قد يكون الخبر الأفضل الذي سمعه اللبنانيّون منذ وقت طويل هو إعلان الخارجيّة السعوديّة بالأمس عن عودة سفيرها إلى لبنان وأغلب الظنّ أن الدّول التي استدعت سفراءها مع السعودية ستعلن عن عودتهم قريباً، وهذه العودة التي أعلن وزير الخارجيّة السعوديّة أنّها جاءت “استجابة لمناشدات القوى السياسية المعتدلة في لبنان” تبعث حالاً من الاطمئنان عند أغلبيّة اللبنانيّين الذين هالهم الانسحاب السعودي الغاضب من لبنان الذي أشعرهم أنّهم متركون لأيّام شديدة السّواد الحُلكة والخوف من أن تكون إيران حققت مبتغاها من السيطرة على لبنان نهائيّاً، عسى أن تحقّق العودة العربيّة هذه كلّ خير لبلد لم يعرف من السعوديّة ومواقفها تجاهه إلا الخير.
علينا أن نتأمّل المشهد الإيراني المغتاظ لهذه العودة ومن المناسب اليوم التذكير بالصورة في آب العام الماضي هنا وموقف إيران وموقف عملاء إيران في لبنان الذين ابتهجوا باستدعاء السعوديّة لسفيرها والطلب من سفير لبنان مغادرة العاصمة الرياض الذي اختصره كلام مسؤول إيراني كبير ـ كما وصفته وكالة “رويترز” ـ مقرّب من دائرة المرشد الإيراني علي الخامنئي اعتبر يومها “أنّ تحرّك الرّياض يظهر أنّ السعوديّين يخسرون أمام إيران على الجبهة الدّيبلوماسية ويحتاجون إلى بعض النّفوذ”، ربما تكتشف إيران وعملاءها في لبنان أنّ لبنان العربي وأبنائه المعتدلين المنتمين للجذور العربيّة والعالم العربي ربحوا مجدّداً في رهانهم على الاعتدال وعلى المملكة العربيّة السعوديّة وعدم تخّيها عن لبنان.
يعيش لبنان منذ العام 2005 خصوصاً هذه المرّة قبل المنازلة الإنتخابيّة المقبلة مواجهة كبرى حقيقيّة وعميقة ومستمرّة ويوميّة مع السيطرة الإيرانية عليه وهي محاولة لا تكلّ ولا تملّ من عزمها على إحكام خنقه وكتم أنفاسه، وللأسف كلّ ما حولنا يؤكّد أنّ الحياة السياسية في البلاد شارفت على الموت وبأنّ لبنان بات بالفعل في القبضة الإيرانية وقٌضي الأمر، وتأتي هذه العودة السّعودية إلى لبنان لتؤكّد أن صمود اللبنانيّين في وجه الاحتلال الإيراني المقنّع باء بفشل محاولته الأخيرة والصمود مطلوب أمس واليوم وغداً حتى انكسار الذراع الإيراني في لبنان.
بُحّ صوت اللبنانيّين وهم يُحذّرون من أنّ سلوكيات حزب الله ستودي بلبنان إلى عزلة عربيّة مخيفة الخاسر فيها هو الأوّل فيها هو الشعب اللبناني ولكن لم يسمع أحد في هذه الدولة لتحذيراتهم! هذه المرّة من الواجب التّحذير مجدّداً؛ نحن، ما نزال حكومة وشعباً، عاجزين عن مواجهة شيطان إيران في لبنان وسلاحه، وهذه هي الحقيقة المرّة التي تفرض نفسها ولكن الأمرّ منها أنّ اللبنانيّين لن ينخرطوا أبداً في مواجهة مع الحزب لأنّها قد تنزلق بنا وتفتح أبواب جهنّم على البلد وتمنح الحزب فرصته المنتظرة لإعلان “الجمهوريّة الإيرانيّة في لبنان” وهذا هو هدف إيران الأكبر في لبنان، خصوصاً أنّ الأمور قد تجاوزت كلّ مراحل المهادنة والتحاور الذي عرفناه في السنوات الماضية لأنّ الحكمة الشعبيّة تقول:”من جرّب المجرّب كان عقلو مخرّب” خصوصاً وأنّ حزب الله حزب تقيّة ونفاق وأنه انقلب على كلّ المواثيق والعهود التي قطعها!!