قانون الستين باق الى الابد. هذا ما تشير اليه مواقف المسؤولين ويؤكده التأخير في تأليف الحكومة والعقد والصعوبات التي يضعها البعض في وجه العهد الجديد. هذا القانون الاحتكاري يحجز الحكم للطبقة السياسية الحاكمة منذ عام 1992 ويعيق اي تغيير على صعيد التمثيل الصحيح معززا الركود الذي يريده بعض السياسيين. قانون الستين بات عرفا في لبنان حيث البعض يدعي بالكلام معارضته له فيما في قرارة نفسهم يريدونه اكثر من اي قانون اخر فيما البعض الاخر صادق برفضه لهذا القانون «البوسطاتي».
ندّعي ونتغنى بأننا بلد ديموقراطي فيما القانون الانتخابي يكذبنا ويفضح اقوالنا خصوصا انه يعيد انتخاب الأشخاص نفسهم فعن اي ديموقراطية تتكلمون؟ وهل سيقبل الحلف العوني – القواتي بقانون الستين بعد اصرارهم على اهمية تغيير القانون الانتخابي الذي سيؤدي الى اصلاحات على أكثر من صعيد؟
الرئيس ميشال عون يعلم ان وصوله الى سدة الرئاسة ليس امراً كافياً لاحداث تغييرات جذرية تؤدي الى اصلاحات وتطويق الفساد وتعزيز التمثيل الصحيح بل اعتماد قانون انتخابي جديد هو مفتاح الحل لكل المشاريع التطويرية والاصلاحية التي يطمح الى تحقيقها في عهده. والسؤال الذي يطرح نفسه: «اي دولة نريد؟ دولة فساد وحصص وتقاسم مغانم؟ دولة المزارع والترويكا المذهبية؟ دولة غائبة عن احتياجات مواطنيها؟
بيد ان النواب اذا عادوا واعتمدوا قانون الستين مجدداً فانهم بهذه الخطوة يرسون مبدأ دولة الفساد والمحاصصة ناسفين فرصة ذهبية تسمح بنهوض لبنان وتطويره. ولذلك امام المسؤولين خياران: اما دولة الفساد عبر اعتماد قانون الستين و اما دولة القانون والاصلاح باقرار قانون جديد يعكس التمثيل الصحيح؟
القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وحدهما يصران على تغيير القانون الانتخابي فهما لن يسمحا بقانون لا يعكس شعبيتهما على الارض ولا يعطي قيمة لصوت الناخب بأن يوصل الى البرلمان النائب الذي يريده في حين جميع الاحزاب المتبقية تريد قانون الستين ولا تريد اي تعديل عليه. على سبيل المثال، تيار المستقبل لا يناسبه قانون النسبية لان اقراره سيؤدي الى انحسار مقاعده وسطوته في عدة دوائر وكذلك عدة احزاب اخرى. بناء على ذلك، يؤيد التيار الوطني الحر ومعه القوات اللبنانية قانون النسبية او قانون جديد عادل في حين تيار المستقبل وكتلة أمل واحزاب اخرى ترى في القانون المختلط الذي قدمه الرئيس نبيه بري مخرجاً ملائما لابقاء تمثيلهم النيابي على ما هو ولعزل من لا يوالي هذه الاحزاب التي ذكرناها.
انما بتأجيل تأليف الحكومة وبوضع عدة عراقيل امام تشكيلها هل سيكون هناك من الوقت للتفاوض على قانون جديد؟ لقد بات واضحا ان هذه المماطلة باختيار الوزراء وبتوزيع الحصص بين القوى السياسية اللبنانية امر مقصود وعن سابق تصور وتصميم من اجل افشال اي محاولة لتطبيق سليم لاتفاق الطائف اولا وثانيا لاعتماد قانون الستين كنتيجة فرضتها التطورات اللبنانية.
هذا الخبث في السياسة والتلاعب بمصير المواطنين يؤكدان مرة جديدة اننا محكومون بمجرمي فساد وبمافيات تمعن في انهاك الدولة وتتحد عندما تشعر بأي تهديد على مصالحها. فلننتظر ونرَ اذا سيقر البرلمان قانون جديد ام سيعلن المجلس النيابي علناً ان قانون غازي كنعان باق الى الابد.