في الوقت الذي كان كثير من اللبنانيين يترقبون أيّ كلام أو إشارة تصدر عن رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع حول 14 آذار وثورة الأرز في زمن إحباط وصدمة لبنانيّة خيّمت على صدور اللبنانيين الأسبوع الماضي، فوجئنا بأحد المواقع الألكترونيّة لزميل كان محسوباً على القوات اللبنانيّة أعاد بالأمس نشر بثّ فيديو أغنية لمن يسمّى «المنشد» علي بركات ـ وفي توقيت مريب ـ «حلم الرئاسي – لازم ع الزنزانة ترجع» مع إشارة في ذيل الخبر الذي ضلّل به كثيرين بإشارة إلى أنّ هذه الأغنية أصدرها بركات في الـ2014 ولا تزال موجودة على يوتيوب!! هذا التضليل وإعادة الترويج لهكذا سموم لمصلحة من، ولن نقول أكثر من ذلك في هذا!
الكلام الصادر عن «الحكيم» بالأمس يشبه دواءً لداء الأسى والحزن الذي يشعر به كثير من اللبنانيين، فقد أجاب على سؤال يحفر عظام اللبنانيين ويجرمها جرماً بعد ثلاثة عشر عاماً من التضحيات والصمود في وجه المشروع الإيراني، طرح نفس سؤالنا، إلا أنّه أجابنا عنه «البعض منكم يتساءل: أين هي «ثورة الأرز» وأين قوى «14 آذار»؟ أنا لا أخفي أن هناك تضعضعاً في رأس الهرم إلا أنه ولحسن الحظ هناك تماسك في أسفله، بمعنى أن كل المواطنين اللبنانيين الذين كانوا يؤيدون مبادئ «ثورة الأرز» و»14 آذار» لا يزالون حتى اليوم يؤيدون تلك المبادئ. من هنا، طالما أن هذه الأساسات صلبة وثابتة فالدنيا بألف خير مهما كان التضعضع كبيراً في رأس الهرم».
«الدنيا بألف خير»، مع هكذا رجل حكيم، نعم «الدّني بألف خير»، والأهمّ من جرعة الأمل الكبيرة التي نفحنا بها الدكتور جعجع، هي حلٌّ جديّ جداً يسحب البساط من تحت أرجل دُعاة «المقاومة الإيرانيّة» ومحاولاتهم الدؤوبة لأخذ البلد والشعب والجيش والدّولة رهينة لأجندة إيران التي تستخدم هذا الذراع المسمّى «حزب الله» والذي يذرّ رماد العمى في عيون جمهوره بالحديث عن «المقاومة» التي بدأت في لبنان وامتدت للمشاركة في الحرب الإيرانيّة ـ العراقيّة، إلى العراق، واليمن وسوريا والأرجنتين وإفريقيا وهلمّ جراً!
بدون شكّ «القوات اللبنانيّة «أمّ «المقاومات» في المنطقة، بل هي المقاومة الحقيقيّة في لبنان، وليسمح لنا أدعياء المقاومة أن نطرح السؤال، مشروع الرئيس الشيخ بشير الجميّل ألم يكن مشروعاً لبناء الدّولة بدل المزرعة؟ متى طرحت القوات اللبنانيّة نفسها بديلاً عن الدولة؟ بالأمس طرح الدكتور سمير جعجع صورة جامعة للمقاومة تنسف نظرية «الثلاثيّة الخشبيّة» من أساسها فقال بوضوح: «نحن أرباب المقاومة التي لها أصولها وسبل القيام بها من خلال الدولة لا خارج الشرعية وإن دعا داع على حدودنا الشماليّة أو الجنوبيّة أو الشرقيّة أو الغربيّة فنحن المقاومة التي ستقف بالمرصاد وستكون من خلال الدولة فقط»…
بالتأكيد حزب الله لا يقبل بهكذا مقاومة، لم نشهد عبر التاريخ مقاومة تعمل دفاعاً عن وطنها وتقوم بقضم الدولة وتدميرها مرّة تلو الأخرى، إلا «مقاومة إيران»، غاص إصبع «الحكيم» في الجرح اللبناني «لا قيام لأي مجتمع من دون الدولة التي تسقط في حال قيام أي أمر آخر إلى جانبها، وبالتالي الإدعاء أن القوة الوحيدة التي يمكننا الإتكال عليها هي «المقاومة» هو بمثابة تأكيد أن لا وجود للدولة وفي هذه الحال، لا سمح الله، فلا وجود للبنان».
كلام الدكتور سمير جعجع بالأمس خلاصة أهمّ بكثير من الحديث عن أيّ استراتيجيّة دفاعيّة، وبقدر الإحباط الذي يشعر به اللبنانيّون بقدر ما جاءت صراحة سمير جعجع مطمئنة «هناك تضعضعاً في رأس الهرم إلا أنه ولحسن الحظ هناك تماسك في أسفله»، نعم، «ثورة الأرز»، يوم 14 آذار العظيم صنعه الشعب اللبناني، نزلنا نحن وهم ركضوا وراءنا ليتصدروا المشهد.
حان الوقت لطرح رؤية جدّية حقيقيّة عن «المقاومة»، نريد مقاومة لبنانيّة «قحّ»، مقاومة حزب الله خبزها اللبنانيّون وعجنوها ويحفظون عن ظهر قلب مخادعتها لهم كلّ يوم أنّها تدافع عن لبنان في وجه العدو الإسرائيلي، فيما هي تحارب لمصلحة إيران على خطّين القتال والسلاح، ونشر التشيّع الفارسي وعلى كلّ جبهات العالم من سوريا وصولاً إلى نيجيريا!