تلقيت دعوة من رئيس المنتدى السعودي للإعلام، رئيس هيئة الاذاعة والتلفزيون السعودي الاستاذ محمد بن فهد الحارثي للحضور والمشاركة في فاعليات النسخة الثانية من المنتدى السعودي للاعلام، الذي أقيم في الرياض بتاريخ 20 و21 شباط. لبّيت الدعوة الكريمة بكل شرف وتقدير لعدّة أسباب:
أولاً: المملكة العربية السعودية غالية على قلبي وعلى قلب كل لبناني.
ثانياً: ما قدّمته المملكة للبنان بدءاً بـ»مؤتمر الرياض» عام 1975 وحتى «مؤتمر الطائف» عام 1989 شيء يفوق كل تقدير فهذا المؤتمر الأخير هو الذي أنهى حال الحرب الأهلية في لبنان والتي بدأت عام 1975. أما «مؤتمر الرياض» فكان أوّل مؤتمر يعقد من أجل وقف الاقتتال الأخوي ومنه تشكلت «قوات الردع العربية» التي حاولت أن تضع حداً للاقتتال بين اللبنانيين.
ثالثاً: في المملكة العربية السعودية أكثر من 500 ألف لبناني يعملون ويحتلون مراكز مهمة جداً في أهم الشركات… واللبنانيون محبوبون جداً في المملكة، ويتم التعاطي معهم بكل محبة واحترام… وللتاريخ فإنّ بناء المملكة جرى بأيدٍ لبنانية طبعاً بالاضافة الى السوريين والفلسطينيين والمصريين.
رابعاً: قد يكون هناك بعض التوتر في العلاقات بين لبنان والمملكة، بسبب ما يجري في الضاحية الجنوبية من بيروت… حيث توجد أمكنة للتدريب على السلاح، ومراكز لتلفزيونات الحوثيين الذين يسيئون للمملكة حتى بعد الحرب التي اضطرت المملكة أن تدخلها دفاعاً عن نفسها وبخاصة ان الحوثيين مدعومون من إيران، ويريدون احتلال الأراضي السعودية… وفي هذا الموضوع لا بد أن تعرف المملكة ان أغلبية اللبنانيين هم مع المملكة العربية السعودية وضد الحوثيين وضد الايرانيين وممثلهم «الحزب»، ولكن هناك قصة طويلة لا بد من العودة إليها كي لا نظلم أغلبية اللبنانيين.
وللتاريخ نقول إنّ أكبر جريمة ارتكبت بحق لبنان واللبنانيين كانت «اتفاق القاهرة» عام 1969، يوم أجبرت الدول العربية مجتمعة لبنان أن يقبل بـ»اتفاق القاهرة» الذي يسمح للفلسطينيين بحمل السلاح، خارج سلاح الدولة، وأن يقوموا بعمليات عسكرية لاسترجاع فلسطين. وبقي البلد من دون حكومة لمدة 8 أشهر يومذاك، حين رفض الرئيس رشيد كرامي أن يشكل حكومة إلاّ بعد قبول لبنان بتوقيع «اتفاق القاهرة».. هذا الاتفاق جعل لبنان عرضة لاحتلال إسرائيلي عام 1979 للمرة الأولى، يوم احتلت اسرائيل جنوب لبنان وأقامت دولة سعد حداد. وفي المرة الثانية عام 1982 يوم اجتاحت اسرائيل لبنان، واحتلت اول عاصمة عربية أي مدينة بيروت، بعد 100 يوم من الحصار حيث أدّى ذلك الى اتفاق خرج بموجبه الفلسطينيون أي ابو عمار ومن معه من لبنان الى اليونان في الباخرة التي نقلته وبعدها الى تونس.
الاحتلال الاسرائيلي خلّف مقاومة للاحتلال، وللأسف فإنّ البلد الوحيد الذي ساعد المقاومين اللبنانيين كانت ايران، وهكذا استطاعت ايران وعن طريق «الحزب»، أن تسيطر على السلطة في لبنان وبخاصة بعد الانسحاب السوري عام 2005، يوم أجبرت سوريا على الخروج… كل هذا أصبح من التاريخ، وهذا ما يجب أن نعرفه ويعرفه السعوديون.
هناك نقطة ثانية، يجب ان نشير إليها وهي عودة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى لبنان لإعادة البناء بعد «اتفاق الطائف» الذي كان له دور كبير، ما مكّن الحريري بأن يفوز بأكبر كتلة نيابية، ولكن القدر كان أقوى من الجميع.. واغتيل الرئيس رفيق الحريري وتسلم من بعده ابنه سعد الذي أكمل طريق والده، واستطاع أن يستقطب الطائفة السنّية كلها، وأن يحصل على كتلة نيابية وصلت الى 80 نائباً، وهذه هي المرّة الأولى التي يكون لكتلة في لبنان هذا العدد من النواب.
لبّيت الدعوة بعدما انقطعت عن زيارة السعودية لمدة 4 سنوات بسبب «الكورونا». ولا بد هنا من أن أقول كيف رأيت الرياض بعد غياب 4 سنوات..
أولاً: في الحقيقة يمكن القول إنّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان استطاع بفترة قصيرة جداً أن يحوّل المملكة الى ابنة 30 عاماً، بعدما كانت أيام والده عمرها 80 عاماً.
ثانياً: في الحقيقة التغيرات التي حصلت في المملكة كبيرة ومهمة جداً، أبدأها بالسماح للسيدات بقيادة السيارات، وهذا الامر وحده اتاح الاستغناء عن 500 ألف فرصة عمل، ووفّر على الخزينة السعودية 3 مليارات دولار سنوياً.
ثالثاً: الانفتاح السياحي بفتح جميع أنواع المطاعم والمقاهي، وأهم الفنادق العالمية، وفّر أيضاً من الفاتورة التي كان يدفعها السعوديون في الخارج والتي تبلغ قيمتها 200 مليار… ونستطيع أن نقول إنّ 75٪ من الفاتورة خفّضت لأنّ السياحة الداخلية أصبحت هي البديل.
رابعاً: 70٪ من أبناء الشعب السعودي عمرهم تحت 30 سنة، وهذا ما دفع الامير محمد بن سلمان الى التوجّه إليهم ومحاولة تلبية رغباتهم لأنهم الاكثرية الشعبية.
خامساً: عن موضوع الفساد والرشوة يمكن القول إنه صار صفراً. هذا ما قاله لي صاحب شركات كبرى، بأنك تستطيع أن تنجز كل المعاملات مع الدولة إلكترونياً، ولا حاجة لأي اتصال أو واسطة.
سادساً: المشاريع السياحية والاقتصادية وموضوع رؤية 30/20 يتم السير بها بسرعة فائقة.
سابعاً: لا أريد أن أتحدّث عن المشاريع لأنها تحتاج الى حلقة خاصة.
أخيراً، مبارك للشعب والملك والامير بعيد التأسيس.