Site icon IMLebanon

هجوم السيّد على الرياض: حدوده؟ ولماذا الآن؟ (2/2)  

 

 

إنّ لمسار توتّر العلاقة بين الرياض وحزب الله خارطة معقّدة.

 

أوصلت 3 أمور العلاقة بين الرياض والحزب إلى نقطة ملتهبة جدّاً، وهي:

 

1- اغتيال الشهيد رفيق الحريري، واقتناع الرياض بمسؤوليّة الحزب عن اغتيال رجل يُعدّ الحليف الأول للسعودية في لبنان، والرجل الذي يحمل جواز سفر سعوديّاً، وأحد مهندسي اتفاق الطائف.

 

2- الدور المباشر والتدخّل العسكري الصريح لقوات حزب الله في الحرب السورية إلى جانب النظام السوري وحلفائه من قوات الحرس الثوري والحشد الشعبي ضدّ المعارضة السورية.

 

3- وجاءت «القشّة التي قصمت ظهر البعير»، والتي اعتبرتها الرياض إعلان حالة عداء سياسي وكراهية طائفية وتهديداً للأمن القومي السعودي، حينما تولّى الحزب ملفّ الدعم الإيراني لميليشيات الحوثي وحزب أنصار الله في اليمن.

 

حرب اليمن هي جزء من مشروع طهران لاستخدام ميليشيات الوكلاء في إدارة شؤون المنطقة، واستخدام فائض هذه القوة ورقة ضغط أحياناً، وللمقايضة أحياناً أخرى مع واشنطن.

 

منذ العام 2016، عهد المرشد الأعلى إلى الجنرال قاسم سليماني التنسيق الكامل مع سماحة السيد حسن نصرالله في إدارة شؤون هذا الملفّ.

 

ومع مكانة السيد في دائرة المرشد الأعلى، وطبيعة العلاقة الشخصية القوية جدّاً بين سليماني ونصرالله، ازداد دور الأخير في الإمساك بدفّة الملفّ.

 

من هنا نفهم دور السيد والحزب في التلقين السياسي لجماعة أنصار الله، وغسل الدماغ الفقهي للحوثيين ذوي الأصول «الزيدية» التي تُعتبر أقرب إلى المذهبين الحنفي والشافعي. وعلى الرغم من ذلك أعلنوا أنفسهم «جنوداً أوفياء في مشروع دولة الولي الفقيه الإثني عشري».

 

أصبح خبراء القتال والكوادر العسكرية لحزب الله هم من يقومون بالتدريب العسكري وتقديم النصح والمشورة في إدارة المعارك وفي إيصال الأسلحة إلى المقاتلين الحوثيين والمساعدة على تركيب الطائرات المسيّرة وتقديم إحداثيّات الصواريخ البالستية.

 

وأخيراً جاءت القرصنة البحرية باختطاف باخرة شحن مدنية تحمل العلم الإماراتي من أمام ساحل رأس عيسى لتؤكّد دور الحرس الثوري وحزب الله في تفاصيل وتكتيك مثل هذه العمليات النوعيّة.

 

من هنا نفهم أنّ خطاب نصرالله الأخير في ذكرى اغتيال قاسم سليماني هو تعبير عن 3 أمور:

 

1- غضب «شريك سليماني في العمليات» من عدم محاسبة النظام العراقي (مصطفى الكاظمي) على اغتيال سليماني، وعدم وجود تحقيقات جدية في الموضوع، والأهمّ اعتبار البعض أنّه يتمّ الاتفاق رسمياً مع «واشنطن القاتلة» كما يُتّفق مع إيران (الضحيّة).

 

2- وإذا كان الأميركي بمفهوم سماحة السيد «عدواً»، فإنّ حليفه السعودي أكثر عداءً للمشروع الإيراني ولأنصاره في لبنان واليمن وسوريا والعراق وفلسطين.

 

3- انطلاقاً ممّا سلف يُفهم غضب سماحة السيد من ضربات طائرات التحالف الأخيرة لأهداف استراتيجية في اليمن، وغضبه من صعود نفوذ التيار الصدري المعبّر عن الشيعية العربية غير الفارسية، وغضبه من خطوط الاتصال المميّزة والمتناهية بين الكاظمي والأمير محمد بن سلمان، وغضبه من المقاطعة الخليجية للنظام في لبنان، الأمر الذي يشكّل ضغطاً وإحراجاً لحزب الله.

 

تؤكّد المصادر المطّلعة في الرياض أنّه «لا يمكن لنا أن نموّل مشروعاً في لبنان يؤدّي في النهاية إلى خدمة مصالح حزب الله الداعم لميليشيات الحوثي المعادية لنا والمهدّدة لمراكز النفط والمطارات المدنية والمواطنين العزّل».

 

لذلك كلّه يخطئ تماماً من يعتقد أنّ خطاب نصرالله الأخير هو خطاب زعيم سياسي لبناني، بل تعبير صادق جدّاً عن غضب وقلق مدير المشروع الإيراني لإدارة شؤون المنطقة العربية.

 

يحدث هذا مع وصول مفاوضات فيينا النووية إلى مرحلة دقيقة ومفترق طرق خطر. من هنا تكون مهمّة صواريخ وقوارب الحوثي، وتصريحات سماحة السيد التصعيد المستمرّ للتأثير ليس على مسرح العمليات، لكن على مسرح غرفة المفاوضات في فيينا!

 

أزمة هذه العلاقة هي عدم فهم إيران والحزب وسماحة السيد لقانون الفعل وردّ الفعل عند الملك السعودي ووليّ عهده.

 

إذا استمرّ ذلك الفهم المغلوط فالخلاف مرشّح لصراع قد يصل إلى مواجهات مفتوحة ومؤلمة.