لم يكن المؤتمران اللذان انعقدا على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك اكثر من كوميديا سوداء في لعبة الامم حيث تكثر الاسئلة وتقل الاجابات وفي طليعتها ما الهدف من تفريغ سوريا من سكانها؟ وهل من توقيت محدّد لعودة النازحين السوريين الى بلادهم؟ ولماذا تصر الامم المتحدة على ارساء مبدأ العودة الطوعية؟ وماذا يخفي مجلس الامن من خلال الموفدين الى لبنان المطالبين بدمج النازحين في المجتمع اللبناني ومنحهم كافة الحقوق التي يتمتع بها المواطن اللبناني؟ وما هو حجم المخطط الرهيب الذي يطحن المنطقة بشرا وحجرا ولا سيما في العراق وسوريا واقتلاع المسيحيين من المناطق التي سيطر عليها «داعش» وفصائل التكفير المدعومة بطريقة او بأخرى من الادارة الاميركية حيث لم تخف المرشحة للرئاسة عن الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون في كتابها الشهير «نحن صنعنا داعش في سجن ابو غريب».
المراقبون الذين واكبوا المؤتمرين اللذين خصصا للبحث في ملف النزوح السوري يؤكدون وفق العائدين من نيويورك الفشل الذريع لهما حيث لم يخرج المؤتمرون بأي نتيجة وفق الاوساط المواكبة حتى ان بعض قيادات الدول الاوروبية التي شاركت فيهما استغربت موقف رئىس الحكومة تمام سلام الذي كان صرخة في واد «بلدي فيها» لم تترك اي ردة فعل لدى المؤتمرين اما الهدف الاساسي للمؤتمرين من دول الغرب فلم يكن ايجاد حلول لمشكلة النزوح بل لثتبيت النازحين السوريين في بلدان الجوار السوري منعا لوصولهم الى اوروبا وحتى المستشارة الألمانية ميركل والتي سبق لها واعلنت عن استعداد بلادها لاستضافة مليون نازح سوري عادت ونسفت موقفها مع دول الاتحاد الاوروبي اثر كلام الامين العام للامم المتحدة بان كي مون حول ضرورة توزيع 500 الف نازح سوري على دول الغرب حتى العام 2018 وكان ذلك احد الاسباب الرئيسية لانفصال بريطانيا عن الاتحاد وخروجها من صفوفه.
وتضيف الاوساط ان اخطر ما في اللعبة الاممية إلقاء وزر النزوح على دول الجوار السوري واذا كانت تركيا والاردن باستطاعتهما استيعاب الامر كون الدولتين احتوت النازحين بشكل منظم عبر المخيمات التي امتها الا ان المزايدات على الساحة المحلية حالت دون ذلك، واذا كانت الدولتان المذكورتان لا تتأثران بالنزوح سوى بشقه المالي، فان نتائجه كارثية على الصعيد المحلي سواء لجهة التغيير الديموغرافي ام لجهة المشاكل الامنية والاجتماعية والاقتصادية لا سيما وان البلد الصغير بالحليب الفلسطيني في حروب العبث حيث لعبت الثورة الفلسطينية اكثر الادوار قذارة بسيطرتها على 80% من الارض اللبنانية ومحاولتها شق الجيش اللبناني وانشاء «جيش لبنان العربي» لالغاء لبنان عن الخريطة ليكون بديلاً لفلسطين.
وتشير الاوساط الى انه اذا لم يستطع لبنان حماية نفسه من المخيمات الفلسطينية على صغر حجمها فكيف ستكون الحال مع النازحين السورين الذين تخطوا المليون ونصف المليون نازح؟
وماذا لو تقاطعت مصالح خارجية على تحريكهم باستغلال ورقة النزوح واستثمارها في الصراع الاقليمي الذي يعصف بالمنطقة، خصوصاً وان اسرائيل دخلت على الخط؟ وماذا اذا حصل دمج للخريطتين اللبنانية والسورية في لعبة اعادة ترسيم «تقسيم المقسم» لا سيما وان «داعش» و«النصرة» يسيطران على مساحات شاسعة من الجرود اللبنانية في عرسال ورأس بعلبك والقاع، اضافة الى بروز صور احداث تعيد الذاكرة الى مرحلة الحرب الاهلية في بداياتها يوم كمين بوسطة عين الرمانة التي اعترف جميع اللاعبين بعدم مسؤولية حزب «الكتائب» عن ارتكابها بعد نهاية الاقتتال الاهلي بل تم تدبيرها على ايدي اجهزة عربية، ومن هذه الصور ما حصل في صربا من عراك بين سوريين ولبنانيين استعملت فيها العصي والسكاكين اضافة الى الاشتباك المسلح الذي حصل في عرمون وشارك فيه مسلحون سوريون دعماً لآخرين لبنانيين، ناهيك بمخيمات النازحين السوريين الملغومة بخلايا «داعش» العابرة للحدود.