المسؤول الأميركي لم يحمل في جعبته أي أفكار جديدة.. ولوّح بتحميل لبنان مسؤولية عدم الاستجابة
في الوقت الذي تتكثف فيه الاتصالات للجم التوتر السياسي الذي ارتفع منسوب تأزمه في اليومين الماضيين، ومحاولة إخماد الفتنة التي اطلت برأسها في الجبل بعد الحادثة التي حصلت في قبرشمون، كان مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد المكلف رعاية المفاوضات بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البرية والبحرية يقوم بجولة على المسؤولين اللبنانيين في زيارة لبيروت هي الخامسة في هذا السياق للتداول بالطروحات ذات الصلة بهذا الشأن، وكان لافتاً ان المسؤول الأميركي لم يحمل للمسؤولين في لبنان في جعبته أي جديد، بل تلا على مسامعهم مقترحات وافكاراً سبق ان ابلغوه رفض لبنان لها وهو ما أوحى بأن زيارة ساترفيلد هذه قد تكون الأخيرة إلى لبنان بشأن مفاوضات ترسيم الحدود بغض النظر عن كونه عين سفيراً لتركيا وهو صدد تسلم مهامه في أنقرة.
في المعلومات ان زيارة ساترفيلد الخامسة إلى بيروت كانت فاشلة كونه لم يحمل أي ايجابيات بل على العكس فإنه طرح على مسامع من التقاهم اموراً أعادت الوضع التفاوضي إلى الوراء، بمعنى انه طرح اللاتترأس الأمم المتحدة المفاوضت بل ان يترأسها الجانب الأميركي بحضور الجانب اللبناني والإسرائيلي، الأمر الذي يفسّر وكأن الولايات المتحدة تريد مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل وهو ما رفضه رئيس مجلس النواب نبيه برّي بشكل قاطع، مؤكداً لزائره الأميركي على موقف لبنان الذي يرفض حصول أي عملية تفاوضية بشأن ترسيم الحدود إلا بضيافة الأمم المتحدة وبرعايتها وبرئاستها عبر المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان.
وينقل زوّار الرئيس برّي عنه قوله: «هيدا مش وارد ان نوافق عليه أبداً»، وهو يُؤكّد في هذا السياق على التلازم بين ترسيم الحدود في البحر والبر وعلى ان يكون التنفيذ في وقت واحد براً وبحراً».
ويلاحظ برّي من خلال ما سمعه من ضيفه الأميركي وجود تراجع واضح في الموقف الأميركي عمّا سبق ان اتفق عليه في اجتماعات سابقة مع ساترفيلد وهذا الأمر يُعد إشارة سلبية.
وفي معرض تعليقه على كلام لساترفيلد قال فيه بأنه قد يصل في لحظة إلى ان يعلن انه بذل جهداً، وان لبنان لم يستجب يقول الرئيس بري: إن بادر إلى مثل هكذا خطوة سأصدر بياناً وأعلن فيه ان واشنطن ماطلت وتماطل في معالجة هذا الملف الحسّاس والخطير على الحدود، سيما وأن عملية الترسيم تفوت على إسرائيل فرصة الانتقاص من الحقوق اللبنانية في المياه وعلى اليابسة، وقد سبق لرئيس المجلس انه أبلغ الموفد الأميركي بأن الثابت لدى لبنان هو عدم التنازل عن كوب واحد من المياه، والتمسك بالسيادة اللبنانية كاملة إن على البر أو في البحر، وانه ليس بصدد التراجع عن هذا الموقف قيد أنملة مهما كانت الأسباب.
وفي تقدير مصادر متابعة ان مفاوضات ساترفيلد حول ترسيم الحدود تتجه إلى الاحتضار بفعل حالة المراوحة التي تتحكم بها، حيث يلاحظ ان الموفد الأميركي يدور حول نفسه في ما خص طرح الأفكار وهو لم يبتدع في جولاته المكوكية بين لبنان وإسرائيل أي صيغ جديدة يُمكن التعويل عليها بل العكس هو الصحيح حيث ان هذه المفاوضات تتراجع الى الوراء بدلاً من ان تتقدّم خطوات إلى الامام، خصوصا وأن الموقف اللبناني من عملية الترسيم بات واضحاً وضوح الشمس ولا لبس فيه أو مواربة، وبالتالي فإنه إذا كانت الولايات المتحدة صادقة في مسعاها ولا تنحاز إلى أي طرف في عملية الترسيم فعليها إقناع إسرائيل بالرضوخ إلى التفاوض في كنف الامم المتحدة وتحت رايتها، لأن لبنان من سابع المستحيلات القبول بأية طروحات بديلة، وأن ما سمعه ساترفيلد هو نفسه سيسمعه خلفه دايفد شنكر الذي سيتولى محله عملية التفاوض في حال استمرت، وهو أمر غير محسوم في حال بقي الجانب الإسرائيلي على رفضه لأي دور للأمم المتحدة في عملية الترسيم وإصراره على مهلة الستة أشهر لتطبيق أي اتفاق متعلق بالدور وهو ما يرفضه لبنان بشكل قاطع وجازم.
وفي دلالة واضحة على تعثر وساطة ساترفيلد انه حتى ليل أمس لم تكن دوائر قصر بعبدا قد حددت أي موعد لاجتماع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع السفير ساترفيلد.