كتب طارق الحميد في “الشرق الأوسط”:
في الوقت الذي كشفت فيه وكالة “رويترز” نقلاً عن مسؤولين إيرانيين٬ عن أن طهران قررت تعزيز تنسيقها مع روسيا حول سوريا؛ وذلك بعد اجتماع الرئيس الروسي بالمرشد الإيراني الشهر الماضي٬ أعلن حزب الله٬ أمس٬ عن مقتل سمير القنطار في دمشق نتيجة غارة إسرائيلية.
القنطار الذي يلّقبه حزب الله بعميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية٬ تم الإفراج عنه عام 2008 في إطار صفقة تبادل للسجناء بين إسرائيل والحزب٬ والآن تمت تصفيته في دمشق. والسؤال هنا ليس عّما كان يفعله القنطار في دمشق؛ فالأمور واضحة بهذا الخصوص٬ وإنما السؤال هو: ما رأي إيران٬ ومعها حزب الله٬ والقنطارُيصّفى في دمشق من قبل إسرائيل٬ بينما الجميع يعرف أن دمشق تحت الوصاية الروسية الآن٬ وهذا ليس كل شيء٬ بل إن الرئيس فلاديمير بوتين قال الأسبوع الماضي٬ وبلغة تحٍّد واستفزاز للأتراك: “روسيا ليست دولة ضعيفة. لقد عززنا وجودنا العسكري٬ وزدنا عدد طائراتنا الحربية٬ وإذا كان الأتراك يحلّقون هناك٬ وينتهكون المجال الجوي السوري فدعهم يجربوا الآن التحليق هناك”؟!
الواقع هو أن الإسرائيليين هم من حلّق في سماء دمشق٬ وقاموا بتصفية القنطار الذي يصفه حزب الله بـ”المقاوم والمجاهد”٬ وفي الوقت الذي تعلن فيه إيران عن وفاق كامل بشأن سوريا” مع روسيا٬ وبمباركة من المرشد علي خامنئي٬ فما رأي إيران الآن؟ وما رأي حزب الله؟ وهل تصفية القنطار في دمشق من قبل إسرائيل توافق الرؤية الإيرانية الروسية المشتركة حول سوريا؟ وما رأي الرئيس بوتين الذي يهدد تركيا بأن تتجرأ بإرسال طائراتها إلى المجال الجوي السوري؟ أم أن المجال الجوي السوري يعتبر مفتوًحا لإسرائيل؛ وذلك نتيجة غرفة العمليات المشتركة الروسية الإسرائيلية المعنية بتنسيق الأوضاع في سوريا بعد التدخل الروسي هناك؟ أم أن لدى الإسرائيليين مقدرة على دخول الأجواء السورية دون أن يشعر الروس٬ وهو ما يناقض حديث الرئيس بوتين٬ وتباهيه أمام الأتراك٬ عن قوة موسكو؟
الأكيد أن الإيرانيين٬ ومعهم حزب الله٬ ومثلهم الروس٬ في ورطة الآن٬ بعد اغتيال سمير القنطار في غارة إسرائيلية٬ كما هو معلن٬ فكيف تبرر إيران إعلانها توافق المواقف مع الروس في سوريا٬ بينما الروس ينسقون مع إسرائيل التي قامت بتصفية القنطار الذي يصفه حزب الله بـ”المقاوم والمجاهد”؟ وما الذي سيقوله حزب الله لأنصاره في لبنان بعد مقتل القنطار الذي استقبله حسن نصر الله في عام 2008 ببيروت استقبال الأبطال؟ وأين هي القوة الروسية التي تباهى بها بوتين أمام الأتراك؟ ملخص القول هو أن سوريا باتت بمثابة الورطة لكل من يحاول مناصرة مجرم دمشق بشار الأسد٬ وإيران٬ وحلفائها هناك٬ ومعهم الروس٬ هم في حفرة٬ وكل يوم يمضي يعني أنهم يواصلون الحفر٬ صحيح أن الثمن مكلف٬ ومحزن٬ بالنسبة للسوريين٬ لكنها ورطة حقيقية للإيرانيين٬ وحزب الله٬ والروس٬ وهذا ما تثبته الأحداث يومًيا.