Site icon IMLebanon

هل ينتظر لبنان مرحلة “سين – سين” جديدة؟

 

 

هلّل حلفاء سوريا في لبنان لخبر تعيين السعودية أخيراً سفيراً لها في سوريا، بعد نحو عام على إعلان دمشق والرياض استئناف العلاقات الديبلوماسية بعد انقطاع دام لأكثر من 10 سنوات، «توّاقين» إلى مرحلة «سين- سين» جديدة. وجاء إعلان السعودية لهذا الخبر بعد أيّام من لقاء جمع الرئيس السوري بشار الأسد مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على هامش اجتماع مجلس «جامعة الدول العربية» في البحرين. وكان الأسد دُعي إلى القمة العربية في جدة في أيار 2023 واستعادت سوريا عضويتها في جامعة الدول العربية، واعتُمدت خطوات عربية – خليجية أخرى انفتاحية على سوريا.

 

مع الخطوة السعودية الأخيرة عادت التساؤلات أو «التمنيات» حيال مرحلة «سين- سين» جديدة تطبع العلاقة بين السعودية وسوريا من جهة وتنعكس لبنانياً من جهة أخرى، عبر توكيل الرياض لدمشق بالملف اللبناني أو بجزء منه، على غرار مرحلة الـ»سين- سين» بين عامي 1990 و2005 أو أقلّه التفاهم على غرار الـ»سين- سين» عام 2008 والتي سقطت عام 2011 مع بدء الأزمة السورية. المؤيدون لعودة سوريا الفعلية إلى الحضن العربي وإلى لعب دورٍ في لبنان، يعوّلون على تفاهم سعودي – سوري ينعكس إيجاباً في بيروت على مستويات عدة تبدأ بالملف الرئاسي ولا تنتهي بملف النزوح السوري، وما بينهما تغليب كفة على أخرى بحيث تُصاب المعارضة الحليفة للسعودية بنكسة جرّاء السياسة السعودية الجديدة الانفتاحية على نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

 

عملياً، يقرّ الجميع من الأسد شخصياً مروراً بالاتحاد الأوروبي وروسيا وصولاً إلى واشنطن، بأن لا عودة للنازحين السوريين من الدول المجاورة لسوريا إلى بلادهم قبل إعادة الإعمار. ولا يزال الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يربطان إعادة الإعمار في سوريا بالحلّ السياسي الشامل في سوريا، ولا يعترفان حتى الآن بشرعية النظام السوري. وعبّر الاتحاد الأوروبي عن موقفه هذا المُختصر بأنّ الظروف غير متوافرة بعد لعودة «اللاجئين» إلى سوريا في مؤتمر بروكسل الأخير في 27 أيار 2023. وتوضح مصادر ديبلوماسية مطّلعة أنّ واشنطن لن توافق على ضخ أموال لإعادة الإعمار في سوريا من الهيئات المالية الدولية. وترى أنّ الدول العربية لن تضخ الأموال في سوريا بلا موافقة واشنطن. وبالتالي إنّ إعادة الإعمار في سوريا ليست قريبة التحقّق وتتطلّب مساراً طويلاً تتخلّله خطوات مطلوبة من النظام إذا أحجم الغرب عن السعي إلى إسقاطه. وبالتالي، أي علاقات ديبلوماسية لا تعني «تعويم» سوريا الأسد مالياً واقتصادياً. هذا فضلاً عن أنّ الأسد يشترط إعادة الإعمار لعودة النازحين، فهو على رغم أنّه يبدي ترحيباً بعودة مواطنيه إلى بلادهم يكرّر أنّ هذه العودة تتطلّب «إمكانات».

 

وتذكّر المصادر نفسها بأنّه جرى الرهان سابقاً على الحوار السعودي- الإيراني ثمّ اتفاق بكين والعلاقات الديبلوماسية بين البلدين، فيما لم يُترجم هذا الحوار بين طهران والرياض «ضدّ» واشنطن ومصالحها في المنطقة، بل ثبت أنّه جزء أو فرع من مفاوضات فيينا النووية. كذلك لم يُترجم هذا الحوار ترجيحاً لـ»المحور الإيراني» في لبنان أو على حساب المعارضة.

 

بالنسبة إلى المعارضة في لبنان، فهي لا تخشى من «سين- سين» تنعكس انتخاباً لمرشح «الثنائي الشيعي» وحليف الأسد رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وتعتبر أنّ الانفتاح السعودي على سوريا لم يبدأ الآن، بل منذ دعوة الأسد إلى المشاركة في قمة جدة وفتح القنصليات في البلدين فضلاً عن أنّ الامارات سبقت السعودية بتعيين سفير لها في دمشق. لكن هذا لم يبدّل شيئاً على صعيد دور سوريا، إذ إنّ دمشق خرجت من المعادلة، وزمن حافظ الاسد انتهى.

 

وتعتبر مصادر معارضة أنّ مجرد طرح «سين- سين» هو تقليل من شأن دول المنطقة، فهذه المعادلة كانت تصحّ زمن سوريا الاقليمية والدور والشراكة مع السعودية وسوريا التي تقدر على أن تلعب أدواراً عدة على مستوى المنطقة. أمّا الآن فأين سوريا؟ الأسد موجود بفضل شريكيه الروسي والايراني على الأرض فيما أنّ أجزاء كبيرة من سوريا خارج سيطرته. وتسأل: سبق وشارك الأسد في القمة العربية، ماذا بعد؟ مشيرةً إلى أنّ الاميركي لا يزال يرفض أي مساعدات لدمشق أو رفع العقوبات عنها.

 

إلى ذلك، يرى البعض أنّ «حزب الله» لن يسمح بأي دور لسوريا في لبنان، على رغم أنّهما جزء من محور واحد، فـ»الحزب» يعتبر أنّ المسألة اللبنانية من اختصاصه ولا يقبل أن تكون سوريا شريكة له في هذا الدور. فعندما كان النظام السوري في بيروت كان دور «حزب الله» ثانوياً وليس رئيسياً. لكلّ هذه الاعتبارات ترى جهات سياسية عدة أن لا « سين- سين»، بل سياسة إقليمية عربية خليجية لمحاولة إبعاد نظام الأسد عن إيران ضمن خطوات ديبلوماسية هادئة.