IMLebanon

تجاهل سعودي وبرودة خليجية في وجه تكليف ميقاتي… وتصويب إعلامي

الرياض باقية على سياسة التشدّد وادارة الظهر للبنان بانتظار المشهد الإقليمي –

لم تعط السعودية بعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة اي اشارة الى تغيير موقفها من الوضع في لبنان وملف الازمة الحكومية، ما يعطي انطباعا بانها ماضية في اعتماد سياسة ادارة الظهر للموقف في لبنان رغم التدخلات الاميركية الفرنسية الاخيرة التي تجلّت بالاجتماع الثلاثي الوزاري وبزيارة السفيرتين الاميركية والفرنسية في بيروت الى الرياض.

 

وينعكس الموقف السعودي هذا على مواقف دول الخليج الاخرى التي لاحظ مصدر سياسي مطّلع انها لم تصدر اي بيان او اشارة للترحيب بتكليف ميقاتي رغم العلاقات الطيّبة التي تربطه ببعضها، ويقول المصدر صحيح ان العلاقة بين السعودية وميقاتي ليست رديئة او مقطوعة كما هو الحال مع سلفه الحريري، الا ان القيادة السعودية لا تريد احداث اي تغيير او تعديل جوهري في سياستها تجاه لبنان لانها تعتبره تحت هيمنة حزب الله.

 

وبرأي المصدر ان الرياض ضغطت وتضغط على باقي دول الخليج لاعتماد هذه السياسة منذ فترة حكومة الحريري وقبل بروز الازمة الاقتصادية والمالية، وهي اليوم ترصد المواقف الدوليّة المتّصلة بالوضع اللبناني قبل اتخاذ اي خطوة تجاه لبنان تحت وطأة الضغط والاحراج الدوليين.

 

ووفقا لمصادر مطلعة، فان السفير السعودي في لبنان وليد بخاري ابلغ الرئيس عون في آذار الماضي خلال زيارته الاولى للقصر الجمهوري منذ العام 2019 ان الرياض لا تتبنى ترشيح احد لرئاسة الحكومة، ملمحا في هذا المجال الى انه تنفض يدها من الحريري او غيره، وكرر العبارة التقليدية بانها مع سيادة واستقلال لبنان، وانها لا تتدخل في الشأن اللبناني.

 

لكن هذا النأي بالنفس للموقف السعودي تجاه لبنان لم يسر على الموقف من حزب الله ، حيث شدد السفير بخاري في حينه على» نزع سلاح الميليشيات في لبنان» لصالح سلاح الدولة والشرعية، وقد يكون ما سمعه الرئيس عون من بخاري قد عزز قناعته بعدم التعويل على تكليف الحريري والانصراف الى خيار آخر.

 

منذ ذلك الحين لم يطرأ على الموقف السعودي اي تطور عملي وملموس يؤشر الى رغبتها في تعديل سياستها تجاه لبنان بطريقة ايجابية، لكنها اضطرت مؤخرا بعد تدخلات فرنسية متكررة ثم دخول واشنطن على الخط ايضا ان توعز الى سفيرها في لبنان لتنشيط التواصل مع السفيرتين الاميركية والفرنسية من باب المسايرة اكثر مما هو رغبة في الانخراط بحراك جدي للمساعدة في تاليف الحكومة او تقديم مساعدات إنية وفورية للبنان.

 

ومنذ ما يقارب الشهر على تكليف الحريري اخذت المملكة تتصرف على اساس انه لن يستمر في مهمته طويلا ، لكنها لم تحسب ان يبقى مكلفا ما يقارب التسعة اشهر قبل ان يقدم على اعتذاره. واليوم بعد تكليف ميقاتي لا يبدو ان الرياض ستبدل سياستها في الوقت الراهن، على الرغم من انها لا تضع فيتو عليه كما كان يحصل مع الحريري.

 

وبرأي مصدر سياسي مطلع على السياسة السعودية ان الرياض تنظر اليوم الى الساحة اللبنانية من منظار واحد، ولا ترى من وجهة نظرها سوى ان حزب الله يهيمن على كل الحكومات من خلال هيمنته على لبنان، ولذلك تعتقد انه لو جاء اي مرشح للحكومة لن يتغير الوضع ولن تتبدل المعطيات ومن الافضل ان لا تقحم نفسها في موضوع الحكومة والا تراهن على هذا المرشح او ذاك.

 

ويلفت المصدر الى انه لهذه الاسباب تكاد الرياض تتجاهل اعتذار الحريري ومجيء ميقاتي، لا بل انها امتنعت وتمتنع عن اصدار اية اشارة ايجابية واضحة في هذا الخصوص مفضلة التريث ومراقبة ومتابعة موقفي واشنطن وباريس.

 

وبرأي المصدر ان السعودية تحركت في بداية عهد الرئيس الاميركي بايدن نحو اتخاذ موقف اكثر مرونة عندما باشرت الادارة الاميركية الجديدة مفاوضات ناشطة مع طهران خشية ان ياتي الاتفاق على حسابها، وفتحت حوارا اوليا مباشرا مع ايران بوساطة عراقية عندما لاحظت ان واشنطن مهتمة بتحريك مساعي التسوية والحل في اليمن، لكنها تراجعت لاحقا وفرملت اندفاعتها هذه عندما انصرفت ادارة بايدن عن هذا التوجه مؤقتا واضعة نصب اعينها اولوية قضية النزاع مع الصين وروسيا.

 

من هنا يرى المصدر ان الرياض ليست في وارد احداث تغيير ايجابي في سياستها تجاه لبنان في ظل المعمعة التي تشهدها الساحتان الدولية والاقليمية في الوقت الراهن، وانها تفضل البقاء في الجانب السلبي بالنسبة للعلاقة مع لبنان الى حين انقشاع المشهد في المنطقة وتبلور مصير المفاوضات الاميركية الايرانية، ويلاحظ المصدر في هذا الاطار ان رد الفعل الخليجي على مجيء ميقاتي كان فاترا بسبب وطأة وتاثير الموقف السعودي الذي يبدو انه مرهون بالتطورات الاقليمية والدولية وليس بالتطورات السياسية اللبنانية الداخلية.

 

ويلفت المصدر الى ان تعاطي وسائل اعلام سعودية واخرى تدور في فلكها مع تكليف ميقاتي يتميز بالسلبية ويركز على النواحي التشاؤمية منذ اللحظة الاولى للتكليف، والى جانب ذلك فان تعامل هذه الوسائل مع ما حصل في خلدة اول امس، يعكس بوضوح هذا التوجه السلبي مع الوضع في لبنان من خلال تركيزها على الحدث وتصويره على انه صدام بين» عشائر لبنانية» وحزب الله.

 

ويعكس هذا النفس الاعلامي السعودي موقف الرياض او على الاقل جانبا كبيرا من سياسة المملكة تجاه لبنان، وهذا ما جعل احد السياسيين المخضرمين يقول في احد المجالس امس،»لا يراهن احدا على اي عون من السعودية في الوقت الراهن، ولعل اهتمامها بالساحة اللبنانية اليوم يكد ينحصر في تقديم بعض الدعم المالي المحدود لحلفائها من احزاب وجمعيات وافراد لمقارعة او تركيز حملاتها على حزب الله في كل وقت ومناسبة».

 

اما الكلام عن رغبة لبنان في مد اليد والانفتاح على الخليج فهو يبقى مجرد كلام ، طالما ان السعودية ماضية في سياسة التشدد تجاهه بحجة انه يشكل الحديقة الخلفية او الامامية لطهران.