زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركية بالوكالة السفير ديفيد ساترفيلد لبيروت خلال الايام الماضية، كانت لافتة في مضمونها وتوقيتها وان كان المسؤول الاميركي لم يحمل معه موضوعاً استثنائياً جرى التطرق اليه. إلا أن الزيارة شكّلت تحضيراً للزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون إلى بيروت في 15 الجاري.
وأفادت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على العلاقات اللبنانية – الاميركية، ان جملة مواضيع تم نقاشها خلال الزيارة، فضلاً عن العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، وتطورات الوضع الاقليمي ولا سيما الازمة السورية.
ويُعتبر السفير ساترفيلد ديبلوماسياً مخضرماً ويدرك ملفاته في الخارجية الاميركية. ومن خلال المناصب التي تسلمها في الشرق الاوسط لا سيما عندما شغل منصب سفير في لبنان، باتت لديه خبرة في شؤون لبنان والمنطقة، هذا فضلاً عن المناصب التي تسلمها في الخارجية الاميركية وفي مواقع اخرى.
وتقول المصادر، ان اهمية الزيارة هي في توقيتها، اذ انه للمرة الاولى يزور مسؤول اميركي بيروت على هذا المستوى في عهد الادارة الجديدة برئاسة دونالد ترامب. وقد كانت الزيارة مقررة سابقاً لبيروت، وارجئت مراراً بسبب الظروف الداخلية المتصلة بادارته.
وعلى الرغم من انتظار التعيينات في وزارة الخارجية الاميركية، الا ان الوزارة تبقى مؤسسة وهي تعمل، وهي في هذه المرحلة تستجمع المعطيات حول الملفات في العالم، لا سيما في الشرق الاوسط، تمهيداً لبلورة الادارة الاميركية لسياساتها حيالها. على ان السياسة الوحيدة الواضحة حتى الآن هي سياستها تجاه ايران كون الملف استراتيجياً بالنسبة الى واشنطن.
والزيارة تحمل طابعاً استطلاعياً، وابرز المواضيع التي جرى بحثها خلال زيارة ساترفيلد ولقائه المسؤولين اللبنانيين هي:
– التعرف الى تطورات الوضع اللبناني والتشديد على اهمية ابقائه هادئاً ومستقراً، كما شدد ساترفيلد على دعم بلاده لهذا الاستقرار، وفي هذا الاطار دعم الجيش اللبناني الذي يهم واشنطن جداً، لما في ذلك من دلالات على اهمية امساك السلطة الشرعية بالامن والسلم في البلاد. ولدى الادارة برنامج مساعدات للجيش بمعدل سنوي يبلغ ٢٥٠ مليون دولار. وواشنطن تشيد بقدرات الجيش وانجازاته على مستوى مكافحة الارهاب، والتنسيق الامني بين الطرفين لدرء اية مخاطر في هذا المجال.
– البحث بالمؤتمرات الدولية الثلاثة التي ستعقد لدعم لبنان خلال المرحلة المقبلة، ودعم الولايات المتحدة لهذه المؤتمرات لما لها من تأثير ايجابي اقتصادياً واجتماعياً وللجيش اللبناني والقوى الامنية، فضلاً عن مساعدة لبنان لايواء النازحين السوريين لا سيما وان موقف لبنان الانساني تجاههم يحظى بترحيب وتقدير دوليين.
– تحريك ملف البترول، وهذه المسألة تهم ساترفيلد، لا سيما في ضوء كلام وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان، والذي ازعج لبنان. وطلب المسؤولون اللبنانيون ان تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على اسرائيل للابقاء على الوضع في الجنوب هادئاً، ليتمكن لبنان من البدء بعملية التنقيب عن البترول، وعدم عرقلة الموضوع.
– استطلع ساترفيلد التحضيرات اللبنانية للانتخابات النيابية، وهو موضوع يهم الادارة الاميركية كثيراً. فالانتخابات تعنيها وكذلك سير التحالفات التي ستحصل، وان كانت بحسب المصادر، غير مرتاحة للقانون الانتخابي الجديد. انما في الوقت عينه يهم الادارة حصول الانتخابات لما تمثله من عملية ديمقراطية وتداول للسلطة. وهي تعوّل جداً على التحالفات.
وتفيد المصادر، ان وصول ساترفيلد الى بيروت بعيد تسلم لبنان من الولايات المتحدة فوج الدبابات الحديثة للجيش مباشرة، هدفه ان يَكون لزيارته وقع سياسي مهم، وايصال رسالة سياسية حول اولوية دعم الجيش اللبناني، واهمية دوره الوطني.
ويهم ساترفيلد، تطبيق القرار ١٧٠١ والابقاء على الوضع في الجنوب هادئاً. ووضعه المسؤولون اللبنانيون في صورة التهديدات الاسرائيلية المستمرة، والخروق للقرار طالباً العمل على وضع حد لها. وجرى التأكيد خلال الزيارة على تطور العلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات، وعلى إبقاء الوضع اللبناني في منأى عن الاحداث في المنطقة. من هنا، قدّم ساترفيلد مقترحات للحفاظ على الوضع مستقراً بشكل كامل في الجنوب، على خلفية بناء الجدار العازل الاسرائيلي على الحدود مع لبنان، حيث لفتت المصادر الى ان ساترفيلد أكد للمسؤولين اللبنانيين عدم وجود رغبة اسرائيلية بالتصعيد في هذا المجال .