IMLebanon

جعجع محور المرحلة المقبلة مع الأصدقاء والحلفاء الشرفاء

 

ردّاً على مقال معروف الداعوق

 

ممّا لا شكّ فيه أنّ عزوف الرئيس الحريري عن الترشّح للإنتخابات النيابية المقبلة، وتعليقه العمل السياسي قد تركا أثرًا  سلبيًّا في الساحة السياسيّة اللبنانيّة. لكن هذا لا يعني خروج المكوّن الحضاري السنّي من الحياة السياسيّة. فالرّئيس الحريري بنفسه برّره تعليقه وعزوفه عن العمل السياسي كما قال: « لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبّط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة».

 

ومن المؤكّد هنا أنّ مَن أقرّ دولته باعتبارهم السبب الرئيس لتعليقه عمله السياسي قد استغلّوا الإعلام من خلال خلق رأي عام حاقد على القوّات عبر حسابات إلكترونيّة وهميّة، ونجحوا بذلك. فقامت القيامة الإعلاميّة المستقبَليّة على القوّات ولم تقعد إلا بعد حديث المستقبَليّين العقلاء.

 

وعاد الأستاذ معروف وذكّر في مقاله أنّ « جعجع جذب الناخبين السنّة الى جانبه بالادعاء، بأنهم يؤيدون طروحاته، وخطه السياسي المناهض لسلاح حزب الله، ويرفضون ممارساته اللاشرعية بمصادرة مؤسسات الدولة.» وفاته أنّ أهل السنّة الأحرار ليسوا بحاجة إلى جعجع أو غيره ليؤكّدوا على حريّتهم ورفضهم ممارسات حزب الله في لبنان، لا سيّما وأنّهم أكثر المتضرّرين من مواجهته في زمن المواجهة بعد حكم المحكمة الدوليّة في اغتيال الشهيد رفيق الحريري.

 

وفاته أيضًا أنّ قانون الإنتخاب الحالي قد جعل من النّاخب مصوِّتًا لأهل طائفته بحسب الصوت التفضيلي الذي يمنحه للمرشّح الذي يقترع له. ما يعني عمليًّا أنْ لا تصويت سنيًّا لأيّ مرشّح غير سنّي. كما فاته أنّ القوّات لم ترشّح أيّ سنيّ، ولم تدعم بعد أيّ مرشّح غير المرشّحين الذين يدورون في فلكها مناطقيًّا ومسيحيًّا. فهذا كلام يراد  به باطل ولا يجوز من أيّ شخص يسعى لبناء أواصر مشتركة مع الآخر المختلف بهدف الإلتقاء على مشروع بناء الدّولة، وليس خدمة لمشروع الدّويلة التي إن استمرّ هذا النّهج ستصبح هي الدّولة. قد يكون هذا فات الأستاذ معروف، لكن كلّنا ثقة بأنّه لا يريده.

 

وزعم الأستاذ معروف بوجود هوّة كبيرة  بين القوّات والمستقبل ما هو إلا ترجمة عمليّة لبعض السياسيّين الذين يتكلّمون عكس ما ينبض به الشارع. ممّا لا شكّ فيه أنّ المجموعة الحضاريّة السنيّة قد قالت كلمتها يوم طرح دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري شعار «لبنان أوّلاً»، وكلّ ما يأتي بعد هذا الطرح ليس إلا تفاصيلاً صغيرة يكمن فيها الشيطان الأصفر الذي لا يريد للبنانيّين أن يجتمعوا حول لبنان الذي يشبههم. ونعتقد إذا قام الأستاذ الداعوق بمراجعة نقديّة ذاتيّة للنهج الذي تعاطى به دولة الرئيس سعد الحريري السياسة سيجد أنّ الأجرأ والأصدق معه هو سمير جعجع. فليس سمير جعجع الذي تراجع عن ترشيح نفسه ودعم الوزير فرنجيّة. وليس سمير جعجع مَن ساوم حزب الله والعهد وتولّى مهمّة تشكيل حكومة معهما، والقوّات نصحت الحريري بعدم خوض هذه المنافسة ولم ترفض تسميته لمجرّد رفضها، بل لمعرفتها المسبقة بأنّ هذا الفريق سيطعن بالرئيس الحريري. وهذا ما حدث.

 

ونسأل الأستاذ الدّاعوق عن أيّ تحالف انتخابي سابق يسألنا ودولته طلب من المستقبَليِّين التصويت لصديقه جبران؟ فهذه حقائق لا يمكن التغاضي عنها. حلف القوّات لم يكن انتخابياً مع المستقبل بل كان سياسياً بامتياز. والرئيس الحريري هو الذي قرّر تبديل خطّه السياسي اقتناعًا منه بأنّه يمنع الفتنة. ولكن رأينا كلّنا كيف حاولت الفتنة الدّخول من أبواب عين الرّمانة، ولولا تصدّي الجيش اللبناني وأهالي عين الرمانة العزَّل لها لما كان لبنان موجودًا اليوم.

 

والعجب العجاب من الأستاذ الدّاعوق كيف يطلب من سمير جعجع المبادرة لإصلاح ذات البين مع دولة الرئيس الحريري، وسمير جعجع هو الثابت الذي لم يبدِّل في مواقفه ولا في قناعاته بينما الرئيس الحريري هو الذي بدّل؟ لا يمكن يا زميلي العزيز أن نطلب من سمير جعجع أن يتراجع عن قناعاته ومبادئه وإلا لن يجد معه ولا قواتيٍّ واحد وهو الذي … تعرف تاريخ الرّجل بالصمود والثبات  في المواقف. لسنا بمعرض تذكير أحد  بذلك. فالتاريخ  سيتكلّم وليس نحن.

 

القوّات لا تتّهم المستقبل بالسكوت عن ممارسات حزب الله بل هو يدين نفسه بنفسه. وإذا كانت هذه الإدانة باطلة فلماذا لم يواجه مع القوّات هذا النّهج القاتل للبنان؟ لماذا علّق دولته عمله السياسي ورفض المواجهة؟ القوّات لا تريد من المستقبل تأييداً انتخابيّاً فحسب بل جلّ ما تريده أن يبقى التيّار الأزرق متمسّكًا بسماء لبنان الزرقاء. ومن المعيب القول عن سمير جعجع أنانيًّا وهو الذي خاطر بحياته ليدعم دولة الرئيس السنيورة في بقائه في السراي الحكومي في العام 2008. فالصواب السياسي ليس بالمواعظ وردّات الفعل بل بالمبادرات وبالثبات في المواقف، لذلك جعجع هو محور المرحلة القادمة، و«كلّن يعني كلّن» يريدون رأسه في السياسة وغيرها.  يبقى أنّ الأصدقاء والحلفاء الشرفاء والعقلاء وحدهم سيقولون كلمة الحقّ.  فهل مِن أيّ شكوك حول قدرة المجموعة الحضاريّة السنيّة على اجتراح المبادرات الوطنيّة والثبات في اللبنانيّة السياسيّة وقول الحقيقة مهما كانت صعبة؟