Site icon IMLebanon

جعجع “الزاهد” بالسلطة … الرئيس وسيلة للتغيير وليس لـ”التعتير”

 

من يراقب الخط الذي تنتهجه «القوات اللبنانية» منذ خروج الدكتور سمير جعجع من المعتقل في تموز 2005 يرى أن الخطاب السياسي والسيادي يعلو على حبّ السلطة والدخول إلى جنة الحكم.

 

من وجهة نظر قيادة «القوات»، فان ما قام به وزراء الحزب منذ الدخول الأول إلى السلطة التنفيذية هو عين الصواب والأساس لبناء الدولة القوية، في حين ترى شريحة تناصر «القوات» أنّ ما يقوم به الحزب يجعله ضعيف الحضور داخل أروقة الدولة.

 

وهناك رأي عام سائد أن جمهور «القوات» تعرّض منذ العام 1994 لأبشع أنواع الإضطهاد من سلطة الإحتلال السوري وادواتها في الداخل، وبات كل مسيحي في الدولة معاقباً إذا كان قريباً من التوجّه القواتي، لذلك فان نواب الحزب يواجهون صعوبة بالغة إذا أرادوا تمرير خدمة لمواطن داخل إدارات الدولة.

 

ويُؤخذ على «القوات» أنها استلمت وزارة العدل بين الأعوام 2008 و2011 ولم تستطع إسترداد بعض ممتلكاتها القانونية ولم تستعمل النفوذ داخل قصور العدل، كما انها خرجت من الحكومة في العام 2011 ولم تدخلها العام 2014 مع تسوية حكومة الرئيس تمام سلام، في حين أن عودتها إلى طاولة مجلس الوزراء العام 2016 لم تترافق مع ادخال أفواج من القواتيين إلى الوزارات لا بل بالعكس فان وزراء «القوات» أنهوا عقود موظفين لا يعملون، بينما أدخلت أحزاب وتيارات السلطة نحو 6000 موظف قبل إنتخابات 2018.

 

وعلى رغم بعض النقمة الجماهيرية، إلا أن تأكيد القيادة القواتية بأنها لن تفعل إلا ما يمليه عليها ضميرها، فهي لا تعتمد سياسة «دحش» موظفين مع إن شباب الحزب بأمس الحاجة لوظيفة كما أنها لا تدخل بازارات الفساد، والدليل ان كل مجموعات الثورة لم تستطع الخروج بملف فساد واحد على «القوات» ووزرائها.

 

وكان رئيس حزب «القوات» قادراً ان يعلن باطلالته الأحد في قداس الشهداء ترشحه للرئاسة، لكنه بدا زاهداً مع أن خصومه وعلى رأسهم «التيار الوطني الحرّ» يعتبرون أن جعجع والنائب جبران باسيل أَولى بالترشّح، لكن جعجع لم ينجرّ إلى فخ باسيل.

 

وفي السياق، فان جعجع يضع نصب عينيه إنتخاب رئيس بالمواصفات التي حددها خلال القداس، والأولوية بالنسبة اليه إنتشال لبنان من فكّ محور «الممانعة» لا وصوله أو أي نائب من تكتل «الجمهورية القوية» إلى سدّة الرئاسة.

 

ومن أجل ذلك، فان جعجع أعطى الضوء الأخضر للمعارضة للإتفاق على خطة لإدارة المعركة الرئاسية والخروج باسم جامع، وما طبّقه على إنتخابات نائب رئيس مجلس النواب يطبقه جعجع على الإنتخابات الرئاسية، فـ»القوات» كانت خارجة من إنتصار نيابي مدوٍّ وخصوصاً في الأقضية ذات الأغلبية الأرثوذكسية وعلى رأسها الكورة ودائرة بيروت الأولى لكن «القوات» تنازلت عن ترشيح النائب غسان حاصباني لصالح وحدة المعارضة.

 

واليوم يريد جعجع اسماً موحداً للرئاسة، لكن «ليس كيف ما كان» فالرئاسة مدخل للتغيير وليس لإستكمال نهج التعتير، وبالتالي فان قنوات الإتصال قد انطلقت بين جميع المعارضين والعبرة بالإتفاق ورصّ الصفوف، في حين ان معراب من اكثر المقرّات التي تتحرّك رئاسياً من دون ضجّة من أجل إنجاح الإتصالات، وستشهد الأيام والأسابيع المقبلة حركة لافتة بعيداً عن الإعلام لأن الوضع لا يحتمل المراوحة.