Site icon IMLebanon

سمير جعجع: هل قلتَ قوة ثانية؟

يواظب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، منذ تسلمه قيادة الحزب، على التزام الاستراتيجية نفسها: التكرار كي يتعلّم اللبنانيون. لذلك يقتضي الدرس الأخير تكرار مقولة «الزعيم الثاني مسيحيا» الى أن يسلّم الرأي العام بهذا الشعار، حتى لو كان الزعيم المسيحي المفترض قائداً لجيش كرتوني

ليس تفصيلاً أن يقف رئيس حزب القوات سمير جعجع وراء منبر الرابية ليعلن أن لقاءه برئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون جمع القوتين المسيحيتين الكبيرتين. لم تكن تلك جملة عبثية بقدر ما هي استراتيجية «مبكلة» لاقناع المسيحيين، مرة أخرى، بما يريدهم جعجع أن يؤرشفوه في عقلهم الباطني: القوات هي القوة المسيحية الثانية بعد التيار الوطني الحر، حتى لو كانت توازنات الأرض تخالف أحلام جعجع وطموحاته. لا همّ، فالمطلوب بصم القوة الرئيسية، الرابية، على ذلك (وهو ما تحقق فعلياً)، تمهيداً للانطلاق الى مخاطبة الجمهور على هذا الأساس؛ حتى لو كان رصيد الحزب وزارياً ونيابياً وعلى مستوى المسؤولين والناشطين منعدماً كلياً.

البداية من التمثيل الوزاري، حيث لا قيمة لمواقف القوات حيال أي مشروع أو قانون أو تعيين نتيجة غيابها الحكومي، وبالتالي لا قدرة فعلية لها على خدمة الناخبين ولا على تجسيد تطلعاتهم وأفكارهم. ثانيا، يصعب التصديق أن زعيماً مسيحياً كبيراً يفشل في ايصال مديريه العامين الى ادارات الدولة، ويعجز عن انجاح 10 رؤساء بلديات من خارج بلدته، بشري. أما على المستوى النيابي، واذا ما كان معيار الفوز يتعلق بالقدرة الذاتية لا رافعة الحلفاء، فيبدو لافتاً اقتصار غلة «القوة المسيحية الثانية» على نائبين في بشري فقط. تنقشع الرؤية أكثر في معقل المسيحيين الأبرز، محافظة جبل لبنان. هنا، تحلّ الشعارات أيضا مكان المناصرين والهاتفين بحياة «الحكيم» و… النواب. ولولا «صدقة» النائب وليد جنبلاط في الشوف على القوات بمقعد نيابي يتيم يشغله النائب جورج عدوان، لما حظي الزعيم الثاني للمسيحيين بنائب في جبل لبنان. «القوات في كل مكان»، يكرر القواتيون. القوات حاضرة في عاليه برغم أن هذا الحضور عبارة عن حفل عشاء سنوي للهيئة، التي لم يبرز فيها أي ناشط يطمح الى فرض نفسه في المدينة.

القوات فاعلة بعبداويا، وفي عين الرمانة تحديداً على ما تقول البروباغندا، فيما الانجاز القواتي الوحيد هناك يتمثل برفع صورة كبيرة لـ «الحكيم». في المتن الشمالي، يتكرر الحديث عن «10 آلاف بطاقة»، فيما كانت نتائج الاستحقاقين النيابيين عامي 2005 و2009: قاعدة حزبية وازنة منضبطة وملتزمة في صفوف حزب الكتائب تفرض رئيسها رجلا أساسيا عند تأليف لائحة القضاء، قوة شعبية فردية وقدرة تجييرية لا يستهان بها تدعى ميشال المر، من دون أثر للعشرة آلاف قواتي! ومن المتن الى كسروان، يضيق افق القوات لينعدم مع رفض قوى 14 آذار الدائم تبني مرشح معراب شوقي الدكاش وتفضيلها كارلوس اده عليه، باعتبار أن الأخير قادر على تأمين أصوات للائحة أكثر منه! أما في جبيل، فيمكن سماع صدى لاسم فارس سعيد في الجرد، ويمكن السماع بزياد حواط على مستوى المدينة وبلديتها وانمائها والساكنين فيها، برغم عدم حزبيته أو دعم قوى مجتمعة له. وفي المقابل، يصعب الوقوع على اسم قواتي واحد أكان مرشحا أم ناشطا، وسط نفي سعيد المتكرر لشائعة معراب القائلة أن «زعيم قرطبا في جيبها».

من يفشل في تثبيت أعمدة امبراطوريته المزعومة في جبل لبنان، فلن ينجح طبعا بالولوج الى الأقضية الأخرى لتوسيع نفوذه. أبرز مثال على الفشل القواتي في المناطق الأخرى يتجلى بمرشح الحزب عماد واكيم في بيروت، الذي يعمل على تعزيز نفوذ معراب عبر تقديم القهوة في كؤوس تحمل شعار القوات. لذلك، استغنى تيار المستقبل في الانتخابات النيابية السابقة عن غطاء القوات المسيحي في بيروت بعد ضمانه تأييد المطران الياس عودة، مفضلا الاستفادة من القناع القواتي المسيحي في زحلة. وبسبب عدم توافر مرشحين قواتيين للمقاعد الشاغرة، طلب المستقبل من النواب الحاليين رفع لواء معراب هناك. وفي البترون، تعلو أسهم النائب القواتي أنطوان زهرة، وتنخفض وفق بارومتر النائب بطرس حرب وأهوائه؛ وفي الكورة، تقف كرسي معراب على شوار تيار المستقبل والنائب فريد مكاري. ويستحيل شمالا على ممثل القوات في عكار وهبي قاطيشا حصد أصوات للنجاح في عضوية بلدية بلدته شدرا، فضلا عن مقعد نيابي على مستوى كل عكار!

يقود كل ما سبق الى ثابتة وحيدة لا تقبل التأويل: لا قوة مسيحية في المرتبة الثانية بل مجموعة رجال منضوين في «كتيبة تيار المستقبل»، يشكلون مجتمعين نواة هذه القوة. أمين الجميل في المتن الشمالي، منصور البون في كسروان، فارس سعيد في جبيل، بطرس حرب في البترون، فريد مكاري في الكورة، المطران الياس عودة والنائب ميشال فرعون في بيروت، و… سمير جعجع في بشري.