهذا أمر يخدمه ويعزّز موقعه في الشارع المسيحي. لكنّ الرأي في معراب مختلف تماماً، أو يمكن وصفه بأنه أكثر حذراً.
ما قامت به القوات اللبنانية، في إطار محاولتها جرّ حزب الله إلى كمين داخلي يهدّد السلم الأهلي، آتى أُكُلَهُ. صحيح أن حزب الله فوّت الفرصة ومنع، مع حلفائه، جرّ البلاد نحو فتنة دموية، لكنّ معراب «قرّشتها» مع الخارج. أولاً بالدعم الغربي، ومن ثم بالدعم السعودي. إذ لم يكن من عمل لدى السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، في اليومين الماضيين، سوى توفير الدعم لرئيس القوات، عبر حثّ من يدورون في فلك السعودية من السُّنة والدروز والمسيحيين على التوجه إلى معراب وإطلاق المواقف المؤيدة لها، أو من خلال إرسال رسائل إلى السلطات الأمنية والعسكرية والقضائية تحذر من التعرّض لجعجع وأنصاره سياسياً أو قضائياً أو أمنياً.
واستجابة للضغط السعودي، زارت شخصيات عدة معراب، بعضها سراً مثل النائب السابق فارس سعيد، وآخرون قاموا كالوزير السابق أشرف ريفي الذي أعرب لجعجع عن خشيته من عدم القدرة على تجييش كبير في الشارع السُّني بسبب موقف الرئيس سعد الحريري، واعداً إياه بالعمل على تنشيط الحراك في طرابلس دعماً له، وأنه سيطلب من أنصاره رفع لافتات مؤيّدة لجعجع ومستنكرة لكلام نصرالله.
ويبدو أن الأمر لا يقتصر على الجانب السعودي، إذ أشارت مصادر عسكرية لبنانية إلى اتصالات جرت مع قيادة الجيش والقضاء العسكري من قبل شخصيات لبنانية، بينها مرجعية روحية، تسأل عن سبب التوقيفات التي تطاول عناصر من القوات، وبعضهم ممن لا يسكن في عين الرمانة أصلاً. وقد شرع هؤلاء في حملة ضد هذه التوقيفات.
الرسالة التي أرادتها معراب وصلت إلى من يعنيهم الأمر بأنها «الأجرأ» بين كل زعماء 14 آذار الذين استثمرت فيهم واشنطن والرياض سياسياً ومادياً، على خوض المواجهة المطلوبة مع حزب الله. ويبدو أن السعوديين سيغدقون الكثير على جعجع في المرحلة المقبلة، خصوصاً لدعم حملته الانتخابية.
لكن بعيداً عن الثمن الذي جنته القوات، لا تخلو «النفخة» الواضحة في مواقف مسؤولي القوات وتصرفاتهم من «خشية» عبّر عنها عدد من القياديين بسبب ما أسموه «الهدف البعيد المدى من الحملة التي أطلقها حزب الله وحركة أمل وذهابهما إلى تسمية الأمور بأسمائها في بيان مشترك حمّل حزب القوات المسؤولية» عن جريمة الطيونة، إضافة إلى «مضبطة الاتهام» التي قدّمها نصرالله.
السفير السعودي في بيروت طلب من سعيد وريفي زيارة معراب
وقال هؤلاء إن جعجع بدأ التحضير لرد مفصّل على خطاب نصرالله، وجرى الاتفاق على مقابلة الغد، وهو «سيعتمِد الأسلوب نفسه الذي اعتمده السيد نصرالله في معرض الرد، إذ سيسرد الوقائع التي حصلت خلال نهار الجريمة، وسيدحض الاتهامات التي طاولت حزبه، وسيجدد القول إن ما حصل لا يتجاوز ردة فعل أهالي المنطقة على الاستفزازات»، إضافة إلى «التمرين» على كلام ينفي فيه أي صلة له بأي نوع من التسليح، مع عرض مفصّل لـ«دور حزب الله وتورّطه في حروب الآخرين وإدخال لبنان في سياسة المحاور».
مع ذلك لم يكُن صعباً على العارفين بأجواء معراب إدراك أن ثمّة ما يُربكها. ليسَ وحده الرقم الـ 100 ألف مقاتِل الذي ذكره السيد نصرالله وقصد به الخارج أكثر من الداخل هو السبب. معراب تدرك كغيرها، أو ربما أكثر من غيرها، قدرات حزب الله العسكرية وغير العسكرية وليسَت بحاجة إلى معركة تثبِت ذلك. لكنّ ريبتها وحذرها نابِعان من «عدم معرفتها بماذا يفكّر حزب الله، وإلى أين يريد أن يصل بحفلة الشيطنة التي يقودها». ولعلّ أكثر ما يؤرقها أن «حزب الله ومنذ عام 2005، لم يذهب يوماً معها إلى فعل التهديد بشكل مباشر بعدَ أن كانت كل المواجهات سياسية بالمواقف والتصاريح». بكل الأحوال، التحقيقات في ما حصل مستمرة، ومغامرة القوات بجولات أخرى قد تكون واردة، لكن في العلن فإن ردَّ القواتيين ورئيسهم في الأيام المقبلة «لن يتجاوز تسجيل موقف سياسي».
لكنّ الهاجس العملاني لدى قيادات القوات هو في العمل وسط الناس من أجل استثمار ما تعتبره حملة تخويف ضدها. والتركيز هو على جعل قوى كثيرة مثل حزبَي الكتائب والأحرار وقوى من المجتمع المدني تقف إلى جانبها ضمن تحالف يسبق الانتخابات النيابية المقبلة.
قضية البيطار: جلسة لمجلس القضاء ولا جديد
عُقد أمس، بعيدا من الأضواء، اجتماع لمجلس القضاء الأعلى لمناقشة اقتراح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير العدل هنري خوري تقديم اقتراحات إلى المحقق العدلي طارق البيطار بعد الاجتماع به الخميس. وقالت المصادر إن الاجتماع استعرض كل ما طرح من أفكار، وأن النتيجة لا تزال على ما هي عليه.
وقالت مصادر مطلعة إن رئيس مجلس القضاء سهيل عبود أبلغ الحاضرين بأنه لا يمكن تنحية البيطار عن ملف التحقيقات في جريمة تفجير المرفأ، ولا إقناعه بتعديل آلية عمله، وإن أي مسؤول كبير في الدولة لم يطلب ذلك بما في ذلك المعترضون على الأداء.
وفي هذا السياق، نفى متصلون بالبيطار ما جرى تسريبه أمس عبر قناة «العربية» عن نيته مغادرة لبنان إلى فرنسا. وقال هؤلاء إن المحقق العدلي «لا يزال على موقفه، ومستمر في عمله وتحقيقاته، وسيستدعي النائبين نهاد المشنوق وغازي زعيتر إلى جلسة استماع الجمعة، وفي حال تخلفهما سيصدر مذكرات توقيف بحقهما كما حصل مع النائب علي حسن خليل».
وبناء عليه، فإن رئيس الحكومة لن يدعو إلى جلسة قريبة للحكومة، لكنه لا يظهر حماسة للتقدم بمقترحات لمعالجة اعتراضات حزب الله وحركة أمل وتيار المردة على القاضي البيطار. ونقل عن ميقاتي أنه أبلغ المتصلين به بأن لبنان «لا يتحمل نتائج الضغوط الخارجية بشأن ملف التحقيق، وأن التدخل في عمله سيدفع الدول الكبرى إلى مقاطعة لبنان ومنع أي مساعدات عنه».
بلدية الغبيري تدّعي على رئيس القوات
علمت «الأخبار» أن بلدية الغبيري ممثَّلة برئيسها معن خليل تقدّمت بشكوى أمام النيابة العامة العسكرية ضد كلّ من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، و10 من عناصر الحزب تداولت وسائل الإعلام أسماءهم، وكل من يُظهره التحقيق، وادّعت عليهم بـ«جرائم القتل ومحاولة القتل وتأليف عصابة مسلّحة وجمعيات أشرار والترهيب». واتّخذت بلدية الغبيري صفة الادّعاء الشخصي على هؤلاء على خلفية استشهاد الشرطي البلدي محمد حسن السيد وزوجة مفوّض شرطة بلدية الغبيري الشهيدة مريم فرحات وإطلاق النار على أبنية وسيارات في النطاق البلدي، وطلبت توقيف المدّعى عليهم وإحالتهم إلى القضاء المختصّ.