نظن أنّ ما يجري اليوم، بغض النظر عن الوضع الإستثنائي ألا وهو «الكورونا»، اننا نعيش في مرحلة ليس لها مثيل، في تاريخ لبنان.
ميزات لبنان أنّه بلد صغير، وشعب صغير، مثقف متميّز، متعدّد الأديان، والبلد الوحيد في العالم الذي تتعايش فيه ١٨ طائفة بسلام وأمن، لولا المؤامرات الخارجية.
عند تأسيس منظمة الأمم المتحدة كان شارل مالك أحد مؤسسي المنظمة.. ولبنان عضو مؤسّس في جامعة الدول العربية، وملك المملكة العربية السعودية المؤسّس الملك عبدالعزيز أوصى أولاده بلبنان… ومنذ عام ١٩٧٥ ولغاية نهاية عهد الملك عبدالله لم تتخلَّ المملكة ولا الكويت ولا الإمارات ولا حتى قطر عن مساعدة لبنان، وعند كل محطة نجد هذه الدول تمد يدها لتساعدنا.
بقينا على هذه الحال الى أن جاءت الحرب الحوثية، على المملكة العربية السعودية وسيطرت إيران على العراق وسوريا ولبنان، كما يتباهى بذلك حكام الملالي في إيران، كل ذلك بعد الاحتلال الاميركي للعراق وسقوط الرئيس صدّام حسين وحل الجيش العراقي.
نعود الى تاريخ الحرب الحوثية في اليمن للسيطرة على عدن، بعد سيطرتها على صنعاء، حيث اضطرت المملكة العربية السعودية ومعها دولة الإمارات العربية المتحدة، الى دخول اليمن لتحرير عدن وإعادة الشرعية الى الدولة اليمنية.
منذ ذلك التاريخ الذي انعكس سلباً على العلاقات بين لبنان والدولة العربية، وبالأخص المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت، حيث ابتعدت عن لبنان. حتى في بعض الأوقات كما نتذكر، كان هناك منع من دولة الإمارات العربية لرعاياها من السفر الى لبنان، كذلك السعودية والكويت، وهكذا توقفت عجلة الاقتصاد اللبناني وخصوصاً موضوع السياحة. بالفعل توقفت السياحة منذ (٥) خمس سنوات، والحقيقة أنّ الأيام أثبتت أنه لا يوجد سياحة في لبنان إلاّ السياحة السعودية والخليجية.
كل هذا الكلام لنقول إنّ التعثر المالي الذي نعاني منه في لبنان بدأ مع التغيير في العلاقات بين لبنان وبين الدول العربية والسياحة في لبنان، كما نعلم، تشكل العمود الفقري للاقتصاد، إذ يبلغ مدخول لبنان من السياحة وحدها أكثر من ٤ ميارات دولار.
العلاقات اللبنانية – العربية دخلت كما ذكرنا مرحلة مقاطعة، فالسؤال الذي يطرح نفسه هل يستطيع لبنان أن يعيش من دون العالم العربي؟
والأنكى من ذلك كله، وفي سبيل أن نكون في محور المقاومة والممانعة أصبحنا دولة تابعة لذلك المحور، أي أصبحنا ضد أميركا وأوروبا والعالم، فهل يستطيع لبنان «العيش» ضمن هذا التمحور؟
البيان الذي صدر بالأمس كان أعنف انذار فرنسي وأوروبي وأميركي… هذا الانذار الذي حدّد مهلة، وحذّر من ثورة شعبية، يُمنع قمعها… فالخارجية الاميركية أنذرت لبنان في حال عدم الإصلاح بعقوبات شديدة جداً.
وبلهجة غير ديبلوماسية وجّه وزير خارجية فرنسا بياناً هو انذار للطبقة السياسية اللبنانية الحاكمة وغير الحاكمة ووصفتهم بالفاسدين والسارقين الذين نهبوا الأموال من ضرائب الشعب الفرنسي وأموال الشعب اللبناني… وأبلغهم أنه ما لم تجرِ الإصلاحات بسرعة فإنّ لبنان مقدم على ثورة، وأنه في حال حصلت ثورة شعبية ثانية وقامت السلطة بقمعها فإنّ فرنسا مع ٥٤ دولة أوروبية و٨٩ شركة دولية وعالمية ستقاطع لبنان وسيتم فرض حظر على مطار بيروت ومرفأ بيروت وسيتم فرض عقوبات على لبنان حتى تسقط الطبقة السياسية اللبنانية الفاسدة الحاكمة وغير الحاكمة ومجموعة الفاسدين.
وهدّد البيان بتغيير الطبقة السياسية الحاكمة وغير الحاكمة وربما جلب الذين سرقوا أموال الشعب اللبناني لمحكمة دولية لاستعادة أموال الشعب اللبناني في حال لم تتم الإصلاحات المطلوبة… وهذا يؤكد أنّ لبنان لا يستطيع أن يعيش ضمن محور «المقاومة والممانعة»، وأن يعادي العالم كله.