قرأنا مؤخراً، رسائل مباشرة وغير مباشرة رسمية من وزارة الخارجية الفرنسية، ومن الإتحاد الأوروبي، تهدّد بفرض عقوبات على السياسيين والحكام اللبنانيين، الذين أخذوا بلدهم لبنان وشعبه الصامد الصبور رهينة، أو حتى سلعة للتفاوض والضغوط. هذا يعني يا للأسف، أن مسؤولي لبنان أخذوا هذا الوطن وشعبه إلى المجهول، وحان الوقت بعدما خسروا ثقة المجتمع الدولي، وفقدوا شرعيتهم الدولية، أن يفقدوا اليوم ثقة شعبهم وجمهورهم وشرعيتهم الداخلية.
ليس سراً على أحد، في كل أنحاء العالم، أن لبنان واللبنانيين باتوا رهينة قراصنة سياسيين، حيث يدفع الثمن الشعب اللبناني منذ سنوات. وبنتيجة الهدر والفساد وسوء الإدارة، أوصلنا السياسيون إلى المنحدر الإقتصادي، والنقدي والمالي والإجتماعي والسياسي والأمني. فكيف يستطيع هؤلاء الحكام أن يحافظوا على مقاعدهم وثقة شعبهم، بعدما بات كل رب عائلة يتسوّل لتوفير لقمة العيش لعائلته، وكل أم تجاهد لتوفير الحليب لأطفالها، وكل شاب وريادي أصبح هدفه الوحيد الإغتراب، وكل مريض يحلم بالأدوية لتخفيف أوجاعه، والمستشفيات والمدارس والجامعات تكافح من أجل عدم الإنهيار، وكل شركة تحارب ليلاً ونهاراً كي يبقى رأسها فوق الوحول المتحركة.
شاؤوا أم أبوا، على جميع المسؤولين اللبنانيين أن يواجهوا الحقيقة المدوية، لأنّ البوصلة والنهج يتغيران، والإنكار والنفي لن يوصلا إلا إلى انهيار وانحدار أكثر خطورة، فيحاولوا أن يختبؤا من وراء الأزمة وعدم الإستقرار، حتى أنّ لديهم مصلحة غير مُعلنة جرّاء الفوضى. لكن لن يستطيعوا أن يغيروا الواقع والوقائع، لأنهم خسروا إلى الأبد شرعيتهم والثقة الدولية، وقريباً سيخسرون شرعيتهم الداخلية. وحتى جمهورهم يُكافح من أجل تأمين حياة كريمة.
لقد عيّدنا مؤخراً عيد الفصح المجيد وهو عيد القيامة، وعيد لكل اللبنانيين، لأننا نفتخر بأننا 18 طائفة في لبنان نعيّد معاً كل الأعياد، وهذا هو جمال لبنان الفريد وقوته. حان الوقت أن تتحقق قيامة لبنان الحقيقي، وأن نستعيد الإستقلال الناجز، والسلام الصادق، وليس اتفاقات تحاصص وتقسيم، كما جرت العادة، والتي أوصلتنا إلى هذه الكارثة.
لنعمل جميعاً ونثق بقيامة لبنان الحقيقي، وإعادة تنميته الإقتصادية والإجتماعية، وإعادة إعماره على أسس متيتة. نفتخر بأن لدينا أهم الموارد البشرية في العالم، وذوي الكفاءات العالية الذين برعوا في شتى أنحاء العالم، وساهموا في إعمار ونهوض بلدان وقارات عدة. حان الوقت أن تتضافر كل الجهود ويتآزر كل اللبنانيين حول أولويتين. من جهة أن يحجبوا الشرعية الداخلية عن كل السياسيين، ومن جهة أخرى أن يساهموا في خطة إنقاذ فورية على المدى القصير والمتوسط والبعيد.