لطالما كان هدف الفرنسيين انغماس المملكة العربية السعودية أكثر في الملف اللبناني بعد قرار الخروج من الساحة اللبنانية منذ عدة أعوام، لكن السعوديين كانوا يعلمون بأن أرضية عودتهم الى الساحة ليست مؤمنة طالما أن المعارك مشتعلة في اليمن، وسوريا، والعلاقات مع إيران سيئة للغاية، وهو ما تغير مؤخراً.
بعد زيارة وزير الخارجية الإيراني الى السعودية نُقلت رسائل إيجابية حول العلاقات بين المملكة وحزب الله، فالطرفان مستعدان للحديث المباشر وغير المباشر، ومؤخراً نقلت الرياض للإيرانيين عدم ممانعتها لحوار مع حزب الله، وهو ما يعني بحال حصوله حلّ أغلب المشاكل التي تواجه لبنان.
في اللقاء الايراني السعودي الأخير فُتح الملف اللبناني وكان النقاش إيجابياً، والانعكاس الأول لهذه الإيجابية كان بالاجتماعات التي عقدها مسؤولون سعوديون في باريس قبل زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت، أما الانعكاس الثاني فكان في اللقاء الذي نظمه السفير السعودي في بيروت للنواب السنة بحضور لودريان.
لقاء اليرزة يكرس حضور المملكة مباشرة في الملف الرئاسي اللبناني، عبر توجيهها مجموعة من الرسائل المباشرة، عنوانها الأساسي، بحسب ما هو معلن، الذهاب إلى مرشح تسوية من خلال التفاهم على مرشح جامع، وهو ما كان قد تم الإتفاق عليه قبل حضور الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، عبر اللقاء الذي جمع الأخير مع المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا.
من العلامات الفارقة على هذا الصعيد، هو أن هذا اللقاء يأتي بعد أن وصلت المبادرة الفرنسية إلى حائط مسدود، لكن الأهم هو أنه يأتي على وقع الحديث عن دخول قطري على الخط، بالتنسيق مع الجانبين السعودي والأميركي، ما يدفع إلى السؤال عما إذا كانت الرياض أرادت من خلاله أن تحدد مسبقاً شروطها أو سقفها، عبر التشديد على أنها تراجعت عن سياسة الإبتعاد عن الملف اللبناني.
في المضمون، الحضور السعودي في الملف اللبناني يعني إقتراب موعد التسوية، نظراً إلى أن الرياض، في حال كانت الأمور معقدة، كان من الممكن أن تستمر في سياساتها السابقة القائمة على عدم التعاطي المباشر مع الأزمة اللبنانية سوى من باب النصح، لكن دخولها على الخط بهذا الشكل، يعني أن هناك أمراً جدياً يحصل، وبالتالي من الممكن الحديث عن نقطة تحول، إلا أن الأمر سيكون مرهوناً بالقدرة على الإستمرار في هذا المسار، الذي يتطلب قبل أي أمر آخر مبادرة الفريق الآخر إلى ملاقاة الخطوة التي قامت بها الرياض.
بحسب مصادر سياسية متابعة فإن التحرك السعودي العلني يأتي بعد تقدم إيجابي نسبي بالعلاقات بين المملكة والجمهورية الإسلامية في إيران، مشيرة الى أنه يمكن القول هذه المرة أن لقاء اليرزة، بعيداً عن الشكل حيث كان لكل نائب موقفه السابق المعروف الذي تكرر خلال اللقاء، يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في الملف الرئاسي، يُفترض بحال لم تحصل مفاجآت سلبية أن تكون المرحلة الأخيرة التي ينتهي الفراغ مع نهايتها، علماً أن احتمال العرقلة لم ولن ينتهي طالما أن المنطقة تمر بما تمر به من أحداث.