لا يجادل أحد في ان السعودية إكتوت بنار الإرهاب وقاتلت الإرهابيين أكثر من اي دولة اخرى، ولا ينكر أحد ان الرئيس باراك اوباما أعلن في حزيران من عام ٢٠٠٩، في ما يشبه اعترافاً دولياً، أن السعودية كانت الأنجح والأقوى في مكافحتها للارهاب وفي اجتثاث الإرهابيين.
وليس خافياً ان الإرهابيين تسللوا من الخارج وفجروا سيارة مفخخة في الرياض في ١٣ تشرين الثاني من عام ١٩٩٥ أي قبل عشرين عاماً تقريباً، وان إرهابيين متسللين ايضاً قاموا بتفجير أبراج الخُبَر في ٢٥ حزيران من عام ١٩٩٦ اي قبل ١٩ عاماً.
ومن المعروف ان وزير الداخلية السعودي الامير محمد بن نايف تعرّض لأربع محاولات اغتيال كان آخرها في ٢٧ آب من عام ٢٠٠٩، عندما كان مساعداً لوزير الداخلية للشؤون الأمنية، على خلفية سياسة الحزم والمناصحة التي طبقها في مكافحة الارهاب وخنقه!
على هذا الأساس لا يمكن تحميل السعودية “المسؤولية الأولى لوقف أفعال التكفيريين وإسلامهم الزائف”، على ما أشار اليه السيد حسن نصرالله، وخصوصاً عندما تكون المملكة في قلب المعركة ضد التكفيريين، لا بل انها تشنّ عليهم حرباً مستديمة، وكذلك عندما تكون، ومنذ زمن بعيد، هدفاً للأعمال الإجرامية الشنيعة التي يقوم بها هؤلاء، والتي أصابت أمكنة عدة في السعودية قبل ان تصيب الدول الأخرى.
منذ عقد ونيف والسعودية تدعو الى إنشاء منظمة دولية لمحاربة الارهاب، وسبق لخادم الحرمين الشريفين أن قدّم مبلغ مئة مليون دولار لتشجيع المجتمع الدولي على الإنخراط في عمل جاد ومسؤول لمكافحة التكفيريين والارهابيين، الذين اختطفوا الاسلام وشوّهوا صورته امام العالم، فإن كان هناك من يتصدى فعلاً لأفعال التكفيريين وإسلامهم الزائف، كما يقول نصرالله، فهي السعودية.
ربما على هذا الأساس كان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف قد اعلن صراحة خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفنلندي إركي تومبوجا في طهران في ٣١ آب الماضي، “ان مصالح كثيرة تجمع بين ايران والمملكة العربية السعودية كمحاربة التطرف والإرهاب في المنطقة”.
لا يتسع المجال لسرد كل القرارات التي اتخذتها السعودية في سياق حربها على الارهابيين، فلقد جاء حين من الوقت إضطر الملك عبدالله الى استدعاء السفراء المعتمدين في المملكة وإبلاغهم رسالة بمثابة صرخة مفادها ان الصمت العالمي عن تفشي ظاهرة الإرهاب سيؤدي الى ظهور جيل يؤمن بالعنف.
يكفي ان نتذكّر ان هناك ١٥ الفاً من الارهابيين من اميركا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وأوستراليا انخرطوا في صفوف “داعش” و”النصرة”… وعلى اساس كل هذا هل يجوز تحميل السعودية مسؤولية ما ولّدته مذابح النظام السوري، وسياسات التنكيل المالكية في العراق، من بيئة متوحشة استقطبت الإرهابيين والتكفيريين؟!