لا تنفي مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع على العلاقات اللبنانية – الأميركية الخوف والقلق من احتمال تضرر لبنان من العقوبات الأميركية التي ستُقرّ رسمياً على «حزب الله» بعد نحو ثلاثة اسابيع. لكنها تكشف أنه بعد الزيارات النيابية والمصرفية لواشنطن في الربيع الماضي، تمّ التوصل مع الأميركيين إلى تحييد قطاعات أساسية ومهمة عن العقوبات، في مقدمها المصارف، والمساعدات للجيش اللبناني، والطائفة الشيعية عموماً كطائفة كبرى منخرطة في المجتمع اللبناني. حتى أن أسماء كانت سُرّبت بأنها ستتعرض للعقوبات، لم تعد مستهدفة الآن.
وتقول المصادر، إن القانون مبدئياً ستبقى له انعكاساته على لبنان، لكن أهم هدف للوفود التي زارت واشنطن كان، وهو ما حصل فعلاً، إبعاد علاقة القطاع المصرفي مع المصارف المراسلة والتي عبرها تحصل المداولات، لأن كل مداولات لبنان هي بالعملة الأميركية الدولار.
طبعاً سيكون للقانون وقعه، لكن هذا ما تم تحييده قدر الإمكان، مع الإشارة إلى الخطابات «الرنّانة» التي تصعّد الموقف، انما القانون المرتقب سيترك للرئيس الأميركي دونالد ترامب لدى توقيعه بعد صدوره عن الكونغرس، أن يسمّي ما يريده. وهو الأمر الذي يجعل التنبّه واجباً وليس واضحاً منذ الآن بالنسبة إلى لبنان إذا ما سيتم دمج قانون لدى مجلس الشيوخ صدر أخيراً مع مشروع القانون الأساسي الذي سيصدر، والذي كان تم العمل عليه منذ مدة، أم سيصدر كل قانون منفرداً. وبالتالي، هناك تطمينات حول تحييد القطاعات الإقتصادية منعاً لتأثيراتها على الوضع الحياتي اللبناني.
وتشير مصادر ديبلوماسية أخرى، إلى أن الحزب اعتاد على العقوبات وتكيّف معها، وبالتالي، خرجت انشطته المالية من النظام العالمي المالي واتّبع أساليب أخرى لتوفير المال. فعندما اكتشف الاميركيون انشطته عبر المصارف، كان قد غيّر الأسلوب فاستعمل الصيارفة، فاكتشف الاميركيون ذلك، فاتخذوا اجراءات أيضاً. والآن ترتكز معاملاته المالية على نقل السيولة مباشرة، وما أن يكتشف الاميركيون اسلوبه حتى يقوم بتغييره.
لكن من دون أدنى شك فإن للاجراءات ضغوطاً سياسية تؤثر على الحزب وعلى لبنان أيضاً، مع أنها استهداف مباشر لإيران. ويأتي ذلك وسط دقة المرحلة في لبنان، بحيث أن أي قرار يطال أسماء يعني أنه يطال عدداً كبيراً من البرلمانيين اللبنانيين والوزراء، في حال لم يميّز القرار المرتقب بين الجناح السياسي للحزب والجناح العسكري، وفي حال تم فرض عقوبات إضافية عليه.
هناك تخوف من أي توظيف سياسي محتمل في وقتٍ لاحق للعقوبات لأسباب عدة أهمها : أنه إذا حصل إجماع بين الكونغرس ومجلس النواب حولها، فيمكن أن تشكل مادة قانونية للإدارة للتحرك على اساسها في سياستها الخارجية، تستخدم للضغوط على الحزب وعلى لبنان. إدارة
الرئيس دونالد ترامب لم تفعل بعد شيئاً في الملفات في المنطقة، وقرار العقوبات يصبح في اليد.
كما تكمن، في أن اللوبي الإسرائيلي الذي مهّد للقرار، يضع الأمر على اجندته لا سيما إذا إعترف اللبنانيون بالعقوبات، فتصبح جزءًا من سياسة إسرائيل الخارجية، خصوصاً وأن إسرائيل بدأت تلمّح إلى أنها تعتبر الحرب في سوريا انتهت ورئيس النظام بقي، وبالتالي الخوف من أن يصبح لبنان مجدداً محور تهديداتها وسياستها.
كما تكمن خطورة قرار العقوبات في إستعماله لوضع شروط على الجيش اللبناني بأن يوقف تنسيقه مع الحزب للحصول على المساعدات الأميركية. كما يمكن إستعمال القرار من قوى وأطراف للضغط على الولايات المتحدة ليصبح جزءًا من سياستها الخارجية حول لبنان، وفي الامم المتحدة تحديداً.
كما تكمن في أنها وفي ظل سياسة المحاور الإقليمية والدولية، ستستعمل من جانب أفرقاء في الداخل كحجة في أن الحزب يجر الولايات على البلد، ما ينعكس على التعاطي مع الإنتخابات النيابية والضغوط لعدم التصويت للحزب ولحلفائه، في إطار الخطاب السياسي الذي سيتصاعد داخلياً حول العقوبات وأسبابها.
كذلك، تضيف المصادر، أن إسرائيل ستستفيد من خلال التسويق لفكرة أن من حقها أن تضرب في لبنان أو أن تلجأ لضربات محدودة وموضعية، لأنها تعتبر نفسها في ظل القرار الأميركي أنها تقوم بعمل أمني ضد الإرهاب الذي تتهم به الحزب مع حليفتها الولايات المتحدة. والقانون المتوقع لا يحمل في طياته رسالة سياسية فقط، انما تخطى الأمر ليصبح حجة لمعركة.
كما أن هناك قلقاً من أن يؤدي ذلك إلى مادة للصراع السياسي الداخلي وبين المسؤولين الكبار، مثلما أن الأمر سيستعمل لحملات إعلامية على البيئة التي ترعى الحزب.