مع حفظ ألقاب الجميع،
نبيه برّي في أحاديثه الصحفيّة يغمز من قناة سمير جعجع أنّه هو مَن يُعرقِل انتخابات الرئاسة ويعطّلها. وليد جنبلاط ينضمّ الى برّي، ويتّهم جعجع بتفضيله الفراغ على انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة. جبران باسيل يرجو بكركي لِجَمعِه بجعجع ولو للصلاة، وإلّا اتّهمه برفض الاتفاق على رئيس للجمهوريّة. قيادات «حزب الله»، بالمباشر او بالإيحاء، وعلى مدار الساعة، تتّهم جعجع بخراب البصرة. وهلمّ جراً.
نعم، معهم حقّ بري وجنبلاط وباسيل وقيادات «حزب الله» وملحقاتهم. فلولا جعجع لكان الدولار بألف ليرة لبنانيّة فقط وليس بمئة وخمسين ألفاً. ولولا جعجع لكان الاحتياط في المصرف المركزي مئة مليار دولار بدل أقلّ من عشرة مليارات. ولولاه لعَادَ كلّ الأطبّاء والممرضين وأصحاب المهن الحرّة والأدمغة والاختصاصيّين والحِرَفيّين الى الوطن مِن هجرتهم القسريّة. ولولاه لكانت الكهرباء مشعشعة في كلّ لبنان 24/24. ولولاه لكانت التحمت أرض السدود المفخوتة وأمتلأت مياهاً وصَدّرناها الى الخليج.
ولولا جعجع لكنّا استخرجنا النفط مِن كاريش وأرسلناه الى القمر والمرّيخ. ولولاه لكان اللبنانيّون والخليجيّون والعرب أتوا من جديد بملايينهم وملياراتهم ليستثمروها في لبنان المزدهر. ولولاه لكانت أُقفِلت كلّ المعابر غير الشرعيّة وتوقّف التهريب المدعوم وغير المدعوم الى سوريا وما بعد سوريا. ولولاه لما دخل أي «كونتينر» أو شنطة على المرافئ والمطار من دون تفتيشها ودون دفعها الرسوم. ولولاه لكانت كلّ مصانع المخدّرات والكبتاغون قد تحوّلت الى مصانع أدوية من الطراز العالمي الرفيع.
ولولا جعجع لما تمنّعت مناطق عن دفع رسوم واشتراكات الكهرباء والماء والميكانيك وسواها. ولولاه لكانت طرقات لبنان وبُنيَته التحتيّة ومحطات التكرير ومحطات المترو والقطار تنافس مثيلاتها في كبريات عواصم العالم. ولولاه لما هُدِرَت ملايين ومليارات الصناديق والمجالس والهيئات والمؤسسات والوزارات وتلزيماتها. ولولاه لكان القضاء بألف خير ولكنّا قد اكتشفنا مَن سرق وهرّب وبَيَّض الأموال، ومَن قتل «النملة» ومن اغتال «البرغوت» ومَن فجّر المرفأ وبيروت. ولولاه لكان لبنان ملتقى للحضارات والحوارات والمفاوضات وممرّاً ومقرّاً لملوك العالم ورؤسائه ومشاهيره.
ولولا جعجع لكان لبنان منارةً للعلمِ وللفكرِ والثقافة والمعارض والفنّ والسياحة والضيافة والجمال والإبداع. ولولاه لرُسِّمَت الحدود مع سوريا ولاسترجعنا منها مزارع شبعا وكفرشوبا ومياهنا الاقليميّة الشماليّة.
لا يا سادة، أوقِفوا لعبة شيطنة المؤمنين بهذا الوطن والمدافعين عنه وعن وشعبه وهويّته ودستوره وحدوده من دون أي ارتباط بمحاور ودول خارجيّة لا يربطنا بها لا تاريخ ولا حضارة ولا ثقافة. فالحقيقة هي أنّ، لولا وجود جعجع وأمثال جعجع مِن قيادات وقوى وقادة رأي ونواب سياديّين مناضلين إصلاحيّين تغييريّين، مسلمين ومسيحيّين، لانقطع الأمل. نعم هؤلاء يمثّلون الوجه اللمّاع من الميدالية، وهم يرفضون المضي بالانهيار وهم يعملون لإخراج بلدهم من أتون النار.
نصلّي مع البطريرك الماروني بشارة الراعي في حريصا، في أربعاء الآلام في ٥ نيسان، لكي تكون مناسبة انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهوريّة فرصةً فعليّة لبداية الخروج من جهنّم التي أوصَلَنا اليها تحالف الدويلة والفساد، لأنّ لا قيامة للبنان في ظلّ الهيمنة ذاتها والنهج ذاته والأدوات ذاتها.
(*) عضو «الجبهة السياديّة من أجل لبنان»