Site icon IMLebanon

السبت ٦/٦ في لبنان

 

يأتي السبت ٦/٦ في لبنان بعد عقود سوداء تفرقنا خلالها وقتلنا النساء والأطفال وشردنا الآمنين من بيوت الآباء والأجداد، وتعرفنا على صناعة الأحقاد الحزبية والمذهبية والطائفية والمناطقية، وتدمير المدن والقرى والأسواق وإحراق الكنائس والمساجد باسم الدين والإيمان، ومارسنا التغول على كل أسباب الدولة والمؤسسات والتمتع بالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والتمادي في نهب المال العام وعائدات المرافئ والمطارات، وتراكم الثروات من ظلم ظلام الكهرباء والعبث بالدساتير والقوانين ووثائق الوفاق والاتفاقات والأعراف، وحرمان أجيال لبنان من أبسط قواعد الدولة والانتظام العام، وتقديم أصحاب الولاءات على أهل الكفاءات وتركنا إدارة الشأن العام للاتباع و الجهلاء.

 

يأتي السبت ٦/٦ في لبنان بعد أن شهدنا على مدى عقود طوال أنماطاً مختلفة من التفريط بهيبة الدولة وسيادتها عبر الولاءات الخارجية لأجهزة المخابرات والمنظمات الفلسطينية والسفارات القومية والجيوش الأجنبية وحراس الثورة الإيرانية والاحتلالات الإسرائيلية، واقتلاعنا صور الشهادات الابتدائية والثانوية والجامعية عن جدران منازلنا لنعلق مكانها صور الشهداء من أبناءنا وأشقاءنا وأحفادنا وشهداء الاغتيالات من القادة والمفكرين والعلماء والإعلاميين، من اجل التمتع بأمجاد السلطة والشهرة وادعاء الوطنية والخطب الجوفاء وتمجيد مغتصبي الأرض والكرامات، ووقفنا صغاراً أذلاء على أبواب المخابرات والسفارات وحولنا رموزنا الوطنية من دعاة الوحدة والتقدم والازدهار إلى أضحوكة سخفاء، وتعالينا على وطننا وأهلنا وطأطأنا الرؤوس أمام الأعداء والأوصياء.

 

يأتي السبت ٦/٦ في لبنان بعد سنوات من تحكم العصابات المليشياوية والطائفية والسلطوية ومافيات النهب والسرقات والتعهدات، وتحويل لبنان ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية والمؤامرات، وتاجرنا بسكينة ومستقبل أطفالنا واكلنا لقمة عيش الأغنياء والفقراء وسكنا القصور والقلاع وادعينا البطولات وتجاهلنا أوجاعنا وآلامنا، وحولنا لبنان وطن الحريات والأحلام والانفتاح الى معتقلات كبيرة ومقبرة للطموحات والإبداعات، وجعلنا من منابر الحرية والأعلام منصات للكراهية والبغضاء وصناعة التفاهة والأحقاد والقهر والإذلال.

 

يأتي السبت ٦/٦ في لبنان بعد سنوات من الاستقواء والاستتباع والاستخفاف والضياع فلم يعد لدى اللبنانيون ما يخافون عليه أو يخسرونه بعد الآن، فالمدارس تعطلت والجامعات علقت والمدخرات نهبت والأمراض أصابت كل البيوت والأفراد، والمجتمعات تباعدت والديون كشفت الدولة والقطاع الخاص، والرواتب والوظائف ذهبت أدراج الرياح وجاع الكبار والصغار، ودول الجوار تشرد أهلها وتلاشت ثروات الأشقاء ودول الأصدقاء غارقة في مشاكلها الكبيرة بعد الوباء وأصحاب الطموحات الإقليمية يدقون على كل الأبواب بحثاً عن مفاوض أو جواب وصندوق النقد الدولي كشف خفة وهشاشة الخبراء والتكنوقراط.

 

يأتي السبت ٦/٦ في لبنان بعد أن تجاهلت مكونات السلطة صرخة شابات وشباب لبنان يوم 17 تشرين الأول واعتقدوهم امتداد لشطارات اذكيائهم الأغبياء صناع الشعارات الجوفاء وخبراء الاتجار بالأحقاد وإثارة النعرات واغتصاب السلطات، يصادف تاريخ ٦/٦ من كل عام، طوال ما يزيد على الخمسين عاما ذكرى شؤم واذلال، في ٦/٦/ ٦٧ كانت هزيمة حزيران وفي ٦/٦/ ٨٢ كان اجتياح لبنان واحتلال بيروت وفي ٦/٦/ ٢٠٠٤ كان لقاء الرئيسين شيراك وبوش الابن في الذكرى الخمسين لنزول قوات الحلفاء على شواطئ النورماندي والبدء بالتحضير للقرار ١٥٥٩ وما تبعه من حماقات وتمديدات وحكومات واغتيالات وحروب وانتهاكات وويلات، يأتي يوم السبت ٦/٦ / ٢٠٢٠والمنطقة تشهد تحولات دقيقة وشديدة الخطورة من النزاع الى الانتظام و مع أجواء عمليات التهويل بالخوف والتهديد بالعنف والخراب يبقى السؤال كيف سيكون اليوم السبت ٦/٦ في لبنان.