IMLebanon

الیوم الوطني السعودي: تحدیات وإنجازات

 

دخلت السعودیة في العقد الأخیر من مئویتها الأولى، وذلك منذ أن قام المؤسس الملك عبد العزیز بن عبد الرحمن آل سعود بتوحید البلاد، جامعاً أغلبیة أجزاء شبه الجزیرة العربیة في كیان واحد. حیث عزم المؤسس رحمه الله على النهوض بمشروع الدولة من رماد التجارب السابقة، التي عانت خلالها السعودیة من استبداد الجیران والتصدعات الداخلیة، عاقداً العزم على أن یغیّر خریطة المنطقة، ویؤسس لدولة ثالثة ثابتة الاستمرار، وتشكل حجر زاویة الاستقرار.

 

السعودیة الثالثة واحدة من أهم دول منطقة الشرق الأوسط والعالم، حیث واصل أبناء الملك عبد العزیز المسیرة بعده، مانحین البلاد عقوداً من التقدم والازدهار، وتماسكاً في مواجهة الصعوبات والتحدیات، حتى حلّ عهد الملك سلمان بن عبد العزیز، لیرعى مرحلة جدیدة من تاریخ المملكة، یتولى زمامها ولي عهده الأمیر محمد بن سلمان، الذي التزم بدور المملكة الإنساني والتنموي الكبیر في مساعدة الدول الأكثر حاجة والمتضررة من الكوارث الطبیعیة والأزمات الإنسانیة والتنمویة على المستویین العربي والإسلامي، مع التشدید على حرص المملكة في المساعدة لتعافي الاقتصاد العالمي، من خلال الجهود التي بذلتها بالتعاون مع حلفائها في تحالف «أوبك بلس»، وفي إطار مجموعة العشرین، بغیة تعزیز استقرار أسواق البترول العالمیة وتوازنها وامداداتها، على نحو یحفظ مصالح المنتجین والمستهلكین. وقدّمت المملكة مبادرات نوعیة أبرزها ، مبادرة السعودیة الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، والاقتصاد الدائري للكربون، وأطلقت رؤیة 2030 لتحقیق الازدهار وصناعة مستقبل أفضل، ولدعم الصناعات المحلیة وتطویر البنیة التحتیة، وتقنیات الاتصال، وحلول الطاقة، بالإضافة إلى تمكین المرأة والشباب، وتحسین جودة الحیاة للمواطنین.

 

في الوضع الداخلي بُنیت سیاسة المملكة على التطویر والانفتاح، وعلى التواصل المباشر بین القیادة وبین الشعب والمواطنین، وهذه هي المبادئ العامة التي تقوم علیها السیاسة الداخلیة السعودیة، والتي انطلقت من خلالها المملكة لتكون دولة حضاریة حدیثة. وهذا بحدّ ذاته یشكل هاجساً لمن یعمل على استهداف السعودیة، وتفتیت المنطقة على أسس مذهبیة، وإذا ما أضیف له ماهیة سیاسات المملكة الخارجیة المنفتحة، یمكننا أن نفهم لماذا تستهدف السعودیة، ویحاول البعض النیل من هویتها العربیة الجامعة.

 

على صعید السیاسة الخارجیة، فقد سعت السعودیة الثالثة لتوطید الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ودعم الحوار والحلول السلمیة، وتوفیر الظروف الداعمة للتنمیة والمحققة لتطلعات الشعوب، ورعت بقیادة الملك سلمان، حفظه الله، اتفاقیة بین أعضاء مجلس التعاون لدول الخلیج العربیة، وساهمت في مجموعة أصدقاء السودان مساهمات فاعلة، ودعمت جهود العراق لاستعادة عافیته ومكانته، والجهود الرامیة لتحقیق السلام والاستقرار في أفغانستان، ودعت لحل سلمي لمشكلة سد النهضة یحفظ حقوق مصر والسودان المائیة، ولحلول سلمیة برعایة الأمم المتحدة لأزمات لیبیا وسوریا. كما حضّت على إیجاد حل عادل ودائم للقضیة الفلسطینیة على أساس قرارات الشرعیة الدولیة ومبادرة السلام العربیة، لتكفل حق الشعب الفلسطیني بإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقیة. كما قدمت المملكة في آذار الماضي مبادرة سلام في الیمن، إلا أن میلیشیات الحوثي رفضتها ما قضى على فرص إنهاء الصراع وحقن الدماء ووضع حد لمعاناة الشعب الیمني. ودعمت المملكة الجهود الدولیة التي تمنع إیران من تطویر سلاح نووي، معلنة عن استعدادها لبناء علاقات تعاون معها مبنیة على مبادئ وقرارات الشرعیة الدولیة، واحترام السیادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلیة، حال وقفها جمیع أشكال الدعم للجماعات الإرهابیة والمیلشیات الطائفیة. كما أن المملكة استمرت في التصدي للفكر المتطرف القائم على الكراهیة والإقصاء، كونه یسعى لنشر الفوضى والدمار وبسط الهیمنة والنفوذ.

 

وبالتالي، في الوضع الخارجي، بُنیت سیاسة المملكة على أساس التمسك بالحقوق الوطنیة والحقوق العربیة المشروعة، والتصدي لمحاولات القضاء على العروبة وتقسیم المنطقة، ونشر الفوضى الخلاقة من خلال دعم الجماعات الإرهابیة التي تعیث في الأرض فساداً ودماراً.  وعندما تكون المؤامرة على المملكة بهذا التعقید، لا یمكن لأي جهة أن تنال منها، لاسیما أنّ شعبها متعلّق بالقیادة، ولأن المملكة قد انطلقت مؤسساتیاً بشكل كبیر، والاندماج الاجتماعي فیها یمثل كل شرائح المجتمع، وغالبیة المواطنین على درجة عالیة من الوعي، وتمتاز بفكر عروبي صلب، الأمر الذي یحصد ثباتاً في المواقف یظهر بشكل لا لبس فیه للعلن.

 

ختاماً، نبارك للسعودیة عیدها الوطني الواحد والتسعین، ونشدّد على أنّ المملكة قاومت وصمدت ونهضت باقتصادها، بإرادة شعبیة ووطنیة وعربیة، وإن كانت تتعرض لمؤامرات واعتداءات ترمي إلى النیل من سیادتها وحقوقها وأراضیها، إلا أنها ما تزال وستبقى صامدة مقاومة متمسّكة بهویتها وأصالتها العربیة، وحقوقها الوطنیة المشروعة.