إستوقفني حديث ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمحطة تلفزيون «العربية» مع الزميل تركي الدخيل حيث لم يترك سؤالاً صغيراً أو كبيراً إلاّ وأجاب عليه بصراحة كاملة غير مسبوقة في الإعلام السعودي، إذ أنّ سياسة المملكة على مر الزمان كانت سياسة هادئة مسالمة تتبع القول: «من ضربك على خدّك الأيمن أدر له خدك الأيسر».
أما اليوم فإننا أمام سياسة جديدة قائمة على مبدأ «العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم».
من هنا جاءت «عاصفة الحزم» التي أهم ما فيها أنها أوقفت مشروع ولاية الفقيه بالسيطرة على اليمن، كما يدّعي كبار المسؤولين الايرانيين وعلى رأسهم المرجعية الدينية الأعلى آية الله الخامنئي، عندما أعلن أنّ إيران تسيطر على عواصم اربع دول عربية وهي العراق وسوريا ولبنان وأخيراً اليمن، أي ما يسمّى بالهلال الشيعي الذي حذّر منه ملك الأردن الملك عبدالله الثاني… من هنا كانت «عاصفة الحزم» المسمار الأول في نعش المشروع الشيعي لولاية الفقيه الذي سندفنه قريباً…
ما حصل نتيجة تدخّل المملكة في اليمن أنّه أعاد الشرعية الى اليمن وأنهى حلم آية الله خامنئي بمشروع ولاية الفقيه، طبعاً لا نزال في المرحلة النهائية لدفن المشروع الايراني ولكنه سيدفن عاجلاً أم آجلاً.
كذلك هي الحال في سوريا إذ أنه مهما حاول الطاغية بشار الاسد الاستعانة بعدد كبير من الدول مثل إيران والعراق و»حزب الله» وأخيراً الروس الذين أنقذوه في آخر أيامه، ومهما حصل فنهاية هذا النظام آتية وستكون قريبة.
هذا على الصعيد السياسي أمّا على الصعيد الاقتصادي فأهم ما جاء في كلام الأمير محمد بن سلمان يتمثل بما يلي:
– أولاً: قوله وقناعته إنّه لا يمكن الإعتماد على النفط الى أبد الآبدين لذلك علينا أن نفتش عن مصدر آخر… من هنا جاءت فكرة تنويع مصادر الدخل حيث أهمها الإعتماد على صندوق الاستثمار وإعطاء المواطن فرصة للمشاركة في دعم الاقتصاد السعودي والمشاركة في الشركات الحكومية من خلال فتح المجال للمواطن بالاستثمار في شركات سعودية وطنية وعلى رأسها شركة «ارامكو» العملاقة. تصوّروا 5% فقط من أسهم «ارامكو» تعطي 2 مليار دولار ستستعمل في إنشاء صندوق الاستثمار الذي سيكون أكبر صندوق استثماري في العالم… كذلك ستصبح البنوك كما المواطن وكل الناس تراقب أعمال الشركة بشكل شفاف وهذا ينسجم مع مبدأ المحاسبة والشفافية…
– ثانياً: موضوع حساس ودقيق جداً ألا وهو الموضوع الديني، خصوصا أنّ المملكة فيها أهم المقدسات الإسلامية مكة والمدينة المنورة حيث الكعبة الشريفة والحرم النبوي الشريف… وهذا يضع المملكة أمام مسؤوليات دينية كبيرة لاسيما إذا فتحت مجال السياحة الدينية التي يمكن أن تكون من أهم السياحات في العالم وتنافس السياحة العادية، والبنية التحتية لهذه السياحة موجودة ويمكن الإعتماد عليها كمدخول مالي كبير لصندوق المملكة.
– ثالثاً: موضوع مهم جداً ألا وهو الصناعات العسكرية وحاجة المملكة للإهتمام بهذه الصناعة فبدلا من أن تبقى المملكة بلداً مستورداً ستصبح بلداً مصنّعا في مرحلة أولى ثم بلداً مصدّراً، وهذا سيوفر أموالاً كبيرة للاقتصاد السعودي خصوصا وأنّ الأموال التي تُصرف على هذا القطاع كبيرة جداً وتعتبر من أكبر المصاريف لأي دولة.
وفي التصنيف العالمي تعتبر السعودية رابع دولة تصرف أموالاً على التسلّح، أي أكثر من بريطانيا وفرنسا على سبيل المثال لا الحصر.
– رابعاً: اعادة النظر في دعم الدول غير المحتاجة والتي تملك اقتصاداً يمكّنها من النهوض عكس الدول الفقيرة التي هي بحاجة الى الدعم، وكذلك اعادة هيكلة الدعم الداخلي وتخصيصه للمحتاجين والطبقة غير الميسورة، لأن الطبقة الثرية ليست بحاجة اليه، كذلك اعادة هيكلة قطاع الاسكان ليساهم في رفع نسبة تملك السعوديين.
– خامساً: موضوع حساس جداً، ألا وهو السماح للمرأة بقيادة السيارة، وهذا سيوفر في أدنى حد 3 ملايين سائق غير سعودي لأنه من الصعب أن تجد سائقاً سعودياً.. وهذا سيوفر ملايين الريالات ستعود طبعاً ايجابا على الاقتصاد السعودي.
هذا جزء بسيط ممّا جاء في مشروع الأمير ولنا عودة إليه لاحقاً.
عوني الكعكي