IMLebanon

السعودية والرّهان الخاطىء على دونالد ترامب

 

ضربة في العمق السعودي، كلّما ظنّ العالم أنّه حاصر إيران، أثبتت دولة الشرّ أنّها أقوى من الجميع، وتنبع هذه القوّة من تمكّنها بفضل أميركا أن تكرّس زعزعتها لأمن العالم الحيوي باستهداف النّفط ومنشآته ليس في المملكة العربيّة السعوديّة فقط بل في منطقة الخليج كلّه، «المسيّرات المفخّخة» قلبت موازين القوى خصوصاً مع عدم القدرة على تحديد مكان إنطلاق الدرون المفخّخة هل هو اليمن أم العراق الذي استهدف منشأتين نفطيتين تابعتين لعملاق النفط أرامكو في محافظتي «بقيق» و»هجرة خريص» في المنطقة الشرقية للسعودية، الدّرون قلبت موازين المعركة، وهي أخطر بكثير من الصواريخ الباليستيّة الإيرانيّة التي يتصدّى لها الباتريوت.

 

فيما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم السبت يحدّث وليّ العهد السعودي عن استعداد بلاده للتعاون مع المملكة في كل ما يدعم أمنها واستقرارها، يوم أمس الأحد كان البيت الأبيض يعلن أنّ «الرئيس دونالد ترامب يفكر في لقاء روحاني في نيويورك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل» في الوقت الذي كان فيه الكرملين الروسي يؤكّد أنّ السعودية لم تطلب مساعدة من روسيا، صرّحت أمس الأحد مستشارة في البيت الأبيض كيليان كونواي أنّ «القوات الأميركية مستعدّة للتّحرك حال أي هجوم إيراني على السعودية»، هذا تصريح يقول بشكل مباشر لن نفعل شيئاً في موضوع المسيّرات المفخّخة!

 

ثمة حقيقة على العرب مواجهتها وخصوصاً المملكة العربيّة السعوديّة بأنّ رهانهم الخاطىء على دونالد ترامب والرّضوخ لابتزازه لمليارات لا تعدّ ولا تحصى من بلد يفترض أنّه «شريك استراتيجي» ظنّاً منهم بأنّ «التاجر البلطجي» الأميركي هو فعلاً حليف داعم للسعوديّة في أخطر أزمة تواجهها على حدودها مع اليمن منذ نشأة الدولة السعوديّة، والأخطر أنّ تكون إيران فعلاً تستخدم ذراعها الميلشياوي في العراق لاستهداف نفط المملكة ومنشآته، في معادلة تحاول خلقها النفط السعودي مقابل النّفط الإيراني، وسط صمت عربي إلا من شجب وإدانة واستنكار!

 

المدهش هو تنصّل العالم الغربي من مهامّه تجاه السلوك الإيراني اكتفى الاتحاد الأوروبي بالتحذير «من تهديد حقيقي للأمن الإقليمي في الشرق الأوسط»، ما يهمّ الأمن النفطي العالمي تولّت طمأنة العالم عليه مستشارة البيت الأبيض معلنة أنّ «الولايات المتحدة، مستعدّة للسحب من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي إذا لزم الأمر، لتحقيق الاستقرار في إمدادات الطاقة العالمية، التي ستتأثر باستهداف أرامكو في المملكة العربية السعودية»، هذا هو ما يهمّ العالم فقط، وما على عرب الخليج أن سوى أن «يدبّروا رؤوسهم» في هذه المواجهة!

 

باستطاعة إيران تحريك أذرعها السرطانيّة في المنطقة كلّها ليسيّروا مئات بل آلالاف الطائرات المسيّرة المفخّخة وسيكون من الصعب التعامل مع سلاح من هذا النّوع يصعب رصده، المنطقة باتجاه أزمة ومواجهة أعنف على الأقل من قبل إيران لأنّ العرب عاجزون حتى عن الإتيان بردّة فعل تجاه ما يتعرّضون له وبشكل سافر لزعزعة أمن بلادهم، أخطأ العرب وأولهم المملكة عندما صدّقوا أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب «مصمم على تغيير نهج النّظام الإيراني»، أساساً لم يكن العرب والسعوديّة تحديداً في هذا المأزق اليوم إلا بسبب السياسة الأميركية التي رعت عودة الخميني وتفرّجت على تصديره للثورة والحروب التي موّلت أميركا وإسرائيل إيران فيها بالسلاح لمحاربة العراق العربي، كان الله في عون السعوديّة في لحظة أمنيّة مكشوفة من الصعب التكهن إلى أين سيصل الاستقواء الإيراني فيها، هذا ثمن متأخر يدفعه عرب الخليج الذين حتى الأمس القريب كانوا ما يزالون يظنون أنّهم باستطاعته شراء دول العالم لترسل جيوشها للدّفاع عنهم، لم يتنبّهوا أنّ العالم في العام 2019 وأن مشهد «عاصفة الصحراء» ولّى منذ زمن بعيد!