IMLebanon

جعجع ينتصر على «التيّار» و«حزب الله»  

 

 

كلّ الكلام الذي كان جعجع يقوله علناً وفي المجالس، صار حقيقة. إذ كان يقول ويردّد: «إننا قادرون على التغيير…» وبالفعل أثبتت نتائج الانتخابات أنّ ما قاله جعجع صار حقيقة.

 

صحيح انه أبرم «اتفاق معراب» مع فخامة الرئيس ميشال عون مؤيّداً بموجبه بإيصال الجنرال ميشال عون الى الرئاسة، لكن الاتفاق كان مكوّناً من عدّة بنود: أولها إيصال الجنرال ميشال عون الى الرئاسة، لكن البند الثاني كان ينص على تقاسم الحصص عند تأليف أية وزارة مناصفة بين القوات والتيار… أمّا البند الثالث فكان تقاسم عدد النواب مناصفة بين القوات وبين التيار، فماذا جرى بعد توقيع الاتفاق؟

 

ما جرى أنّ الصهر العبقري جبران باسيل بعدما حصل على البند الأول تنصّل من بنود الاتفاق الأخرى، ما أدّى الى تشكيل حكومة بعد عام كامل حيث ان الرئيس المكلف الرئيس سعد الحريري يومذاك أصرّ على أن يعطي جعجع ما اتفق عليه مع «التيار». لكن العقدة كانت أنّ جبران رفض أن يعطي ما اتفق عليه، وهنا بدأت المعركة بين الطرفين.

 

من ناحية ثانية، تسبّب الجوع المزمن للسلطة والذي أصاب الصهر العزيز، برفض الصهر إعطاء ما اتفق عليه في الوزارات، وجاء موعد الانتخابات عام 2018 لتكرر المشكلة، ولكن بشكل أسوأ، إذ كان همّ الصهر الحصول على أكبر كتلة نيابية، ليقول إنه الممثل الأكبر والأهم للمسيحيين، وأن أي مسيحي آخر لا يمثل شيئاً، هذا أولاً…

 

ثانياً، تصرفات «الحزب» منذ «الطائف» وحتى اليوم تدل على أنّ هذا الحزب غير اللبناني إلاّ «بالاسم» فقط، لأنه وكما صرّح السيّد حسن نصرالله أكثر من مرّة أنه جندي في ولاية الفقيه وأنّ أمواله وأكله وشربه ورواتبه وطبابته وسلاحه من صواريخ (100 ألف صاروخ) ومن أسلحة ثقيلة كلها من الدولة الاسلامية في إيران، وأنّ هدفه أن يكون لبنان ضمن منظومة ولاية الفقيه.

 

ولو استعرضنا المراحل التي أوصلت الشعب اللبناني الى رفض منظومة الحزب، فإنها بدأت منذ زمن بعيد، كما قلنا، ولكن أيام الرئيس حافظ الأسد كان غازي كنعان مدير المخابرات العسكرية – الفرع الخارجي، يتدخل مع نائب رئيس الجمهورية الاستاذ عبد الحليم خدام ويتم حل كل مشكلة، إن كانت في انتخاب رئيس أو تعيين وزارة.

 

ولكن بعد وفاة الرئيس الأسد وتسلم ابنه الرئيس بشار الأسد، تغيّرت الأمور وأصبحت سوريا تلتزم بما يقرره حزب الله، والجميع يتذكر كيف ظهر الرئيس الأسد مع الرئيس الايراني ومعهما السيّد حسن نصرالله رافعين أيديهم مع بعضهم البعض. هذا ما كان ليحصل مع الرئيس حافظ الأسد لأنّ القرار كان بيده ولا يمكن ليسمح لأحد بالتدخل.

 

أما في عهد الابن فقد تغيّرت الأحوال، وبدأت الأمور تتجه نحو ترك الحزب كمرجعية في لبنان من دون أية مشاركة سوريّة، وازدادت الأزمات أكثر بعد اغتيال شهيد لبنان الكبير الرئيس رفيق الحريري، حيث أصبح الحزب هو الحاكم الوحيد في لبنان.. هو يعيّـن رئيس الجمهورية كما حصل أيام الرئيس ميشال سليمان حيث تعطلت الرئاسة سنة ونصف السنة حتى جرى «اتفاق الدوحة». ومرة ثانية يوم أصرّ الحزب على أن يكون ميشال عون رئيساً أو لا انتخابات، وبقيَت الأمور لمدة سنتين ونصف السنة، ولبنان من دون رئيس حتى وافق الجميع على فخامة الرئيس ميشال عون.

 

جاء الرئيس ميشال عون وكنا نظن أنه جاء كمنقذ، ولكن هذا المنقذ تبيّـن أنه أفشل رئيس جمهورية مرّ في تاريخ لبنان، والأفشل منه صهره العزيز الذي يستحق جوائز في التعطيل والفشل، إذ انه لم يتسلم وزارة إلاّ وخرّبها: من وزارة الاتصالات بتعييناته الحزبية من أجل الانتخابات النيابية، حيث خسّر الخزينة مليار دولار بسبب رواتب غير مجدية… الى وزارة الكهرباء وهنا الطامة الكبرى، فهو بسبب البواخر والهدر واستعمال الفيول بدل الغاز كبّد الدولة خسائر بقيمة 65 مليار دولار، ما يشكّل ثلثي الدين العام البالغ 90 مليار دولار.. الى البواخر، وما أدراك ما البواخر.. الى السدود التي كلفت الملايين ولا سدود أنجزت أو تمّ إنشاؤها… الى وزارة الخارجية «وختامها مسك» حيث استعان بجهاز أمن الدولة للانتقام من المدراء في الوزارة.. الى تكبيد الدولة مئات الملايين هدراً لقاء سفراته الى الخارج للبحث عن أصوات انتخابية.

 

كل هذه الأمور تحمّلها الشعب اللبناني، ولكن عندما وصلت الأمور الى الانهيار المالي وتعطيل القطاع المصرفي لأوّل مرة في لبنان وفي أي بلد في العالم، وصار المواطن اللبناني الغني نسبياً مقارنة مع الموظفين في سوريا أو في العراق أو في اليمن أو في إيران فقيراً مُعْدَماً…

 

وأمام عدم وجود كهرباء ولا مال في البنوك ولا فرص عمل، جاء انفجار المرفأ ليكون الطامة الكبرى، في طريقة معالجة الأمور من نظام أثبت انه فاشل بكل معنى الكلمة وعلى جميع المستويات.

 

جاء موعد الانتخابات التي كان «الحزب العظيم» يظن بأنّ السلاح وحده يكفي لتخويف وتهديد اللبنانيين، وأنّ الجميع سوف يرضخون لإمرة السلاح.

 

فبين فشل الحكم وبين الأزمات الاجتماعية التي لم تعد تحتمل، وبين انهيار البنوك وأزمة الأدوية والمستشفيات… لكل هذه الأمور مجتمعة جاءت النتائج لتقول لهذه المنظومة الحاكمة: كفى.. نعم كفى.. وألف كفى… ومليون كفى..