IMLebanon

السعوديّة «تساير» الشارع السنّي «بالعمّة بهيّة»… وتفصل بين بري وحزب الله

 

ميقاتي «قطفها»… ومشهديّة اليرزة: لا عداء لطائفة !

 

في مشهدية طرحت لدى البعض اكثر من علامة استفهام، جمعت سفير المملكة العربية السعودية العائد الى الربوع اللبنانية وليد البخاري على ارض مقر السفارة في اليرزة مساء الاثنين، قيادات وشخصيات سياسية لبنانية وسفراء دول بارزة، في مقدمهم السفيرة الاميركية والسفيرة الفرنسية، على مأدبة افطار اكتسبت اهمية في الشكل اكثر من المضمون.

 

خطوة البخاري التي اتت بعد زياراته للمرجعيات الروحية، ارادت من خلالها المملكة العائدة الى لبنان بعد طول غياب، ان تؤكد على اهمية وقوة حضورها، متى شاءت في لبنان، وكذلك قوة العلاقات التي تنسجها مع مختلف القيادات اللبنانية لا السنيّة فحسب.

 

في الشكل، ضم افطار اليرزة وجوها تقليدية تدور اصلا في الفلك السعودي كرئيس حزب «القوات» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل والرئيسين تمام سلام وفؤاد السنيورة، وكذلك الرئيسين امين الجميل وميشال سليمان، الا ان البارز كان حضور وزير الزراعة ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكذلك النائبة بهية الحريري بعد قرار الرئيس سعد الحريري الخروج من الحياة السياسية واخراج تياره ايضا.

 

مصادر مشاركة في افطار اليرزة، اعتبرت في قراءتها للدعوات وحضور كل من ممثل بري وبهية الحريري، ان توجيه الدعوة لرئيس مجلس النواب ارادت من خلاله المملكة توجيه رسالة واضحة مفادها ان لا عداء مع الطائفة الشيعية باكملها انما مع حزب الله فقط وسياساته ولا سيما الخارجية، وبالتالي فبري بالنسبة للمملكة هو احد اوجه الخط العروبي الذي يمثل الاعتدال الذي تدعمه السعودية.

 

هذا شيعيا، اما سنيا، فدعوة بهية الحريري لافطار اليرزة، له دلالات بالغة الاهمية في هذا التوقيت بالذات، اذ تشير اوساط متابعة لمجريات ما يحصل، الى ان ما تحاول ان تقوم به السعودية راهنا بعد قرار الحريري تعليق العمل السياسي، هو محاولة استمالة ومسايرة للشارع السني الذي يمثله «تيار المستقبل» على ابواب انتخابات يشعر هذا المكون انه مستهدف ومحبط. وعليه، فدعوة الحريري اريد منها بحسب الاوساط، استمالة هذا الشارع وتحفيزه على الانتخاب برسالة مفادها : السعودية مع عدم تغييب اي مكوّن، لا سيما المكوّن السني الذي يمثله «تيار المستقبل»، ولو ان حضور السنيورة واعطاءه مساحة كبيرة للتصريح من على منبر اليرزة دون غيره من الشخصيات الحاضرة، يظهر دعما سعوديا لحراكه الانتخابي ومباركة سعودية لعدم اخلاء الساحة السنية واظهارها «يتيمة بغياب سعد الحريري».

 

اما تلبية الرئيس ميقاتي دعوة الافطار بعد اتصال تلقاه من البخاري، فاثارت لدى بعض الاوساط السنية، لا سيما في الشارع الطرابلسي، امتعاضا بروتوكوليا، اذ اخذ على رئيس الحكومة كيف يلبي دعوة لافطار عبر الهاتف، في وقت كان يجب بروتوكوليا ان يزور السفير السعودي السراي فيلتقي ميقاتي ويسلمه الدعوة.

 

لكن، وعلى الرغم من هذه الامتعاضات المحدودة، فالاكيد ان ميقاتي نجح حيث فشل سعد الحريري، فظل يغازل المملكة ويسطّر البيانات ويعلي المواقف حتى عادت السعودية الى الربوع اللبنانية، (طبعا ليس كرمى لعيون ميقاتي او استجابة لبيانه العادي الذي لم يخرج عن المألوف)، انما لمعطيات اقليمية ورغبة منها بعدم اخلاء الساحة اللبنانية وسط التغييرات التي تعصف بالمنطقة، «فقطفا « ميقاتي ولو على ابواب نهاية عهد حكومته الانقاذية، وعلى ابواب انتخابات يعول عليها كثر لاحداث تغيير لن يحصل بالمعادلة الداخلية.

 

وفي هذا السياق، رأى مصدر مطلع على الجو السعودي، ان الخطوط فتحت بين ميقاتي والمملكة، التي باتت تعول سياسيا على نجيب بدل سعد، لاعادة العلاقات السعودية السنية، لا سيما ان بيان الخارجية السعودية ضمّن ما اورده بيان ميقاتي، وهذه نقطة هامة بحسب المصدر، ان يعلن ميقاتي انه سيزور السعودية في شهر رمضان من على منبر مقر اليرزة ليس تفصيلا، علما ان بعض المعطيات تشير الى انه من المحتمل ان تتخلل زيارة ميقاتي لاداء مناسك العمرة لقاء سياسيا.

 

هذا في الشكل، اما في مضمون افطار اليرزة، فتشير المعلومات الى ان النقاش على الطاولة لم يخض في التفاصيل، بل بقي في اطار العموميات. وتكشف مصادر متابعة ان السفير السعودي اكد امام ضيوفه «ان ما حصل سابقا غيمة صيف وزالت»، وقال: «المملكة تقف دوما الى جانب الاعتدال في لبنان»، والمقصود هنا سنيا او شيعيا.

 

وهنا تشدد المصادر على ان افطار اليرزة الذي حضره حوالى الـ 40 شخصا، لم يتخلله اي توجيهات، وبهذا يكون الهدف منه شكليا اكثر، اما الرسائل والتوجيهات فتبعثها المملكة من خلال اللقاءات الثنائية التي يعقدها البخاري مع القيادات اللبنانية، وهذا ما سيحصل خلال الايام المقبلة.

 

على اي حال وبالانتظار، لا يمكن الحديث عن افطار اليرزة دون التوقف عند غياب بعبدا، وعدم توجيه الدعوة للقصر الجمهوري للمشاركة، وهنا علقت مصادر مطلعة على جو بعبدا بالقول: «بعبدا ترصد ولا تعلق، فهذه دارة السفير الذي هو سفير دولة شقيقة، وهو اختار من اختار»…

 

الا ان غياب بعبدا عن افطار اليرزة لن ينعكس تغييبا لبعبدا عن زيارات السفير السعودي الذي سيتوجه قبل ظهر اليوم الى القصر الجمهوري للقاء رئيس الجمهورية في جولة ستشمل ايضا الرئاستين الثالثة والثانية، وكذلك مقرات اخرى كالمختارة ومعراب والصيفي وغيرها.

 

وفي هذا الاطار، علقت مصادر مطلعة على جو بعبدا بالقول: «الزيارة المرتقبة للسفير السعودي تأتي في السياق الطبيعي للعلاقات الديبلوماسية بعد طول انقطاع، والرئيس سيستمع بتأن لما سيقوله سفير المملكة»!