Site icon IMLebanon

قرار رفع الدعم أدخل لبنان منعطفا بالغ الخطورة

 

الموقف السعودي يفتح الباب لاستعداد خليجي للمساعدة بعد تشكيل حكومة موثوقة

 

 

أدخل قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة القاضي برفع الدعم عن المحروقات، البلد في منعطف بالغ الخطورة بالنسبة إلى التداعيات الكارثية التي ستصيب جميع المرافق، وهذا ما أشار إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في الاجتماع الوزاري الذي ترأسه في السرايا الحكومية، أمس. بحيث أن كل شيء سيتأثر بهذا القرار الذي لا يلقى قبولاً من جانب رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس دياب، إضافة إلى قوى سياسية، في حين أن هناك أطرافاً أخرى تؤيده وتدعو إلى تطبيقه. وفي ظل إصرار الحاكم سلامة على قراره الذي سيرفع سعر صفيحة البنزين إلى ما يقارب الـ236 ألف ليرة، فإن حجم هذه التداعيات لا يمكن تصوره في المرحلة المقبلة، مع ارتفاع وتيرة الاحتجاجات الشعبية العارمة التي عمت مختلف المناطق، والمرشحة للتصاعد أكثر فأكثر، رفضاً لقرار «المركزي»، وبعد التحذيرات التي أطلقها رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، من أن موجة واسعة من العصيان المدني سيشهدها لبنان، إذا لم يعد الحاكم سلامة عن قراره في الأيام المقبلة، في ظل الرفض الواسع الذي يواجهه.

 

واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، فإن حاكم «المركزي» يبدو مصراً أكثر من أي وقت مضى على موقفه برفع الدعم، وهو أبلغ هذا الأمر إلى كبار المسؤولين، باعتبار أنه لا يمكن المس بالاحتياطي الإلزامي مهما كلف، إلا من خلال تشريع قانوني من مجلس النواب، يجيز له ذلك، وبما يرفع المسؤولية عنه، حيث أن وجهة نظر الحاكم سلامة ومجلس الحاكمية، تؤكد أن استمرار الدعم غير ذي جدوى لأنه يذهب إلى جيوب التجار والمهربين، أما المواطن فلا يستفيد منه في ظل هذا الوضع. وطالما أن الدولة وأجهزتها الأمنية غير قادرة على مواجهة عمليات التهريب، فإن «المركزي» لا يمكنه الإبقاء على سياسة الدعم التي لن يستفيد منها إلا المهربون. وتشير المعلومات أن مصرف لبنان لن يوفر الدعم للمحروقات بعد اليوم، الأمر الذي سيفتح الأبواب أمام موجة احتجاجات على نطاق واسع في جميع المناطق اللبنانية، مع ما لذلك من مخاوف على الاستقرار الأمني والسلم الأهلي.

 

وما يزيد المخاوف من اتساع نطاق الانهيارات التي تضرب جميع مرافق الدولة، عجز المعنيين بتأليف حكومة جديدة، من تحقيق هذا الهدف بعد 8 اجتماعات بين الرئيس عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن عقبات أساسية لا تزال تحول دون حصول الولادة، ما يطرح مخاوف جدية من أن يكون الرئيس ميقاتي على طريق الاعتذار، وإن لم يشر إلى ذلك، في ظل عدم التوافق حتى الآن على توزيع الحقائب الوزارية، بدليل تأجيل لقاءات الرئيسين عون وميقاتي إلى الأسبوع المقبل، وهذا مؤشر على استمرار الخلافات التي لا تزال تعرقل تأليف الحكومة التي ينتظرها اللبنانيون والمجتمع الدولي والدول المانحة، من أجل إنقاذ لبنان من مأزقه.

 

وقد توقفت أوساط سياسية، عند تأكيد المملكة العربية السعودية، تضامنها مع الشعب اللبناني، وإن شددت على أن أي مساعدة للحكومة الحالية أو المستقبلية تعتمد على قيامها بإصلاحات جادة وملموسة، وفقًاً لبيان لمجلس الوزراء السعودي، مع «ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها وتجنب الآليات التي تمكن الفاسدين من السيطرة على مصير لبنان»، مشيرة إلى أن هذا الموقف من جانب المملكة، يؤشر بوضوح إلى أن الرياض مستعدة لتقديم المساعدات إلى لبنان، بعد تأليف حكومة جديدة قادرة على استقطاب ثقة العرب والمجتمع الدولي، وهذا الأمر ينسحب على دول مجلس التعاون الخليجي الذي أبدى استعداده، على غرار المملكة لإخراج لبنان من أزمته. وهذا يفرض على المسؤولين الإسراع بالتأليف، وتجاوز المصالح الفردية والحزبية، من أجل مصلحة لبنان وشعبه الذي يعاني ظروفاً بالغة التعقيد على أكثر من صعيد. ولذلك فإن أسرع الطرق للخروج من هذا المأزق، هو بالعمل من أجل تشكيل حكومة موثوقة وقادرة على تنفيذ المهام المطلوبة منها.