IMLebanon

أضواء السرايا تُطفأ على استقالة أو اعتكاف؟ النفايات أمام الحوار اليوم ودفع لجلسة حكومية الخميس

لم يكن ضرورياً ان تتدفق النفايات مع سيلان أمطار تشرين أمس في شوارع بيروت والمناطق لفضح آخر عورات الاستهتار السياسي والإهمال المتعمد لصحة اللبنانيين وسلامتهم، ولإقرار العقم والعجز عن تجاوز الحسابات الطائفية والسياسية لمصلحة الملفات التي تعنى بحياة الناس ومصالحهم.

قدم لبنان امس أكثر المشاهد المسيئة لصورته ولسمعته، كما قدم بعض السياسيين وفئة من الفطر المتنامي على جسم الحراك المدني نموذجاً واقعياً لما يعنيه التعطيل والمماطلة في التعاطي مع الملفات الملحة. فبعد نحو ٤٠ يوما من الاتفاق على خطة المعالجة، إنفلشت امس النفايات في الشوارع والطرق مهددة ليس فقط بكارثة بيئية وصحية، وإنما أيضاً بأزمة سياسية تنذر بإنفجار الحكومة بعدما وضع رئيسها مهلة أمام القوى السياسية لتلقف الأزمة والمضي في الحل المقترح قبل أن يفجر قنبلته ويسمي الأسماء بأسمائها كما حذر قبل أيام.

ولعل الإفادة الوحيدة المستقاة من فضيحة النفايات امس أنها وضعت القوى السياسية أمام مسؤولياتها بما لم يعد يحتمل التأجيل والتسويف، فنشطت الاتصالات التي تولاها كل من الوزيرين وائل أبو فاعور وعلي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري على خطين: الأول من اجل فتح مطمر سرار وتذليل العقبات التي تحول دون استعماله، والثاني من أجل تحديد موقع المطمر الثاني على قاعدة التشارك السني – الشيعي في تحمل عبء طمر النفايات.

وعلمت “النهار” ان هذا الملف سيأخذ الحيز الأكبر من النقاش على طاولة الحوار المقررة اليوم بعدما فرضت التطورات الميدانية الأخيرة نفسها بندا اساسياً، وفي ضوء المهلة التي وضعها وزير الزراعة أكرم شهيب وتنتهي الخميس إذا لم يصر الى حسم مسألة المطمرين. والمعلوم ان مهلة شهيب اقترنت بمهلة مماثلة أعطاها رئيس الحكومة الذي ربط موقفه بموقف شهيب. علما ان رئيس حزب الكتائب سامي الجميل أجرى سلسلة اتصالات امس متسائلا عن جدوى المشاركة في الحوار في ظل مشهدية النفايات امس.

وعليه، السؤال المطروح هو هل يُطفىء سلام أضواء السرايا الخميس كما نقل عنه شهيب او ان هذا التهديد ينجح في الضغط على القوى المعطلة بحيث تسير في الحل المقترح؟

والسؤال الأهم هل إطفاء أضواء السرايا يعني ان سلام يعتزم الاستقالة او الاعتكاف عبر الانتقال من السرايا الى المصيطبة؟

تنقل مصادر سياسية عن سلام انزعاجه الشديد مما آلت اليه الأمور، عاكسة نيته الجدية التنحي إذا ظلت الأوضاع على ما هي من تعطيل وشل للسلطة التنفيذية. ولفتت الى ان سلام ربط موقفه بملف النفايات بما يعني ان أي حلحلة على هذا الصعيد تعفي رئيس الحكومة من الإحراج حيال إمكان تراجعه عن فكرة الاستقالة، خصوصا إذا نجحت صرخته في دفع القوى السياسية الى المشاركة في جلسة حكومية تبت أزمة النفايات في شكل نهائي.

ولا تستبعد المصادر ان تخرج طاولة الحوار اليوم بغطاء سياسي للحكومة للمضي في تنفيذ الخطة وفتح الطرق وإزالة الاعتصامات والتظاهرات التي تعوق التنفيذ، خصوصا إذا تم الإبلاغ عن موقع المطمر الثاني بما يسمح بفك المسارات في خطة شهيب بحيث يبدأ العمل بمطمر سرار في موازاة بدء تحضير الموقع الثاني.

وكان الوزير شهيب أعرب امس عن استيائه الشديد من مشهد النفايات في الشوارع الذي سبق ان حذر منه قبل شهرين من دون ان يلقى صدى لتحذيره. وعبّٓر لـ” النهار” عن “وجعه وتعبه” مما رآه مشيرا الى ان هذا المشهد ليس الا نتيجة ” للتعاطي بخفة وعدم مسؤولية من بعض السياسيين”، فضلا عن التحريض الذي واجهته الخطة لإبقاء النفايات في الطرق ممن وصفهم شهيب بـ”الثلث المعطل” في الحراك المدني و”المراهقة” لدى بعض البيئيين الذين تمسكوا بنظرية الفرز من المصدر فيما النفايات تأكل الشوارع”. ورأى شهيب ان النتيجة كانت تضييع فرص الحل والتسليم بأن الحل موجود و بأن المقترح هو الحل”.

وقال ان “ما شهدناه ليس الا بداية الكوارث البيئية والصحية وحتى المالية، علما انه في النهاية لن يكون أمامنا الا التسليم برفع “الزبالة” من الطرق، كاشفا ان التأخير هو الحل الأكثر كلفة على كل المستويات”.

في أي حال، تبدو المهلة الفاصلة عن يوم الخميس كفيلة بتنفيس التصعيد والاحتقان على المحور الحكومي ، خصوصا بعدما تقاطعت المواقف السياسية ولا سيما من جانب “حزب الله” وعلى لسان امينه العام قبل يومين حول ضرورة الاستمرار في الحوار وفي الحكومة. وعليه، ترتقب مصادر وزارية ان ينتج جلسة الحوار اليوم قراراً بالدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس لإقفال ملف النفايات بعدما باتت مخاطره الصحية والبيئية أكبر من قدرة أي مسؤول على تحملها.