IMLebanon

العقوبات على «حزب الله» لا المقاومة!

كلا، هذه ليست محاولة بائسة وجديدة للتفريق بين جناحي «حزب الله» السياسي والعسكري. القصد هو التدليل على البعد المستهدف تحديداً في الحزب. لا يريد الأميركي من خلال العقوبات الأخيرة تجفيف مصادر دعم المقاومة، فهذا الدعم سيصل بكفاءة معقولة في مختلف سيناريوهات تصعيد العقوبات. المستهدف هي الحاضنة الشعبية المباشرة للحزب. يصح القول إن تصعيد الإجراءت المالية ضد بيئة الحزب هي محاولة إعدام سياسي وقانوني له، وشطب موصوف لحيثيته غير التنظيمية. استطراداً، من المثير التفكير بانعكاس هذه العقوبات، والتلويح بها، على جمهور الحزب الشيعي من غير العقائديين. ربما سنشهد تدريجياً هجرة هادئة للكثيرين نحو الضفة الأخرى للثنائية الشيعية، لا سيّما أن هذه الضفة لا تعتبر انقلاباً على الخطوط العريضة للوجدان الشيعي عموماً، وربما في مرحلة لاحقة سيشتمل الضغط على الضفتين معاً لزحزحة هذه الخطوط نفسها. من المرجّح أن يحتفظ الحزب بكتلته الصلبة من المناصرين، لكن النخب الدائرة في فلكه سوف تتردد قبل الالتصاق به في حال اعتماد تعريف مرن للعقوبات.

لا يبدو أن الحزب يمانع في شمول العقوبات مؤسساته أو حتى أعضائه. لا تضر هذه العقوبات كثيراً بهم، فللحزب دورته الاقتصادية الخاصة التي تجعله منيعاً إلى حد ما. لكن الأميركيين يريدون ما هو أكثر من ذلك كما يبدو. إنهم يريدون له أن يتحول إلى عبء لا يمكن احتماله بالنسبة لأصدقائه. وعلى مستوى التحالفات السياسية، قد يساهم التفسير الواسع لهذه العقوبات في دفع خصوم الحزب إلى الابتعاد عنه أكثر وحلفائه إلى الاقتراب منه أقل. ماذا عن استراتيجية المواجهة؟

يبدو أن هذه العقوبات هي جزء من الصفقة التي عرضها أوباما على الإسرائيليين والسعوديين في سياق الاتفاق النووي مع إيران. لا يمكن بالتأكيد إغفال ملف تدخل الحزب في سوريا الذي ساعد بالتأكيد على وضع الحزب على درجة أعلى في سلّم أولويات واشنطن. في حقيقة الأمر، لا يمتلك الحزب الكثير من الأوراق التكتيكية التي بمقدوره استخدامها في هذه الجبهة البالغة الحساسية، وملاحظاته على أداء الحاكم والمصارف أقرب إلى أن تكون شكلية، هو يمتلك فقط أوراقاً من النوع التأسيسي.

يحصل هذا في الوقت الذي تشتري السعودية اهتمامات شرق أوسطية لمراكز الأبحاث في واشنطن ونيويورك وتتخذ لها لوبيات وصحفا، وتعتبر أن هذه العقوبات هي جزئياً ثمرة جهدها المستجد. توازياً، ربما في واشنطن من يفكر بطريقة خلّاقة، هو يضع الحزب بين خيارين: إما التفرج على حضوره وهو يتقلص إلى نسبة مئوية ما من حجمه الحالي، أو الانقلاب على الصيغة اللبنانية بأكملها. وفي الحالتين سيعني الأمر انشغالاً جزئياً للحزب عن الهمّ الخارجي، وهو ما يصب في مصلحة واشنطن. ومن يدري، ربما على محظيي اتفاق الطائف الخائفين من المؤتمر التأسيسي أن يتزحزحوا قليلاً ليتسع المكان أيضاً لأصحاب الحصريات الاقتصادية وغيرهم الكثيرون، لأن فعالية ضخمة غير سياسية قد تكون على وشك «تقريش» ما هي عليه في السياسة والاقتصاد. بكلمة أخرى، قد يكون الحزب بصدد خيار شبه وحيد يكمن في خلق التعارض بين مصالح السعوديين والأميركيين في لبنان، في حال الاسترسال في توسيع دائرة العقوبات.