بوضوح تام وعلى بعد يومين تحديداً من وقوع انفجار «بنك لبنان والمهجر» في الحمرا، كتب الصحافي في جريدة «الاخبار» حسن عليق على صفحته الخاصة على «فايسبوك» حرفياً، «لأخذ العلم، بنك لبنان والمهجر (blom) لصاحبه سعد الازهري، هو الاكثر اندفاعاً بين المصارف لتطبيق العقوبات الاميركية. يصر هذا المصرف على تنفيذ ما يطلبه الاميركيون، وما لا يطلبونه ايضاً«.
هذه التغريدة تبعها مقال لعليق في صحيفة «الاخبار» في اليوم التالي اي قبل يوم واحد من الانفجار الذي استهدف بنك «لبنان والمهجر» في مركزه الاساسي في فردان، تحت عنوان «حزب الله للمصارف وسلامه: كفى تآمراً«، حيث عمد المقال الى ذكر بنك لبنان والمهجر بشكل صريح على انه «يسترسل في تطبيق عقوبات عنصرية» وجاء فيه: «ان نواب ووزراء ومسؤولي الحزب يرفضون الجواب عن ماهية ادوات مواجهة العقوبات الاميركية لكن غضب الاهالي يعتمل»، واصفاً (حاكم مصرف لبنان) رياض سلامة بـ«الرجل المهدد لجوهر الاستقرار الاجتماعي اللبناني من الباب المصرفي تنفيذاً لما قرره حكام واشنطن». فيما نشرت وكالة «انباء فارس» الايرانية وقبل الانفجار بساعات مقالة على صفحتها على «فايسبوك» تحت عنوان «العدوان المالي على حزب الله: جيش لحد مصرفي»، تتهم كلاً من مصرف «سوسيتيه جنرال» و»لبنان والمهجر» بأنهما جيش لحد المصرفي.
هذه المقالات كانت فاتحة لسلسلة اجراءات الكترونية تعبّر عن استياء «حزب الله» من العقوبات الاميركية التي تهدف الى تجفيف مصادره التمويلية وخاصة لجهة نشاطاته العسكرية. فانطلقت حملة عصيان جمهور «الممانعة» المصرفي بداية على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب تصريح لحاكم مصرف لبنان رياض سلامه اكد فيه ان «مصرف لبنان أقفل 100 حساب مرتبط بحزب الله تطبيقاً لقانون الكونغرس الأميركي الرقم 2297 القاضي بإدراج حوالى مئة فرد وكيان ومؤسسة ضمن القائمة التي تمنع المصارف التعامل معها لعلاقتها بحزب الله«. الهجمة الالكترونية التي ركزت على سلامه تحت هاشتاغ «#رياض_مع_السلامة» واتهمته بالتواطؤ مع واشنطن، تعكس عمق الازمة التي يعاني منها جمهور الحزب، جلّ ما غردو به هو هجوم عبثي متصل بالشتيمة تجاه رجل انصفته مراكز القرار المالية العالمية، ولم تأتِ في التغريدات اي وجهة نظر تدافع عن محور الممانعة وتثبت أحقية جمهور «حزب الله» بالاستخدام الآمن للمصارف. وكعادته، وجّه الجمهور سهام معركته الى الجهة الخطأ، حيث ان المصارف اللبنانية ومصرف لبنان تحديداً تنفّذ قرارات اميركا التي لم يمضِ على اتفاقها مع ايران «ولي نعمة» حزب الله شهوراً معدودة، فهل يدفع «حزب الله« اليوم ثمن الاتفاق الايراني -الغربي من وجوده وكيانه؟
وفي جولة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي قبل يوم واحد وربما ساعات معدودة من وقوع الانفجار في فردان، تظهر بوضوح الحملة الممنهجة التي عمد الحزب الى تنظيمها ونشرها عبر «سرايا« مغرديه وحتى صحافييه من خلال حساباتهم الخاصة وصولاً الى اتهام بنك «لبنان والمهجر« بأنه اسرائيلي، حيث كتب حساب الضاحية da7ye.com «احذروا مصرف لبنان والمهجر blom … اخذ مجدوا بالتسكير والتضييق!! #اسرائيلي_اكثر_من_اسرائيل». اما الصحافي غسان جواد فعلّق بالقول «حزب الله قريباً: ابوكم عا ابو اميركا عا ابو المصارف … واحذروا الحليم اذا غضب»، وبدوره توجه سالم زهران مباشرة الى سلامه بتغريدته قائلاً «مش مهم تكون حاكم المهم ع ولاد بلدك ما تتحامل واذا موظف نص ولاد المسؤولين بالمصرف والنص ثاني مقدم طلب … فيهن ينفخوك… بس كثر النفخ بيطير».
كل هذه التغريدات تأتي لأسباب سياسية ربما، او لأسباب اخرى يمكن ان تصب في اتجاه التحذير او حتى التهديد، كل الاحتمالات مفتوحة.
وقع انفجار فردان وكما توقع كل متابع لحسابات ونشاطات ابواق الحزب على الشبكات الالكترونية، استهدف البنك الذي تركزت عليه كل حملات التشهير والتشويه، علّ هذا الجنون يقف عند هذا الحد. وعقب الانفجار انتشر هاشتاغ «#حزب_الله_يفجّر_البنوك» حيث اكد الناشطون ايضاً ان التاريخ سيذكر ان هذا الحزب حوّل لبنان الى سرداب اسود يفجّر كل من يهدد كيانه، ويدفن كل من يقف في وجه مخططاته الارهابية على مستوى العالم، وتحت ترابه لبنانيون شرفاء كانت من اهم انجازاتهم هيكلة القطاع المصرفي وتقوية مناعته تجاه الازمات الداخلية والتزامه التام بالأنظمة المالية العالمية وحفاظه على مبدأ السرية المصرفية وحفاظه على الاستقرار النقدي وامانة الوضع المصرفي في أحلك الظروف، واستقطاب الاستثمارات الخارجية، ولم يحصل كل ذلك لولا وجود الرجل المناسب على رأس حاكمية مصرف لبنان، اما الدفع بلبنان الى الخروج حتى عن تطبيق النظم المصرفية العالمية وضرب اكثر قطاعاته استقراراً وإنتاجية فبالطبع لن يكون إلا من شيم الخارجين اصلاً عن الدولة كلها.