تفيد المعلومات الواردة من العاصمة الأميركية أن المملكة العربية السعودية مهمة جداً للولايات المتحدة لاعتبارات عدة أبرزها الآتي:
1 – كونها دولة نفطية كبيرة ليست منافستها سهلة. فالاكتفاء الذاتي النفطي الذي نجحت أميركا في تحقيقه للتخلص من الاعتماد على نفط الخارج وخصوصاً نفط الشرق الأوسط لا يبدو ثابتاً ونهائياً لأسباب عدة اقتصادية ومالية. إذ أظهر انخفاض أسعار النفط أن “النفط الصخري” الذي أمَّن للأميركيين الاكتفاء المذكور لا يمكن الاعتماد عليه كثيراً في ضوء كلفته المرتفعة. والانخفاض المشار إليه لا يحصل للمرة الأولى ولذلك فإنه قد يتكرر.
2 – تخلق أسواق السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي فرص عمل لأكثر من مليوني مواطن أميركي وذلك جراء استيرادها الواسع للسلع الأميركية المدنية والعسكرية والخدمات. هذا فضلاً عن المبالغ المالية الكبيرة التي أنفقتها المملكة على طالبي العلم من أبنائها في مدارس أميركا وجامعاتها التي بلغت نحو سبعة مليارات دولار، والمبالغ الأخرى الضخمة التي أنفقت ولا تزال تنفق على السياحة والطبابة.
3 – الموقع الاستراتيجي للسعودية وبنيتها التحتية العسكرية القادرة على استعمالها فوراً الولايات المتحدة عند شعورها بالحاجة الى حماية أمنها القومي وأمن حلفائها.
4 – كون السعودية مركزاً للعالم الاسلامي بسبب وجود الحرمين الشريفين على أرضها واحتوائها على مقدسات تجذب ملايين المسلمين الى زيارتها.
وتفيد المعلومات نفسها أيضاً أن التعاون بين واشنطن والرياض، الذي أعيد البحث فيه والتفاهم عليه بين الرئيس باراك أوباما والملك سلمان بن عبد العزيز، سيتركز على العمل لإقناع إيران بعدم التمدد سياسةً ونفوذاً وربما عسكراً في الخليج أو بوقف السعي الى تحقيقه، كما لإقناعها بأن سياسة التعاون مع محيطها ومع أميركا أكثر فائدة للجميع.
هل تعني هذه المعلومات أن إعلان المملكة العربية السعودية “التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب” الإسبوع الماضي جاء نتيجة تشاور أو توافق مع واشنطن، وخصوصاً بعدما أخذت إيران ما تريده من أميركا والمجتمع الدولي بالاتفاق النووي المعروف، ورفضت التحاور مع أميركا حول القضايا الخلافية الإقليمية، وعادت إلى التمسك بمشروعها الإقليمي المعروف بالتعاون مع روسيا فلاديمير بوتين؟
لا أحد يمتلك حتى الآن جواباً حاسماً عن هذا السؤال، لكن يمكن ملاحظة أن السعودية التي اعتادت منذ تأسيسها، باستثناء مواجهة الستينات مع مصر عبد الناصر في اليمن، الانكفاء عند الضغوط ومحاولة حلّ المشكلات والأزمات بالحسنى، بدأت تسلك طريق المواجهة أولاً في البحرين وبعد سنوات قليلة في اليمن، ثم بعد أشهر بإعلان التحالف المذكور. ويبدو أنه يستهدف وضع حد لنفوذ إيران وحلفائها المتمادي بقدر ما يستهدف إرهاب “داعش” و”النصرة” والتنظيمات الإسلامية السنية الأخرى المتطرفة جداً. علماً أن أميركا قد تحاول الإفادة من هذا الأمر سواء استشيرت به أم لا أو عرفت به قبل حصوله أم لا، تماماً مثلما أفادت من “داعش” في العراق، وهو التنظيم الذي لم تخلقه هي، لمنع إيران من السيطرة عليه كلياً ولإقناعها بأن مشروعها من طهران الى غزة مستحيل وخصوصاً ما يتعلق منه بوجودها النافذ شرقي المتوسط وعلى حدود إسرائيل.
في أي حال وتلافياً لأي لبس، يقول متابع أميركي جدي لسياسات بلاده وحكوماتها في هذه المرحلة إن العرب لا يفهمون الاستراتيجيا الاميركية الدولية والشاملة، ثم يعطي بعض عناوين هذه السياسة وهي الآتية:
1 – منطقة الشرق الأوسط ليست مهمة استراتيجياً لأميركا.
2 – السعودية ودول الخليج العربية وحدها مهمة لأميركا وستدافع عنها، لكن لن تكرر خطأها في العراق مرة ثانية في دولة أو دول أخرى.
3 – التهديد لأميركا ومصالحها يأتي من روسيا والصين.
4 – يستهدف تهديد المتطرفين الاسلاميين روسيا أولاً والصين ثانياً وبعدها أميركا.
5 – إذا كان “التحالف” الذي شكّلته السعودية يريد مساعدة أميركا فستقدمها له (تدريب – مراقبة – استكشاف جوي – تبادل معلومات وخبرات – دعم بالطيران الحربي). علماً أن هذا التحالف لم تخض دوله يوماً معركة أو معارك مشتركة، ولذلك ينقصها التدريب والمعلومات والتنسيق واللوازم اللوجستية. وأميركا قد تُقدّم ذلك.