IMLebanon

هل من رغبات سعودية لدور ما للعشائر؟ (1/2)

 

العشائر العربية في لبنان والمملكة العربية السعودية.. بموضوعية

علي الشاهين

منذ عقد ونيّف ما زالت شريحة العشائر  العربية  في لبنان  تتقدّم  رويداً رويداً نحو المشهد السياسي والإعلامي والثقافي في لبنان، فهذه الشريحة التي يُقدّر عددها بحوالى 450 ألف نسمة  وحوالى 105 آلاف ناخب (ثلث الطائفة السنية)، وينتشرون في معظم المحافظات اللبنانية،  ما زالت  تسجّل بين الفينة والأخرى خطوات ومواقف تحمل  مدلولات وأبعاداً عديدة، وأبرزها عقد العزم  على تعزيز دورها في مسألة المشاركة الوطنية في سياسات ومكتسبات وحقوق وواجبات  عديدة..

 

ويرى بعض المتابعين والمراقبين أنّ العشائر، ومع دخولها الندوة النيابية في انتخابات العام 2018، من خلال النائب محمد سليمان (عكار، كتلة المستقبل)، الذي «نفّذ عهداً لـ«ربعه»، ودخل أوّل جلسة نيابية للمجلس الحالي بالكوفية  العربية»، قد أعلنت بعدما امتلكت  عناصر صلبة وعديدة  كغيرها من الشرائح لتعزيز مكانتها، أصبحت تطلق المواقف والرؤى تجاه مختلف المسائل  الوطنية، وخصوصاً أنّها بانفتاحها على كثير من المكوّنات السياسية والطائفية بروح المسؤولية والانفتاح والعيش المشترك، فهي تؤكد أنّ الأمور تتّجه نحو المحافظة والتحصين، وهي بالتالي لا تسمح  ولن  تسمح لأحد بتضييع  الفرص أمامها في هذا  الوطن  الذي من أهم مميزاته «التعدّدية».

 

قد يسأل القارىء ما مناسبة هذا الطرح حول العشائر في هذه الظروف الحرجة والمصيرية والتاريخية التي يمر بها  لبنان،  خصوصاً والمنطقة العربية عموماً (وهي منطقة تكوينها الاجتماعي   يتشكّل أكثر من نصفه من العشائر والكثير منها  يربطها رابط قرابة وعصب مع عشائر  لبنان)..

 

وهنا نوضح أنّ تصريحات وزير الخارجية والمغتربين المتنحي شربل وهبة، التي أعلنها  في مقابلة مع قناة «الحرة»، وتناول فيها دول الخليج  والسعودية وشريحة البدو بأسلوب لا يتلاءم مع القواعد والأعراف الدبلوماسية والسياسية والحضارية، وهذه المناسبة قد شكّلت منصّة جديدة  وإطلالة للعشائر العربية في لبنان، وذلك على المسرح السياسي والإعلامي، وتجسّد ذلك في إقبال  وإقدام لافت من قِبل وجهاء ومشايخ ونُخب من مختلف عشائر لبنان نحو دارة السفير السعودي وليد بخاري في اليرزة، مندّدين ومستنكرين ما صدر عن الوزير وهبة تجاه المملكة العربية السعودية وتجاه البدو، ومعلنين مواقف الدعم والتعاطف مع المملكة، وقد اعتبر البعض أنّ هذه المقابلة  لوهبة  مع «الحرة» كانت تجربة مرّة ومريرة، حيث أخرجته من قصر بسترس بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على تصريحاته.

 

في هذه  المقالة  نحاول أنْ نعرض أمرين:

 

الأول: آراء وتصريحات نخب عشائرية تتناول تصريحات وهبة وعلاقات العشائر مع  السعودية، إضافة إلى تصريحات السفير بخاري  خلال استقباله وفد العشائر.

 

الثاني:  نحاول أنْ نقدّم مجموعة تساؤلات حول المسار أو خط السير السياسي الذي تسلكه هذه الشريحة (العشائر) في لبنان، وما هي المحطات المتوقّع أنْ تصلها، وذلك ربطاً بالتطوّرات  والتحوّلات الجارية في لبنان خصوصاً والمنطقة عموماً، وذلك تحت عنوان كبير، وهو:

 

العشائر  إلى أين على مسرح الأحداث؟!

 

{ حول ما جاء أعلاه، يرى الشيخ عارف شخيدم – رئيس بلدية برج العرب (قضاء عكار) وهو الذي يصفه الأخصائيون في مسائل العشائر بأنّه من المخضرمين والناشطين العارفين، أنّه  «على الصعيد السياسي والشأن العام والثقافي، هذه الشريحة اللبنانية ورغم  تعرّضها  للمظلومية من ذوي القربى في الداخل، إلا أنّها قطعت أشواطاً نوعية على مستوى امتلاك شبابها وشاباتها درجات وشهادات علمية في مختلف الاختصاصات، ما أعطاها دفعاً للانخراط في تبوأ مراكز وظيفية مميّزة  في القطاعين العام والخاص، ناهيك عن بنائها مؤسّسات وشركات في عدّة مجالات اقتصادية  وتجارية، ناهيك أيضاً عن بدء ولوجها العمل الحزبي والسياسي، وكان طبعاً دخول الصديق النائب محمد سليمان إلى الندوة النيابية في الانتخابات الأخيرة هي الانطلاقة القوية للعشائر».

 

أضاف شخيدم: «إنّ تواجد وانتشار العشائر في معظم أقضية ومحافظات  لبنان  قد أعطاها ميزة الفاعلية والتأثير في مسائل وطنية عديدة، ومن أبرزها الانتخابات النيابية حيث يُسجّل لها أهمية حيوية في نتائج هذه الانتخابات داخل الكتل النيابية المرشّحة، ناهيك عن التماسك والعصبوية  والصلات الروحية والقرابة في ما بينها، تعطيها أيضاً أهمية وفعالية، وقد ظهرت في عدّة محطات  وملفات سياسية على مستوى الوطن ككل، حيث خلال ساعات تأخذ موقفا موحّدا نسبيا تجاه الكثير من  الأحداث أو القضايا  على ساحات الوطن».

 

(التعاطف والتماسك النوعي والفوري من قِبل العشائر في لبنان في مسألة اعتداء حزب الله على العشائر  في خلدة  في شهر آب الماضي- كاتب السطور).

 

علاقات العشائر العربية في لبنان مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج:

 

{ في هذا المحور نحاول أنْ نستعرض أقوال ومواقف وتصريحات عدد  من النُخَب والوجوه  ومشايخ العشائر، إضافة إلى تصريح السفير بخاري، أثناء لقائه وفد العشائر الأسبوع ما قبل الماضي، فمن جهته النائب محمد سليمان (قضاء عكار، وهو من مشايخ عشائر وادي خالد في الشمال  اللبناني) قال: «1- العلاقة بين العشائر في لبنان ودول الخليج علاقة أخوّة ودم وقربى، لن نسمح لأحد بأن يؤثر عليها ابدا، ولأي جهة انتمى، وما صدر من تصريحات ما هي إلا بعيدة عن أصول  اللياقات  الدبلوماسية.

 

2- بالنسبة للتصريحات التي صدرت حول البدو، فنحن بدو ونفتخر بأنْ نكون بدواً، وهم الذي عندهم صفات راقية. وهناك كثير من الأنبياء والرسل من البدو وبنوا حضارات.

 

3- دول الخليج والمملكة العربية السعودية لم تقصر في دعم لبنان على مختلف الصعد، وخصوصاً على مستوى السيادة والاستقرار.

 

4- لن يُسمح لأحد بأنْ يعمل على قطع العلاقات مع دول الخليج ومع «مملكة الخير»، ونقول له: «ليخيّط بغير مسلّة»، ولأي جهة انتمى.

 

5- نتمنّى على المملكة العربية السعودية أنْ تصنع لفتة خاصة للعشائر في لبنان، وذلك على مختلف الصعدة».

 

{ أما الشيخ عارف شخيدم فتراه اعتمد الواقعية والمنطق والرؤيوية، حيث قال: «في ما يتعلق بالعلاقة مع السعودية والخليج عموماً، فهي علاقات مودة، وما تقتضيه روابط ومكوّنات العروبة ووشائج حضارية عديدة، وإنّما ولحتى الآن، ورغم خصوصية وتميّز الروابط  مع السعودية لم تأخذ حتى الآن المملكة نظرة أبوية تجاه هذه الشريحة  اللبنانية، وهنا نأمل من الدوائر المختصة في المملكة أنْ تميّز العشائر في لبنان بمستوى خاص على صعيد الدعم، وخصوصاً المجالات الثقافية  والتعليمية  والإنماء، مع الإشارة إلى أنّها وعلى مدى عقود لم تقصر في دعم لبنان منذ سبعينيات القرن الماضي».

 

{ وفي سياق العلاقة مع السعودية، اعتبر الشيخ بدر عبيد من تجمّع العشائر العربية في لبنان، أنّه «رغم أنّ الدولة السعودية تتعامل مع الدولة اللبنانية من خلال المؤسّسات والهيئات الرسمية ولا تتعامل مباشرة مع كيانات سياسية أو طائفية أو مجموعات أو أطراف، كالعشائر، إنّما نحن كعشائر تربطنا مع المملكة علاقات قربى وعصب ودم  وعروبة، ونتمنّى أنْ تعود العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها من تعاون ومودة وكما كانت عليها من تميّز وأخوّة، وهنا نشير إلى أن الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان حالياً هي التي تتحمل مسؤولية ما وصلت إليه هذه العلاقات، وهي  التي لم تعتمد أدنى معايير الدبلوماسية والمصلحة القومية والوطنية».

 

واستطرد عبيد في تحديد وتوصيف موقف العشائر على مستوى السياسة الخارجية، فأشار إلى أنّ «العشائر نحن كعشائر ضمناً لن نكون إلا مع المشروع العربي بوجه المشروع الآخر الذي  تأخذه السلطة الحاكمة، وهو المشروع  الفارسي».

 

* (إعلامي  ومتخصّص بقضايا العشائر العربية في لبنان)