IMLebanon

يرضى القتيل وليس يرضى القاتل

يكاد لا يمر يوم إلاّ وهناك جريمة قتل غريبة عجيبة تحدث في لبنان وفي كل المناطق وهي حال تدل على استسهال القتل.

تعرّض المواطن انطوان خزاقة لأنه أطلق “زمور” السيارة لمواطن آخر فلم يتحمّل هذا الأخير فاجتازه وأوقف سيارته أمامه وترجّل منها وانهال طعناً بالسكين على خزاقة الذي نجا بأعجوبة… وحدث هذا على مرأى ومسمع من المواطنين في أكثر طرقات البقاع ازدحاماً (بين زحلة والكسارة) وعلى مقربة من مقار عامّة وخاصة وسكنية أيضاً.

وكذلك كان المرحوم جورج الريف قد سقط في وضح النهار وعلى طريق عام مزدحم بالسيارات والمارة في العاصمة، لأنّ قاتله لم يعجبه أن يتجاوزه بالسيارة، فطارده الى أن تمكّن منه وأنزله من سيارته وراح يحطم أضلاعه لكماً وركلاً حتى قضى عليه (…) والأمثلة لا تحصى.

واليوم هناك مطلب من جميع اللبنانيين بأن تعلّق المشانق لأنها الرادع الوحيد لكي تتوقف عمليات القتل… طبعاً هذه المطالبة جاءت لأنّ المجرم الذي يرتكب أي جرم لم يعد يخاف العاقبة لأنه يجد حلاً في القضاء!

وأمس أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق، بعدما ضاق صدره بالخلل جرّاء إخلاء سبيل الذين أطلقوا النار والذين بلغ عددهم كما يدّعي أحد النواب 90 أطلق منهم 70 بعد ساعة من اعتقالهم وهذا غير مقبول… ذلك أنّ هذه العادة الشنيعة بإطلاق النار بمناسبة ومن دون مناسبة صارت علامة تخلّف للمجتمع اللبناني… فمن يصدّق أو يقبل أنّ المئات شاركوا بإطلاق العيارات النارية “احتفالاً” بفوز أبنائهم بشهادة “البريڤيه” التي لا لزوم لها في أي وظيفة خاصة أو عامّة، وهي لا تقدّم ولا تؤخّر في أي مسار، وقديماً كانت ملغاة! فهل هذا يجوز؟!.

وهنا لا بد من أن نضع الملامة على القضاء لأنّ واجبات قوى الأمن الداخلي إلقاء القبض على مخالفي القانون، وواجبات القضاء المحاسبة.

والأنكى من ذلك أنّ الوزير نهاد المشنوق بعدما أوضح الأمور على حقيقتها قال إنّ هناك تدخلاً من سياسيين في شؤون القضاء، فبدلاً من أن يأخذ وزير العدل وقته بإجراء تحقيق لتتبيّـن له الحقيقة بادر الى القول إنّ القضاء لم يتصرّف إلاّ بموجب القوانين… ونسأل معاليه: هل هو مقتنع بكلامه؟ وهل اطلع على جميع التحقيقات التي أجريَت مع 90 متهماً بإطلاق النار؟!.

بكل صراحة لم يكن وزير العدل موفقاً في حمايته الذين يتجاوزون القانون خصوصاً أنه جاء من مجلس الشورى وهي أرفع مؤسّسة قضائية تعرف القانون جيداً… وكنا نتمنى أنه لو “طوّل باله” واطلع بشكل دقيق على التحقيقات فنحن متأكدون أنه كان سيغيّر رأيه.

من ناحية ثانية، وهذه مسألة خطيرة، إذ لا يجوز أن ينتقد وزير وزيراً آخر بالإعلام، وكان من المستحسن أن يتم لقاء بين الوزيرين ويتم التحاور بالموضوع في ما بينهما فتقال الاشياء وتسمّى بأسمائها.