IMLebanon

ماذا يجري في مدينة العلا التاريخية؟  

 

 

سؤال يطرح نفسه بإلحاح، فمدينة العلا في المملكة العربية السعودية، إحدى الوجهات السياحية الجديدة، التي سلّطت عليها الأضواء، خلال السنوات الأخيرة، لما تحتويه من إرث تاريخي عظيم، وطبيعة جبليّة ساحرة، وطقس مثالي. وهي تتميز بأرض خصبة، وبوفرة مياهها، فباتت المدينة مستقراً لحضارات عدة عبر التاريخ، إذ سكنها الأنباط، وأسسوا حضارتهم فيها، كما اكتشف المؤرخون بقايا آثارٍ تعود الى عصر اللحنانيين الذين استوطنوها قبل الميلاد بـ900 عام.

 

وشاءت الظروف، وبدعوة كريمة من المملكة العربية السعودية، وبأمر شخصي من وزير الدولة السعودي الاستاذ نزار المعلولا، أن أكون ضمن وفد لبناني، رفيع المستوى، يضم عددا كبيرا من الزعماء اللبنانيين، على رأسهم، الرئيس ميشال سليمان والسيدة منى الهراوي والرئيسان فؤاد السنيورة وتمام سلام الى عدد آخر من الشخصيات اللبنانية المعروفة وذلك منذ ثلاث سنوات…

 

كنت ضمن الوفد اللبناني، لأن المملكة العربية السعودية، لم تنسَ  يومذاك الإعلاميين، فوجهت دعوات للمشاركة في الوفد اللبناني، الى عدد كبير منهم. وللغاية هذه، أرسلت المملكة طائرتين خاصتين لنقل الوفد الكبير الذي توجه من بيروت الى العلا، محور حديثنا في هذا المقال.

 

وكما أشرت في بداية حديثي، الى ان السعودية تزخر بالعديد من المعالم الأثرية، التي يعود تاريخها لفترات زمنية ضاربة في القِدَم، ومدينة العلا أكبر تراث أثري، وهي تشكّل ثروة وطنية، وأكبر تجمع لآثار أقوام، وحضارات غابرة من معينيّة وديدانيّة، ونِبْطيّة وحيانيّة. وهي منطقة تجارية نظرا لوقوعها على طريق »البخور والتوابل«، وتُعَدّ اليوم ملتقى فريدا للسياح.

 

إن منطقة العلا، وغيرها من المناطق السياحية في المملكة العربية السعودية هي من ضمن رؤية صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي صمّم على الاستفادة من موضوع السياحة، فأضحت المملكة في عهد سموه، ترتدي حلّة رائعة التميز والتطور والتقدم.

 

وعمل القيمون على أمور المملكة،  وبتوجيه خاص من سمو ولي العهد الى نشر السياحة، فانتقلت الفكرة الى العاصمة الرياض نفسها، إذ ضمّت الرياض أفضل الأماكن السياحية، والمنتزهات والأماكن الترفيهية، و»بوليفار« يشبه »السوليدير« انشىء منذ ثلاث سنوات. ويعتبر وادي حنيفه من أفضل المعالم السياحية في العاصمة الى جانب متنزه »سَدّ العلب« وأماكن كثيرة أخرى.

 

إلى ذلك أعلن سمو ولي العهد عن مشروع لإنشاء منطقة استثمارية تجارية وصناعيّة على الساحل الشمالي الغربي للبحر الأحمر، يحمل اسم «نيوم»، إذ تولى الألماني كلاوس كلاينفيلد رئاسته في البداية وسمي مستشارا لولي العهد. وتبلغ كلفة المشروع 500 مليار دولار.

 

لقد أحببت في هذا التحليل تسليط الضوء على حرص المملكة على السياحة، ومن هنا كانت »العلا«، دلالة خاصة على ان سمو الامير محمد بن سلمان، كان يضع هدفا واضحا أمامه، بجعل العلا منطقة رائعة بكل ما في هذه الكلمة من معنى.

 

وأعود الى القمة الخليجية التاريخية في العلا، والتي اختتمت أعمالها أمس. أعود لأشعر بحزن يَعْتَمِل في نفسي، إذ تمنيت لو كان أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح على قيد الحياة، وهو يرى قمة المصالحة التي جعلها – رحمه الله – هدفا سعى من أجل تحقيقه، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

 

أما بالنسبة لقمة »العلا« الخليجية فأقول:

 

أولاً: المصالحة بين المملكة العربية السعودية وقطر، أي بين الأخ الكبير والأخ الصغير هي الإنجاز الأكبر. ولطالما قلت مرارا، ان الخلاف بين الأخوة عابر… هكذا هو منطق التاريخ والجغرافيا.

 

ثانيا: كنت دائما، أشعر بنوع من عتب المحب الحريص على عودة العلاقات الى طبيعتها، وأتساءل: كيف يمكن ان يختلف أخَوانِ؟ وهناك عدو يتربّص بهما، ويضمر لهما الشرّ…

 

ثالثاً: كيف يُسْمَحُ لِعَدوًّ تاريخي، وبعد تحوّله الى نظام ديني، في جمهورية إسلامية، بَجَرّ أهل السنّة الى التشيْع عنوة… هنا أتساءل أيضا: »هل يوجد عند المسلمين قرآنان، واحد سني وآخر شيعي. فالأمر جِدُّ خطير… إذ ان المنطقة تعيش صراع تيارين:

 

أحدهما شيعي لإقامة دولة شيعية تسيطر على نصف الوطن العربي، وثانيهما عثماني بقيادة تركيا بمحاولة للسيطرة على النصف الآخر.

 

رابعاً: إن سياسة المملكة العربية السعودية ومنذ أسسها المغفور له الملك عبد العزيز، تقوم على استيعاب كل الدول والأشقاء وهي ترفض الحروب والعنف وتطالب بالسلام.

 

إن لنا عودة الى موضوع القمة والمصالحة التي تمّت بين قطر والمملكة، ولكنني أرى ان الأهم هو ان هذه المصالحة أعادت الأمور الى نصابها. والله ولي التوفيق.