في العُرف السائد، يكشف المرشح، الذي تتمّ تسميته من قبل الحزبين سواء الجمهوري أو الديموقراطي في الولايات المتحدة لخوض السباق إلى البيت الأبيض، عن اسم نائب الرئيس في الإجتماع العام لكل حزب.
لكنّ السناتور الجمهوري تيد كروز كسَر هذه القاعدة، وأعلن عن اختيار نائب للرئيس قبل انتهاء الإنتخابات التمهيدية وخصوصاً قبل انتخابات ولاية إنديانا المعروفة بالتميّز والتعصب المسيحي تجاه المتحدرين من جنسيات أخرى.
هذه الخرطوشة الأخيرة لجأ كروز إليها لمنع منافسه دونالد ترامب من الحصول على 1237 صوتاً من الناخبين الكبار. نقطة ضعف كروز أنّه ليس محبوباً من القيادات الجمهورية، لدرجة أنّه ليس لديه أصدقاء في صفوف الحزب، مثلما يتّضح.
وعندما سُئل رئيس مجلس النواب السابق جون بونير عن رأيه بالسناتور كروز، قال: «إنّه الشيطان الأساسي». ففي تجمّع تأسيس منظمة الدفاع عن المسيحيين «IDC» في أيلول 2014 كان كروز مدعواً ليلقي الكلمة الأساسية في العشاء الختامي لهذه المنظمة بوجود بطاركة الشرق وعدد من السفراء العرب، فقال لهم حينها: «إذا أنتم لم تقفوا مع إسرائيل… فلن أقف معكم».
فانسحب على الفور قسم من الحضور رافعين أصواتاً معارضة ضده، فيما صفّق النصف الآخر له. ومن أبرز المنسحبين حينها بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام والسفير اللبناني انطوان شديد. وقد نزل كروز عن المنبر وانسحب هو نفسه من الإجتماع. فكان هذا الإجتماع المسيحي في واشنطن غلطة كبيرة، ولا سيما أنّه لبعض المنظمين والمُمولين المشاركين فيه أجندة خفية.
أمّا في معسكر ترامب، فقد غدت المعارك بين المؤيدين والمعارضين دموية في سان فرنسيسكو، حيث نُظّمت مسيرة اعتراض ضد ترامب بمناسبة زيارته المدينة.
واقعة ذكّرتني بالانتخابات الفرعية في الشوف ما بين المرحومين المعلم كمال جنبلاط والرئيس كميل شمعون في أواخر الستينات. كنّا حينها في سيارتنا متجهين من كفرقطرة إلى بيروت، وكانت صورة كميل شمعون ملصقة على زجاج السيارة سالكين طريق دير القمر كفرحيم، فأوقفنا فجأة أبناء دير القمر، وطلبوا منّا أن نزيل صورة شمعون عن السيارة لأنّ الجنبلاطيين في كفرحيم يكسرون السيارات الشمعونية، فالتزمنا اقتراحهم حتى نصل سالمين إلى بيروت. المشهد عينه يتكرّر اليوم في الولايات المتحدة.
من جهة أخرى، كان ترامب حتى الساعات الأخيرة يهاجم كروز وحاكم ولاية اوهايو جون كاسيك داعياً إيّاهما إلى الإنسحاب لمصلحته وهو ما حصل، وجاء ربح ترامب المُطلق في إنديانا ليضعه على السكة السريعة للحصول على الناخبين الكبار في ولايات كاليفورنيا، نيوجرسي، أوريجون، وست فرجينيا، نيومكسيكو وولاية واشنطن التي ستنتخب في الأسابيع المقبلة.
على الضفة الديموقراطية، لا يزال التحدي سيّد الموقف، ويصرّ بيرني ساندرز على إكمال حملته حتى النهاية. وبما أنّ الإنتخابات التمهيدية هي للحزبين الجمهوري والديموقراطي فقط، وأنّه لا صوت في هذه الانتخابات التمهيدية للمستقلين الذين عددهم بالملايين، كونهم غير مسجلين في الحزبين، لذلك يعتقد ساندرز أنه لو أخذ التسمية سيربح في الإنتخابات العامة لأنّ المستقلين سينتخبونه.
ونلاحظ أنّ تلاميذ الجامعات اليوم، والذين صوّتوا لباراك أوباما مرتين، سيصوتون لساندرز في حال وصل إلى النهاية. أمّا وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون فقد استعجلت الوصول إلى مرحلة تسمية الديموقراطيين لها، وتتصرف وكأنّها ستدخل البيت الأبيض في كانون الثاني المقبل.
اليوم ربح ترامب إنديانا ويتابع مسيرته بـ1053 صوتاً، وقد انسحب كاسيك لمصلحته، فيما رحل كروز إلى منزله في تكساس بعد الاستراتيجية الفاشلة التي اتّبعها، في وقت حصلت كلينتون حتى الآن على 2217 صوتاً وساندرز على 1443 صوتاً.
ديبلوماسي أميركي سابق