هموم اللبنانيين بعيدة من الحوار .. والأولوية لوقف المعاناة واجتماع الحكومة
لأنه قد يكون أشبه بحوار «اللون الواحد»، بعد إعلان عدد من القيادات السياسية، في الموالاة والمعارضة، عدم المشاركة فيه، فإن رئيس الجمهورية ميشال عون، يتجه إلى تأجيل الدعوة إلى عقد جلسة حوارية في قصر بعبدا، أو حتى اتخاذ قرار بإلغائه، باعتبار أنه سيكون حواراً هزيلاً، لا يحقق الغاية المرجوة منه، بعد المقاطعة الواسعة له . وهذا إن دل على شي، فإنما على أن هموم اللبنانيين في مكان آخر، وبالتالي فإن الحوار يجب أن يكون أولاً وأخيراً في ظل الظروف الضاغطة اليوم، حول سبل التخفيف من ارتفاع سعر صرف الدولار الذي بلغ مستويات قياسية، وفي العمل من أجل خفض أسعار المحروقات، وإعادة توفير الدعم للأدوية المزمنة، والتخفيف من معاناة اللبنانيين على مختلف الأصعدة . وقد أجمعت مواقف قوى المعارضة، إلى جانب العديد من الموالين، على أن الأولوية يجب أن تكون لاجتماع الحكومة حتى تتمكن من اتخاذ قرارات تساهم في تخفيف الضائقة الاقتصادية والحياتية عن اللبنانيين . في وقت يتوقع أن تعم الاحتجاجات مختلف المناطق اللبنانية، اليوم، في «خميس الغضب»، استنكاراً لعجز الحكومة والمسؤولين عن التصدي لارتفاع الدولار وأسعار المحروقات والمواد الغذائية، بعدما قارب سعر صرف الدولار الـ33 ألفاً، فيما باتت صفيحة البنزين على أبواب الـ400 ألف .
وفيما لبنان يجهد لتلافي تداعيات الأزمة مع الخليج، شكل انعقاد مهرجان المعارضة السعودية برعاية «حزب الله» في الضاحية الجنوبية، تحت عنوان «معارضة الجزيرة العربية» والذي يضم عدداً من المعارضين الخليجيين، ضربة موجعة لجهود الحكومة ورئيسها، الرامية إلى إصلاح ذات البين مع الخليجيين، بعدما كانت قوى معارضة حذرت من التداعيات، لأن هكذا مهرجان، سيزيد من عمق الهوة مع السعودية والدول الخليجية، بالنظر إلى خطورة هذا الحدث على العلاقات بين لبنان والمملكة والدول الخليجية الأربع، وبحكم كونه سيعرض مصالح لبنان مع هذه الدول إلى أضرار بالغة على مختلف الأصعدة . وبالتأكيد فإنه سيكون للسعودية ومعها دول خليجية، موقف شديد اللهجة من عدم إقدام السلطات اللبنانية، على منع المنظمين من عقد هذا المهرجان، وما سيخلفه من ارتفاع منسوب التصعيد بين «حزب الله» الذي أشرف على التنظيم، وبين الدول الخليجية التي ستزيد من نقمتها على لبنان ومسؤوليه وحكومته .
عقد مؤتمر للمعارضة السعودية في الضاحية بمثابة تحد من «حزب الله» في وجه رئيس الحكومة ووزير الداخلية
وأكدت أوساط بارزة في المعارضة، أن «عقد مؤتمر للمعارضة السعودية في ضاحية بيروت الجنوبية، هو بمثابة تحدٍّ من جانب حزب الله في وجه رئيس الحكومة ووزير الداخلية، بعد الموقف الذي اتخذاه حيال المؤتمر الذي عقدته المعارضة البحرينية في لبنان . والآن هناك تحدٍّ كبير يقوم به حزب الله في وجه حكومة يشارك بها، رغم أنه يعطلها لتحقيق مكاسب»، مشددة على أن «حزب الله» غير معني بمصلحة اللبنانيين، وكذلك الأمر هو غير معني بالأمن والسلام والاستقرار والازدهار في لبنان، بل أنه معني بأمر واحد، وهو المصلحة الإيرانية، وهذا تأكيد إضافي على معنى الاحتلال الإيراني القائم في لبنان»، ومحذرة من أن «ما يسعى إليه حزب الله محاولة قطع أي صلة وصل بيننا وبين الدول العربية، واليوم لدى الحزب ردة فعل شرسة وعنيفة، نتيجة انقلاب الوضع العسكري في اليمن، توازياً مع محادثات فيينا. وبعدما سحبت من الحزب بعض الأوراق الإقليمية، فإنه يستخدم الورقة اللبنانية لمزيد من الضغط في المفاوضات مع الخليج أو في الملف النووي» .
ولفتت الأوساط، إلى أن الكلمات التي ألقيت في مهرجان «المعارضة في الجزيرة العربية»، وما تخلله من هجوم على القيادة السعودية، سيضع كل المسؤولين اللبنانيين في موقع لا يحسدون عليه، باعتبار أن حزب الله ضرب عرض الحائط كل الدعوات من جانب الرئيس نجيب ميقاتي والوزير بسام المولوي، وأعاد تسعير المواجهة مع السعودية والدول الخليجية، مع ما لذلك من انعكاسات لا يمكن التكهن بنتائجها، بعد تجاوز كل الخطوط الحمر، إذا صح التعبير، في حملته على الدول الخليجية، وسط تساؤلات عن الأسباب التي تدفع الحزب لإحراق المراكب بين لبنان والسعودية، ومعها دول مجلس التعاون؟
وفي حمأة الانهيارات الاقتصادية والمالية، وفيما تزداد حدة الانقسامات الداخلية، تطلق قوى المعارضة، ما سمته «المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان»، والذي يضم ما يقارب من 200 من الشخصيات السياسية، في سياق الخطوات التي تقوم بها المعارضة، في مواجهة المد الإيراني في لبنان، حيث اعتبرت مصادر مشاركة في المجلس، أن «أول إنجاز حققه هذا المجلس هو إعادة ترتيب الأولويات في الحياة السياسية اللبنانية، واضعاً موضوع الاحتلال الإيراني أولوية الأولويات، إضافة إلى أن المجلس أتى بتنوعه الطائفي، كونه عابراً للطوائف، ليقول بأن لا حل في لبنان إلا من خلال جميع اللبنانيين، ولا حل في لبنان إلا بجميع اللبنانيين»، مشددة على أنه «على المجلس الآن أن يقوم بعملية مراكمة سياسية بمساحة مشتركة، من أجل تبلور مبادرة سياسية لبنانية تتكامل مع ظروف المنطقة» .
وتشدد المصادر، على أن «الطريق طويلة من أجل إنجاز المهمة التي تشكل المجلس من أجلها، لكن لا بد للبنانيين من أن يقولوا كلمتهم في رفض الاحتلال الإيراني للبنان»، مؤكدة على أن «المجلس يشكل مناسبة لجمع القوى المعارضة في إطار الجهود من أجل إخراج لبنان من هيمنة إيران عبر حزب الله الذي يحكم قبضته على مفاصل البلد، وهذا ما يرتب على الحكومة اتخاذ إجراءات تعزز مكانة الدولة، على حساب الدويلة» .