ابان المعارك العسكرية التي دارت رحاها في جنوب لبنان مع العدو الإسرائيلي في العام 2006، سمعنا، للمرة الأولى ربما ان ثمة نية لتعديل مرتقب للحدود الجغرافية بين دول المنطقة التي اقرها اتفاق سايكس بيكو، وثمة انموذجا من هذه الفوضى الخلاقة سوف يخيم على هذه الدول.
مضت فترة من الزمن من دون ان نلاحظ تبدلا في الواقع العربي واللبناني باستثناء الفوضى التي لم تكن خلاقة بالتأكيد. لكن هذا الشعور لم يلبث ان تبدد في تونس عندما جرت الإطاحة بحاكم هذه الدولة المغربية فيما بقيت باقي الدول ما عدا الجزائر في حالة ثبات وترقب. لكن سرعان ما بدأت رياح التغيير تلفح وجه ليبيا والعراق ومصر وبدأ الوضع القائم بهذه الدول ينهار الواحد تلو الآخر من دون ان نتبين الى اين سيؤدي هذا التغيير.
ولعل المثل الأبرز ما حصل في العراق حيث جرى تبدل سريع وغير مخطط له لطبقة القيادة السياسية. اما في مصر فقد حصل تغيير جذري في النهج الحاكم الذي صار بين يدي تنظيم الأخوان المسلمين وتحقق حلم هذه الفئة من السياسيين الذي كانت تنادي به منذ ايام عبد الناصر لكن هذا الحلم سرعان ما تبدد وحل محله نهج سياسي مختلف وما زال موجودا حتى اليوم.
لكن ما حصل في سوريا هو اكبر بكثير مما حصل في باقي الدول العربية لأن عملية تهجير الشعب السوري بعد احتلال جزء من اراضيه ما جعلنا نظن ان الشعار الذي اطلق على المنطقة يجب تطبيقا له في سوريا بحيث بقي النظام السابق ممسكا بقسم من الأرض يمارس القضاء عليها فيما دول اخرى تسيطر على الأقسام التي توجد فيها قواته العسكرية.
ويمكن القول ان الفوضى الخلاقة التي تحدث عنها الغرب قد طبقت بكامل شروطها في سوريا.
اما في لبنان ومع انه لم تكن توجد معارك عسكرية فإن هذا البلد لم يكن بعيدا عن الصراع السياسي والإقتصادي والمالي الذي ادى الى انهيار العملة الوطنية بحيث راحت مختلف القطاعات تتهاوى الواحد تلو الآخر.
لكن اتفاقا لم يكن سرا سوى علينا نحن تم التفاهم حوله ووقعته المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية برعاية صينية.
لم ينشر هذا الإتفاق لنعرف ماذا يتضمن لكن بدأت تظهر مكوناته من خلال ما ابتدأ يظهر من امور اخذت طريقها الى التنفيذ، مثل وقف القتال في اليمن وتبادل الأسرى والتمثيل الدبلوماسي والزيارات البروتوكولية ما يعني ان حالة الحرب والعداء بين السعودية واليمن قد انتهت وحل محلها الود والتفاهم.
صحيح ان الإتفاق المشار اليه هو محصوربين السعودية وايران الا انه سوف ينعكس ايجابا على كل المشاكل الأخرى التي لهذين البلدين او لحلافائهما علاقة ما.
لكن لا ينبغي ان نغرق في التفاؤل وان كان هذا التفاول من النتائج المنطقية التي تنسجم في اسبابها وظروفها مع المشاكل الأخرى والأمور الأخرى ذلك لأن الجو العام يوحي بأن الفرقاء اتفقوا على حل كل المشاكل فيما بينهم بالطرق السلمية هذه المسيرة سوف تستغرق بالتأكيد وقتا اطول.
لكن وبالرغم مما تقدم نحن في لبنان بالرغم مما تقدم نريد حلا لنا وهذا الحل لطالما كان مرتبطا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية واننا نعتقد ان متحاورين قد بحثوا في جميع المشاكل التي تعنيهم ولم يتطرقوا الى مسألة انتخاب رئيس جمهورية لأن الظن بأن هذا الإنتخاب ليس مشكلة بحد ذاته وانما سيكون حلا ايجابيا عندما يتم الإتفاق عليه لهذا نتمنى على ابناء بلدي ان يعتبروا ان انتخاب رئيس جديد للجمهورية ان ازمة لبنان قد انفرجت.
* مدعي عام التمييز سابقاً