الاقتناع الذي تكوَّن للوسطاء: لا مجال إلا للرئيس التوافقي
في الوقت الذي ينتظر فيه أن يطل مرشح «الثنائي» رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية في مقابلة تلفزيونية، بعد عطلة عيد الفطر، للبحث في تطورات الاستحقاق الرئاسي، وتحديداً في موضوع ترشيحه للرئاسة الأولى، بدت لافتة الحملة التي تتولاها قوى الثامن من آذار، لتلميع صورة فرنجية وحشد أكبر دعم له، محاولة الإيحاء بأنه لا يزال يتقدم كل المرشحين للرئاسة، في ظل التأييد الذي يحظى به من جانب الفرنسيين، في حين برز إلى الواجهة، ومن طرف واحد، الحديث عن إمكانية عقد لقاء بين «حزب الله» ومسؤولين سعوديين، من أجل البحث في الاستحقاق الرئاسي، وتحديداً في ملف فرنجية الذي يعمل من خلال الفرنسيين وسواهم، على طمأنه الجانب السعودي، وهذا ما شدد عليه بعد لقائه البطريرك بشارة الراعي قبل أيام.
وعلمت «اللواء»، أن رئيس «المردة» سيحدد في المقابلة التلفزيونية التي سيجريها مع محطة «الجديد»، الأسبوع المقبل، موقفه بإسهاب من الانتخابات الرئاسية، ويعرض للتطورات المتصلة بهذا الملف، وتحديداً ما يتصل بالموقفين الفرنسي والسعودي. كما أنه سيكشف عن الخطوات الداخلية التي سيقوم بها، سيما مع القوى المسيحية لإزالة اعتراضاتها عليه، لتسهيل وصوله إلى قصر بعبدا. لكن في المقابل، فإن مصادر عليمة تستبعد أن يكون الطرف السعودي في وارد عقد أي لقاء مع «حزب الله» أو غيره من فريق الثامن من آذار بشأن الانتخابات الرئاسية، وتحديداً في شأن ترشيح فرنجية. باعتبار أن الحوار السعودي حول الاستحقاق الرئاسي اللبناني مقتصر على الجانب الفرنسي، وفي إطار الاجتماع الخماسي، مع التأكيد أن الانتخابات الرئاسي في لبنان، هي مسؤولية قادته قبل الآخرين، وإن كانت الأولوية لرئيس يعيد لبنان إلى الحضن العربي، وتتعدى سائر الأولويات الأخرى.
كذلك الأمر، فإن العارفين ببواطن الأمور، يؤكدون أن لا تغيير طرأ على موقف المملكة من الانتخابات الرئاسية. وهذا الموقف لم يشهد أي تبديل، لجهة الاعتراض على انتخاب فرنجية، سيما وأن الرياض ليست معنية، لأن تعلن عن رفضها لرئيس «المردة» عبر وسائل الإعلام، وإنما قد أوصلت موقفها إلى من يعنيهم الأمر، عبر وسائلها الخاصة، سواء عبر الفرنسيين أو غيرهم. وهذا ما أكد عليه كذلك سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري في العديد من اللقاءات التي عقدها مع عدد من القيادات السياسية والروحية في لبنان.
ومن هنا فإن الاتصالات التي قام بها الفرنسيون مع الرياض، لم تحدث أي خرق في الجدار السعودي الذي لا زال رافضاً القبول بمرشح «حزب الله» رئيساً للجمهورية. لا بل أن كل الذين زاروا المملكة في الفترة الماضية، عادوا بنتيجة واحدة، وهي أن لبنان بحاجة إلى رئيس سيادي إصلاحي، وعلى مسافة واحدة من جميع الفرقاء، ولديه من القدرة والإمكانات ما يعيد بناء الجسور مع العالم العربي والمجتمع الدولي.
وفيما تلقّى رئيس مجلس النواب نبيه بري، اتصالاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا فيه التطورات المتعلّقة بالملف الرئاسي اللبناني، فإن أوساطاً نيابية في الثامن من آذار، تشير إلى إمكانية عودة الحديث عن الحوار، بهدف إزالة العقبات من أمام انتخاب رئيس للجديد للجمهورية، لأنه لم يعد البلد قادراً على تحمل تبعات الشغور الرئاسي، وما خلفه من انهيارات اقتصادية ومالية ومعيشية تجاوزت كل الحدود. لكن هذا التوجه يقابله في الوقت نفسه، إصرار من جانب القوى المعارضة التي ترفض خيار فرنجية، على عدم الاستسلام لإرادة حزب الله الذي يعمل لفرض رئيس للجمهورية يحمل مشروعه ويخضع لشروطه، وسط تحذيرات من العودة إلى ما يشبه صفقة ال2016، وما جرته على البلد من نكسات وخراب على كافة المستويات.
ولم تستبعد معلومات لـ«اللواء»، أن يكون على جدول الزيارات إلى باريس، بعد عيد الفطر، عدد من القيادات السياسية، للبحث مع المسؤولين الفرنسيين في الملف الرئاسي، وسبل إنهاء الشغور الرئاسي، في ظل شبه إجماع تكون لدى المعنيين بهذا الملف، بأن لامجال إلا لانتخاب رئيس توافقي، لأن لا مكان لرئيس تحد، سيكون من المستحيل تأمين النصاب لانتخابه. وهذا هو الاقتناع الذي تكون لدى المعنيين بهذا الشأن في الداخل والخارج.