لم يفرّط نائب زغرتا سليمان فرنجيه بثوابت فريق 8 آذار في أثناء مباحثاته الرئاسية مع الرئيس سعد الحريري، يؤكد المتابعون اللبنانيون الجديّون لـ”حزب الله” أنفسهم، لكنه استعجل وتصرّف كما لو أن الرئاسة صارت له. وربما ظنَّ أنه يستطيع، بتأييد الرئيس نبيه بري والزعيم وليد جنبلاط وبكركي، أن يضغط على “الحزب” كي يضمن تأييده. علماً أنه يعرف أن ضغطاً من أحد طرفي “الثنائية الشيعية” على الآخر مستحيل.
هل انتهت المبادرة الرئاسية للحريري؟
كل الدلائل تشير الى تعثُّرها. فجلسة الـ16 من الشهر الجاري المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية سيكون مصيرها مماثلاً للجلسات المماثلة منذ الشغور الرئاسي. والأخبار التي تسرّبت عن جلسة أخرى في الـ22 من الشهر نفسه سرعان ما تبخّرت. والتأكيدات تشير بأن لا رئيس في ما تبقى من السنة. أما في السنة المقبلة، فإن المساعي لإنجاح مبادرة الحريري ستستمر، لكن المتابعين الجديين أنفسهم يرجّحون إخفاقها، ويميلون الى الاعتقاد أن الاستحقاق الرئاسي عاد الى المربّع الرقم واحد، وأن تحريكه يحتاج الى مشاورات جديدة بين أفرقاء الداخل ومع المرجعيتين الإقليميتين لهم أي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإٍسلامية الإيرانية، كما يحتاج الى عودة الزخم الى تحرّك الدول الكبرى بعد اللامبالاة التي أُصيبت بها أخيراً. طبعاً حفلت السلسلة الأخيرة لـ”الموقف هذا النهار” منذ يوم الخميس الماضي بأسباب كثيرة دفعت المبادرة الحريرية الى حالها “التعيسة” الراهنة، لكن هناك سبباً آخر مهماً جداً لم يتم التطرّق إليه هو ابتعاد صاحبها عن التشاور، أولاً مع كبار “تيار المستقبل” وحلفائه من السياسيين والنواب والوزراء فيها قبل البدء في تنفيذها لأنهم يفترض أن يكونوا جزءاً من قراره، ولأنه يفترض أن يعرف أن مواقف غالبيتهم تعارض مبادرته وخياره الرئاسي. وقد تسبّب ذلك “بشرخ” غير ظاهر حتى الآن لأسباب كثيرة، وخصوصاً بعدما بادر الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري الى التصريح خطابياً أن “رئيسه” عندما يتخذ قراراً فلا كلمة تعلو على كلمته. فهو أظهر بذلك أن لا ديموقراطية في “التيار” لأن “الحكم” فيه ديكتاتوري وأن لا وزن لنوابه ووزرائه وكادراته، وأحرج الجميع، فكان لا بد من رد وقد أتى من البعض. والسبب الآخر أيضاً هو ابتعاد صاحب المبادرة عن التشاور مع حلفائه المسيحيين وفي مقدمهم “القوات اللبنانية”. علماً أنه لام الأخيرة في السابق لاتخاذها مواقف مغايرة لمواقف “المستقبل” وغالبية حلفائه من مشروع لقانون الانتخاب. وتسبب ذلك باحتقان وردود فعل بلغت الإعلام. لكن “لفلفة” هذا الأمر حصلت، غير أن ما في القلوب بقي فيها. وعندما اعترض زعيم “القوات” في اتصال هاتفي مع زعيم “المستقبل” على انفراد، رد الأخير أنكم رفضتم ترشيح العماد عون والآن يلوِّح بعض منكم باعتماده مرشحاً، ورفضتم مرشحاً توافقياً هو جان عبيد”، فعقّب الزعيم “القواتي” بأننا منذ البداية تركنا المجال لمرشح توافقي، وقد عرضنا عليكم ترشيح واحد من اثنين هما رياض سلامه حاكم مصرف لبنان وجوزف طربيه رئيس جمعية المصارف”.
هل يعيد حوارٌ ما بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الإيرانية أو استكمال لحوار بدأتاه في فيينا منذ أسابيع، على هامش اجتماعات ممثلي 17 دولة للبحث في آلية توصل الى تسوية للحرب في سوريا، الحياة الى المبادرة الرئاسية للرئيس سعد الحريري؟
الحوار الأول في فيينا لم يكن حواراً بكل معنى الكلمة. كان محاولة لسبر الأغوار والتمهيد لحوار حصلت بسعي من وزير خارجية أميركا جون كيري. لكنها فشلت بعد 12 دقيقة لان وزير الخارجية السعودية عادل الجبير بدأ الحديث بانتقاد تدخل إيران في اليمن وبتحميلها مسؤولية ما يجري فيه. فأجابه ندّه الإيراني محمد جواد ظريف: “صار لكم كمملكة سعودية 50 سنة في اليمن ماذا فعلتم؟ نحن دخلناه أمس. أنتم لم تفعلوا شيئاً. أنتم المسؤولون”. ثم تناول ظريف كارثة الحج في منى فحمي النقاش وانتهى الاجتماع بعد جدال بقول الجبير أنه سيوجه دعوة الى ظريف لزيارة المملكة. فرفض ظريف معتبراً أن تداعيات منى لم تنته بعد. فسأل الجبير: “كيف نلتقي إذاً”، أجابه ظريف: “في أحد المؤتمرات المقبلة أي في أحد الفنادق التي ستستضيفها”. وينطلق من ذلك المتابعون الجديون اللبنانيون الى تأكيد أمرين، الأول أن اجتماع فيينا هذا لم تكن له أدنى علاقة بلبنان، والثاني أن زيارة ولايتي لبنان أخيراً كانت لمناسبة زيارته دمشق لاطلاع الرئيس الأسد على ملخص لمحادثات رئيس روسيا بوتين في طهران.