حملة سعودية لمقاطعة لبنان مع غربلة سياسية مُرتقبة لعاملين لبنانيين على اراضيها!
لم يتلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الكثير من الدعم السياسي الدولي، من خلال سماعه كلمات المديح والتشجيع بتشكيل حكومته، بعد مضيّ فترة على تكليفه، الامر الذي لن يشجعه كثيراً على المضيّ بهذه المغامرة، المعروفة النتائج سلفاً، خصوصاً في حال لم تمّد له ايادي العون، بعد ان وصل مطوّقاً بالتناحر من قبل الفريق الاخر، المفترض ان يشكّل معه ثنائية نشيطة لتحقيق ما يمكن، عبر عملية إنقاذ سريعة تنتشل لبنان من قعر الهاوية، مع غياب لافت للدعم العربي المطلوب، بإستثناء مصر التي سارعت الى الترحيب بالحكومة الجديدة التي ساهمت سياسياً في إيصالها.
اما الدعم المطلوب اليوم، وفق مصادر سياسية متابعة، فهو من المملكة العربية السعودية، لكنه بقي غائباً على الرغم من مضيّ اسبوع على تشكيل الحكومة الميقاتية، ومع ذلك لا يزال الصوت السعودي خافتاً غير مهتم، فلا بيان تأييد او دعم او ما يشبهه، بل سكوت يحمل في طياته رسائل وصلت بسرعة ولا تراجع عنها، فالمملكة غير راضية، والمؤشرات تؤكد بأنّ الرياض لا تغطي أي رئيس حكومة، اوصله حزب الله الى التكليف ومن ثم الى السراي، مع دفعه الى عبور بنود بيان وزاري، يستعين دائماً بالكلمات المرنة في اللغة العربية، وبتدوير الزوايا ليحقق ما يريد، وهكذا كان عبر الحكومات المتعاقبة.
ورأت المصادر بأنّ واشنطن وباريس لم تفلحا في إقناع المملكة، بإسترجاع لينان الى الحضن السعودي، كما أن اللقاء الثلاثي في روما، وزيارة السفيرتين آن غريو ودوروثي شيا الى الرياض، ودخول الوسطاء على الخط منذ اشهر، لم يحققوا أي اختراق في موقف الرياض ، وإعتذار الرئيس سعد الحريري عن التكليف، لم يفلح في فتح الدرب المقفل، حتى اتى ميقاتي ليحّل مكانه ، علّه ينجح بكسب الرضى ، لكن النتيجة لم تتقدّم ولو ببضع خطوات، وما لم يحصل عليه الحريري لن يحصل عليه ميقاتي بالتأكيد، طالما انّ البعض يتحكّم بالرئاسة الثالثة، والنتيجة لا مساعدات مادية واقتصادية، وهذا ما اوضحته كواليس الإجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء السعودي الذي إنعقد يوم الثلاثاء، ولم يشر الى تشكيل الحكومة اللبنانية، واللبيب من الإشارة يفهم.
واللافت انّ تشكيل الحكومة اللبنانية، تزامن مع حملة في الشارع السعودي طالبت بمقاطعة لبنان، أيدتها بعض وسائل الاعلام السعودية، وتفاعلت معها وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب تحويل لبنان الى مصدر كبير لتهريب المخدرات الى المملكة.
في غضون ذلك، تتفاقم لاءات الرياض وبالجملة، وهنالك همسات عن إمكانية الإستغناء عن بعض العاملين اللبنانيين في المملكة، تحت عنوان الغربلة والتدقيق بماضيهم وحاضرهم السياسي، وسط معلومات بأنّ ميقاتي لن ييأس، وسيطلب موعداً لزيارة السعودية قريباً، خصوصاً أنه عبّر عن رغبته في إعادة تواصل لبنان مع الدول العربية، وهو يعوّل على مصر والأردن وفرنسا والولايات المتحدة لتقريب هذا التباعد،. لذا لا يزال ميقاتي يتأمل بإستجابة الرياض لطلب باريس بإستقباله، لكن من جهة اخرى قد لا تتقبّل العاصمة السعودية الطلب الباريسي، من الرئيس ماكرون الذي انتج اتصاله بالرئيس الايراني رئيسي، تشكيلة لحكومة ميقاتي قبل اسبوع، والتي تطلق عليها المملكة تسمية حكومة حزب الله، مما يعني ان فرنسا ستجهد لتحقيق هذا الطلب، ولن تظهر الأمور الا بعد أن تعطي السعودية الضوء الأخضر، لزيارة ميقاتي الى الرياض، واجتماعه مع وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان.
ومن جهة الامارات، فتشير المصادر المذكورة الى انّ الوضع هناك ليس افضل من السعودية، لانّ ترؤس ميقاتي للحكومة اللبنانية، لن يغيّر في موقف دول الخليج حياله، بحيث تصفها بحكومة المحاصصة التي لن تستمر طويلاً، على ان ُتعطى فرصة لثلاثة اشهر او اكثر بقليل، اي مئة يوم لمعرفة ماذا انتجت في ظل هذه الظروف الصعبة، مع تشديد مراقبتها وخصوصاً رئيسها اذا كان اداة بيد اي دولة.
ولفتت المصادر الى انّ لبنان لم يعد في اولويات الدول الخليجية، التي ترى بأنّ الرياض هي عاصمة القرار العربي، مما يعني انّ العواصم الخليجية ليست في وارد استقبال ميقاتي في الوقت الراهن، لان الضوء الاخضر السعودي لم يطلق بعد.