هل «طيّر» الاعلان السعودي عن التحالف العسكري الاسلامي وضم لبنان اليه، جلسات مجلس الوزراء المتعثرة اصلا ؟ وهل تبحث بلاد الحرمين عن صراع جديد مع ايران وسوريا وروسيا، تكون ساحته لبنان؟
بات لبنان، بنظر ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، «قُطرا» من الاقطار الاسلامية التي يتم استنفارها ساعة تدعو الحاجة الى تشكيل تحالف عسكري بثوب اسلامي لمواجهة ما تراه «الارهاب»، على ان يكون عمله العسكري في كل الاقطار الاسلامية ووفق الاحكام والشريعة الاسلامية، وبالتأكيد، فان لائحة المنظمات «الارهابية « التي سيستهدفها التحالف ستكون مصنفة وفق المعيار السعودي، طالما ان غرفة العمليات تقودها الرياض.
في خطوة غير مسبوقة في علاقات الدول واحترام سيادتها، اعلنت السعودية بـ «جناحها العسكري» الممثل بولي ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان، قيام تحالف عسكري اسلامي لمواجهة «الارهاب» من ضمنه لبنان، في عنوان عريض يحمل الكثير من التساؤلات المريبة حول طبيعة التحالف الهجين الغني بالصراعات بين الدول المنضوية فيه، وتورط دول اخرى مؤثرة في اطلاقه، في دعم المنظمات الارهابية في سوريا والعراق، فضلا عن الغاية من «ضم» لبنان الى التحالف، واي ارهاب مطلوب من لبنان مواجهته؟، «داعش» و«جبهة النصرة» المتمركزتين في جرود عرسال داخل الاراضي اللبنانية ؟، ام منظمات لبنانية ستصبح «أرهابية» وفق التصنيف السعودي.
وبرأي اوساط سياسية متابعة، فان اقل ما يمكن ان يقال عن التحالف العسكري الاسلامي الذي اكتشف اللبنانيون، ان بلدهم الذي يغرق المسؤولون فيه بالسبل التي تكفل «تصدير» نفاياته الى الخارج، جاءه «امر ملكي» بضمه الى تحالف لا قدرة له على تحمل اهدافه اللبنانية(؟)، بدأت تلوح منه دلالات ومؤشرات سمتها الاساسية جر لبنان وتوريطه في تحالف تقوده السعودية، يعمل وفق نسخة منقحة سعوديا عن المنظمات الارهابية في لبنان، والتي سيكون «حزب الله» في صدارتها.
وتلفت الاوساط الى المعلومات التي تحدثت عن كيفية تلقي لبنان «صدمة» التحالف العسكري الاسلامي! لمحاربة «الارهاب»، والتي تشير الى ان رئيس الحكومة تمام سلام فوجىء بالطرح السعودي عن التحالف، قبل ساعات من الاعلان عنه ، لكنه اعطى موافقة، سُوّق على انها «موافقة مبدئية غير ملزمة للبنان… مع سؤال طرحه مقربون من سلام.. «هل نبقى نتفرج على الارهاب»؟ وهذا «الالتزام» بالصمت… الذي وفى به سلام للسعوديين، اوقعه في ارباك سياسي وحرج مع القوى السياسية، وما زاد من ارباك سلام ان الرئيس سعد الحريري سبقه في الاشادة بـ «الخطوة» السعودية، ووصفها بـ «الخطوة التاريخية»، ليستدرك سلام بعد ساعات على الاعلان بالقول: «لقد تشاورت مع المسؤولين السعوديين في شأن قيام تحالف عسكري اسلامي، لبنان يجب ان لا يتردد، واي خطوات سيتم درسها استنادا الى الاطر الدستورية والقانونية»… لكن المؤكد، ان هذا الملف سيتسبب بازمة سياسية حادة، ستستدعي تعطيل اي جلسة حكومية، قد يُشتم منها رائحة لتمرير مشروع بنكهة سعودية، بمستوى ربط لبنان بتحالف عسكري مع دول عربية واقليمية متهمة بدعم الارهاب في سوريا وتستضيف ممثلي اجنحة عسكرية اسلامية ارهابية في مؤتمرها لما سمي بـ «المعارضة السورية»، وتصنّف «حزب الله» الذي يسجل انجازات عسكرية هامة في حربه ضد المنظمات الارهابية في سوريا وبخاصة في منطقة القلمون السورية المحاذية للحدود مع لبنان..ارهابيا!، واللافت ابقاء وزارة الخارجية اللبنانية خارج اطار التشاور او «استمزاج» للرأي.
وتعتبر الاوساط، ان السعودية تضع «حزب الله» والمقاومة الاسلامية ضد الاحتلال الاسرائيلي على لائحتها الملكية بالمنظمات الارهابية!؟ وتسخر الاوساط من الخطوة السعودية المريبة، الى حد التساؤل عما اذا كانت «داعش» نفسها ستكون ضمن التحالف!؟ وما المطلوب من لبنان ؟ ضرب «الارهاب» على ارضه؟ واين في جرود عرسال ام في «جرود» الضاحية الجنوبية؟ كل ما حملته المؤشرات الاولى للخطوة، تؤكد على النوايا العدوانية التي تحضرها السعودية ضد «حزب الله»، وتاليا ضد الدول المساندة لسوريا كسوريا والعراق، وهي خطوة ستكون مباركة من الولايات المتحدة الاميركية، لانها ستُشوّش على الحملة العسكرية الروسية التي حصدت الكثير من الانجازات والاهداف، كانت مفصلية في حركة الصراع العسكري داخل سوريا.
وتنبه الاوساط من خطورة ما يجري، وتعتبر ان الحماسة السعودية بجر لبنان الى تحالف عسكري تحت عنوان «اسلامي»، تشكل خطوة متقدمة لتفجير الاوضاع الداخلية في لبنان، سيما وان السعودية ستعمل على ان يكون «حزب الله» في اول صفحة من بنك الاهداف العسكرية للتحالف، من خلال استهداف «حزب الله» لما يشكله من تنظيم لبناني مقاوم للاحتلال ومواجه شرس للارهاب في سوريا… لهذه الدرجة السعودية منزعجة ومحبطة من الدخول العسكري الروسي المباشر في سوريا، وتنامي قدرات النظام فيها، بفضل الدور العسكري الرائد الذي لعبه «حزب الله» على مدى السنوات الاربع الماضية والدعم الايراني اللا محدود، والمتغيرات التي طرأت على المواقف الاوروبية من النظام في سوريا، والليونة التي سجلت في هذا السياق. فيما المفارقة التي تدلل على هزالة التركيبة التي سيقوم عليها التحالف الجديد الذي تقوده السعودية، سيما وان عملياته لن تكون في سوريا والعراق، من دون موافقة السلطات الشرعية فيهما، تتمثل في ضم فلسطين الى التحالف الاسلامي العسكري، وسط تساؤلات حول هوية الارهاب داخل فلسطين، هل هو الارهاب الذي يمثله الاحتلال الاسرائيلي ؟ ام «الارهاب» الذي سيُصنف في قطاع غزة الذي يخضع لسلطة حركة «حماس»؟ علما ان في تصنيف بعض الدول المنضوية في التحالف، ومنها مصر، فان حركة «حماس» منظمة «ارهابية»، وتعتبر السعودية حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين منظمة «ارهابية».
وتخلص الاوساط الى القول… ان «حزب الله» الذي يشارك بفعالية في الحرب على الارهاب داخل سوريا، وهو كان سباقا في قراءة مخاطر الارهاب على لبنان والمنطقة، لم يطلب من لبنان الرسمي ان ينضم الى هذه الحرب، ولم يمارس ضغطا لخوض معركة جرود عرسال اللبنانية من داخل الاراضي المحتلة، مراعاة للظروف اللبنانية المعقدة، لكنه لن يسمح بانضمام لبنان الى تحالف عسكري يحمل من الالغام ما يكفي لمنع وصوله الى لبنان.. فهل تتحول الخطوة السعودية الى لغم ينفجر في مجلس الوزراء.. فيُعطّل جلساته؟