IMLebanon

عقوبات عقوبات .. فماذا تفعل العقوبات ؟!  

 

 

قد يستغرب البعض، موقفي هذا من موضوع العقوبات، التي أعتبرها وبكل صراحة، «مضيعة» للوقت.

 

لقد قرّرت الخوض في هذا الأمر، بعدما أقرّت واشنطن بداية هذا الاسبوع، عقوبات جديدة على إيران، استهدفت المرشد الأعلى وقادة في الحرس الثوري الايراني. كما فرضت عقوبات على مستشار الأمن القومي العراقي السابق، ورئيس هيئة «الحشد الشعبي» فالح الفيّاض، بسبب ما وصفته «إنتهاكات» خطيرة لحقوق الإنسان في العراق.

 

أقول: العقوبات ليست مُجدية… وإثباتاً لما أقول، أعود تحديداً الى العراق أيام صدّام:

 

أولاً: عندما دخل صدّام الكويت، واحتلها عام 1990، قامت الدنيا عليه ولم تقعد. إذ من غير المقبول أن يُقْدِم رئيس دولة على احتلال دولة أصغر من دولته بحجج وأكاذيب واهية، ذكر منها أنه دافع عن الكويت أيام الخميني.

 

لقد اجتاح الجيش العراقي الكويت في عهد صدّام، وكانت إحدى حججه، أنّ الكويت «قضم» قسماً من الأراضي العراقية و»سرق» النفط من حقل الرميلة النفطي، وطالب بتسديد نحو ملياري يورو.

 

لقد كان الخطأ الذي ارتكبه صدّام «مميتاً وعاراً» في سجل الأمة العربية جمعاء… ولا يزال العرب حتى اليوم، يدفعون ثمن تهوّر صدّام.

 

لقد فقد العراق اليوم، بعد احتلاله من قوات التحالف بزعامة أميركا قسماً كبيراً من سيادته، إذ باتت تحكمه مجموعة ميليشيات مسلحة، تحمل شعارات دينية تقسيمية متطرّفة الى أبعد الحدود.

 

وأعود الى مسألة العقوبات على العراق… وأتساءل: ماذا فعلت هذه العقوبات؟ وبماذا أضرّت العقوبات النظام العراقي وعلى رأسه صدّام يومذاك؟

 

لم يُعِرْ صدّام أي اهتمام للعقوبات، وراح يصول ويجول كما يحلو له… الوحيد الذي دفع ثمناً باهظاً، هو الشعب العراقي المسكين، الذي تحوّل من شعب غني الى شعب فقير يعاني الحرمان. إذ يكفي القول إنّ الخزينة العراقية كانت تحوي في «خزينتها» عام 1980، /800 مليار دولار/ عداً ونقداً، في حين صار العراق اليوم بحاجة الى 4.5 من المليارات لدفع رواتب عناصر جيشه وقوى أمنه وموظفيه. والمصيبة الأكبر، أنّ هناك شروطاً تعجيزية تُفْرض على الدولة، لتأمين هذا المبلغ.

 

أما في إيران، والتي مرّ على العقوبات عليها، ما يزيد على الـ15 عاماً… فإننا نتساءل أيضاً: ماذا حققت هذه العقوبات هناك؟

 

آية الله خامنئي وقادة إيرانيون كُثُر، أعلنوا أنهم يسيطرون على أربع عواصم عربية هي: بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء.

 

فبالله عليكم… أجيبوني: هل خَفَضّت إيران دعمها لـ»حزب الله» اللبناني ولـ»حماس» وبقية التنظيمات والمجموعات الموالية لها والتي لا تزال تموّلها؟ أو قلّصت دعمها للنظام السوري بقيادة بشار الأسد، أو للحوثيين في اليمن؟

 

يكفي القول إنّ قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الايراني سابقاً، كان يحصل على 6 مليارات من النفط العراقي، غير سرقات المالكي رئيس مجلس الوزراء السابق. لقد تحوّل العراق بفضل العقوبات الاميركية بين ليلة وضحاها من دولة غنية الى دولة «مفلسة»…

 

وهنا أعود الى تساؤل مُلِحّ: «لو كانت الولايات المتحدة تريد معاقبة إيران، ولم تكن شريكاً فعلياً للنظام الايراني، لكانت فعلت عكس ما تفعله اليوم…».

 

إنّ الولايات المتحدة لو أرادت «إزالة» إيران لفعلت… لكن عقوباتها على النظام الايراني، لا تبدو وكأنها غيّرت من خارطة التأثير الإيراني في المنطقة. كما لا يبدو أنّ الهدف الأميركي الـمُعْلن، ممكن في الظروف الحالية، لأنّ أميركا تُضْمر عكس ما تبوح به.

 

لقد أدّت سياسة أميركا «الخادعة» الى جعل إيران تتكيّف بالحد الأدنى، مع الواقع، الذي تريده أميركا فعلاً لها…

 

وبالتالي، فإنّ مسلسل العقوبات، وإن كان مستمرّاً كما يبدو، عاجز عن فعل أي شيء، لا لأنّ أميركا غير قادرة، بل لأنها لا تريد ذلك.